منوعات

ما حقيقة تشكيل وكالة ناسا “لجنة دينية” تحضيرا للتواصل مع الكائنات الفضائية؟

زعمت مواقع إخبارية عربية وأجنبية أن “وكالة ناسا وظفت رجال دين لتقييم رد فعل البشر عند العثور على حياة جديدة على كواكب أخرى”. و حسب “منصة تأكد” نشرت قناة “روسيا اليوم” الادعاء عبر النسخة العربية لموقعها بتاريخ 28 ديسمبر 2021، ونسبته إلى “صحيفة الاندبندنت البريطانية”.

وانتشر الادعاء بشكل واسع في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي بعدما ساهمت العديد من المواقع الإخبارية بنشره عليها. ورصدت “منصة تأكد” لائحة منها ضمن تقرير دحضت في الادعاء نشرته بتاريخ 4 يناير 2022.

تعزيز الادعاء

ولتعزيز ذلك الادعاء زعم “مُنشِئُه” أن مهمة اللجنة الدينية المزعومة تهدف إلى تقييم كيفية تفاعل الأديان مع وجود حياة خارج كوكب الأرض وكيف يمكن أن يؤثر هذا الاكتشاف على مفهوم الله والخلق، ناسبا ذلك إلى جريدة «اندبندنت» البريطانية.

وأورد الادعاء تصريحات نسبها إلى علماء مفترضين في وكالة “ناسا” الأمريكية، منهم “كارل بيلشر”، الرئيس السابق لمعهد علم الأحياء الفلكي التابع للوكالة الذي نسب له القول إنه “تم تعيين علماء اللاهوت «للنظر في الآثار المترتبة على تطبيق أدوات العلوم في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الحادي والعشرين على الأسئلة التي تم أخذها في الاعتبار في التقاليد الدينية لمئات أو آلاف السنين».

ولإضفاء المصداقية العلمية على الادعاء تمت إعادة ما يتداول في الأوساط العلمية بشأن احتمال وجود حياة أخرى في مكان آخر غير الأرض في الكون. ونسب إلى “كارل بيلشر” انتقاد فكرة أن تكون الأرض هي الكوكب الوحيد الذي توجد عليه الحياة، قائلا، حسب ما نسب إليه: «هذا أمر لا يمكن تصوره عندما يكون هناك أكثر من 100 مليار نجم في هذه المجرة، وأكثر من 100 مليار مجرة في الكون».

ولم يكتف خبر الادعاء بهذا بل زعم بوجود “ورقة بحثية أعدها أحد العلماء العاملين مع «ناسا» في العام 2018 كشفت أن «الكائنات الفضائية» ربما تكون قد وصلت بالفعل إلى كوكب الأرض وزارته ثم غادرت قبل أن ينتبه أي من البشر لها، لافتاً إلى أن «تصورنا عن هذه الكائنات ربما يكون خاطئاً أصلاً».

واستعان الادعاء أيضا بما راج سابقا عن كون “علماء الفلك رصدوا إشارات قالوا إنها ربما تكون وردت إلى كوكب الأرض من مصدر مجهول عبر الكون”.

دحض الادعاء

وحسب تقرير “منصة تأكد” تحت عنوان “هل وظفت ناسا لجنة دينية تحضيرا للتواصل مع الكائنات الفضائية؟”، المشار إليه سابقا، أجرى فريق المنصة بحثاً باستخدام الكلمات المفتاحية المرتبطة بالادعاء أنّ “وكالة ناسا وظفت رجال دين لتقييم رد فعل البشر عند العثور على حياة جديدة على كواكب أخرى” فتبين أنّ الادعاء ملفق، حيث لم تظهر نتائج البحث المتقدم الذي شمل الموقع الرسمي لـ “وكالة NASA” أي نتائج داعمة له.

وحسب نفس التقرير أظهرت نتائج بحث فريق المنصة في موقع “صحيفة الأندبندنت البريطانية”، أنها نشرت بتاريخ 1 كانون الثاني/يناير 2022، نفيا للادعاء وذلك نقلاً عن “أسوشيتدبرس” التي تواصلت مع المتحدث باسم “وكالة NASA” في رسالة بريد إلكتروني وأكد أن الوكالة لم توظف أي عالم دين لدراسة رد الفعل المحتمل لدى البشر عند اكتشاف حياة خارج كوكب الأرض.

