مجتمع

وحشية وقسوة .. “تجار البشر” بليبيا يحولون حلم شباب مغاربة إلى كابوس (فيديو)

كشف تحقيق استقصائي أنجزته وكالة “سبوتنيك” الروسية، ما عاشه عدد من المهاجرين المغاربة المحتجزين، ضمنهم، “محمد رشيد” وهو شاب في عقده الثالث، من وحشية وقسوة على يد عصابات “تجارة البشر” في ليبيا، والتي تحتجزه منذ شهور، حيث تطالب ذويه في المغرب بالفدية من أجل إطلاق سراحه.

وقالت الوكالة، إن “محمد رشيد” بدأ رحلته من المغرب عبورا بالأراضي الجزائرية ووصولا إلى ليبيا بهدف الانتقال إلى إيطاليا والتي كانت عبر أكثر من وسيط، حيث كان رشيد يحلم بحياة أفضل في إيطاليا، إلا أن المهربين الذين اتفق معهم منذ البداية هم أنفسهم ضمن شبكات الاتجار في البشر التي تعمل بطرق ممنهجة بحيث تستقطب الشباب من مختلف الدول القاصدين الهجرة غير الشرعية لأوروبا ليحتجزوهم في مراكز داخل ليبيا والحصول على أموال طائلة عبر بيعهم لأكثر من عصابة، والتي تقوم بدورها بطلب فدية من أهاليهم إن لم يملكوا الأموال معهم.

والفدية التي تطالب بها هذه العصابات، بحسب أمين عام المنظمة العربية لحقوق الإنسان فى ليبيا عبد المنعم الزايدي، هي مبلغ مالي تطلبه العصابات أو المليشيات من أهل الضحية نظير الإفراج عنه، ولا توجد قيمة موحدة لهذه المبالغ، حيث يخضع الأمر لتقييم أفراد العصابات أو الجماعات المسلحة، وعادة ما