كيف بدأت القصة؟

بتاريخ 22 ديسمبر 2021، نشرت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية، حسب “منصة تأكد” مقالاً معنوناً بـ”وكالة ناسا تستخدم راهبا للتحضير لاكتشاف الكائنات الفضائية”، هذا العنوان المربك جعل العديد من الصحف والمواقع تسيء فهم المعنى الذي تضمنه المقال.

مقال الصحيفة، حسب نفس المنصة، تحدثت عن جهود الوكالة الأمريكية في استكشاف الفضاء والعوالم التي من الممكن أن تظهر فيها حياة أخرى غير التي نعرفها، وذكرت من جملة الأعمال التي قامت بها الوكالة، بأن برنامج علم الأحياء الفضائي التابع لها قام بتمويل مركز الاستقصاء اللاهوتي الذي يشار إليه بـ “CTI” عام 2015 وانتهى عام 2017، وذلك “لدراسة وتقييم الآثار المجتمعية لبرنامج علم الأحياء الفلكي التابع لوكالة ناسا وجهود البحث عن الحياة”.

وأشار المتحدث باسم الوكالة بأنه لم يتم تعيين الباحثين والعلماء المشاركين في هذه الدراسة من قبل وكالة ناسا، فهم ليسوا موظفين أو مستشارين أو متحدثين باسمها، ولكنهم حصلوا على تمويل من خلال “CTI” لإجراء ذلك العمل.

ما الذي أعاد الموضوع للواجهة مادام تمويل ناسا انتهى منذ 4 سنوات؟

أكدت “منصة تأكد” أن القس “أندرو دافيس” ، أحد الرهبان الذين شاركوا في البحث الآنف ذكره، أعلن أنه سينشر كتابًا هذا العام بعنوان “علم الأحياء الفلكي والعقيدة المسيحية”، وهو الكتاب الذي ذكرته “ذا تايمز” في مقالها.

وأكد دافيسون لوكالة “أسوشيتد برس” أنه “لم يتم تعيينه مباشرة أو دفع راتبه” من قبل “وكالة NASA” أو “CTI”، حيث أن جامعة كامبريدج واصلت دفع راتبه أثناء مشاركته في البرنامج.

هل نحن وحدنا في هذا الكون؟

سؤال تسعى “وكالة NASA” للإجابة عليه منذ عام 1998، ومؤخراً دعا علماء الوكالة المجتمع العلمي عبر دراسة نُشرت في دورية “Nature” لتوحيد الجهود الدولية وإيجاد إطار يمكن من خلاله الإجابة على هذا السؤال، وعلى الأسئلة المتعلقة بالبحث عن الحياة خارج كوكبنا.

ويأمل المؤلفون أن يلاحظ العلماء في المستقبل في الدراسات المنشورة كيف تتناسب نتائج البيولوجيا الفلكية الجديدة مع هذا الإطار، حيث يمكن للصحفيين أيضًا الرجوع إليه لتحديد التوقعات للجمهور في القصص متعلقة بالنتائج العلمية الجديدة ، بحيث لا تبدو الخطوات الصغيرة كقفزات هائلة.

الخلاصة حول تفنيد الادعاء

خلصت “منصة تأكد” عبر بحثها إلى أن الادعاء مجرد افتراء وأدرجته ضمن “قسم كذب باسم العلم” حسب منهجها في البحث، وخلصت إلى 6 استنتاجات حول النازلة. الأول يفيد أن “الادعاء بأنّ “ناسا شكلت لجنة دينية تحضيرا للتواصل مع الكائنات الفضائية” ادعاء ملفّق.

الثاني يتعلق بنفى المتحدث باسم “وكالة ناسا” في تصريح لـ “أسوشيتد برس” الادعاء السابق. الثالث يتعلق بكون وكالة ناسا قدمت فعلا تمويلا لمركز الاستقصاء اللاهوتي لكنه انتهى عام 2017 لدراسة وتقييم الآثار المجتمعية لبرنامج علم الأحياء الفلكي التابع لوكالة ناسا وجهود البحث عن الحياة.

الرابع، يتعلق بكون أحد الرهبان الذين شاركوا في البحث الآنف ذكره، أعلن أنه سينشر كتابًا هذا العام بعنوان “علم الأحياء الفلكي والعقيدة المسيحية”. والخامس يتعلق بكون نفس الراهب أكد أنه “لم يتم تعيينه مباشرة أو دفع راتبه” من قبل “وكالة ناسا”.

دعت الوكالة الأمريكية إلى توحيد الجهود العالمية للإجابة على الأسئلة المتعلقة بالبحث عن الحياة خارج كوكبنا.

المصدر: موقع “منصة تأكد” + مواقع إخبارية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *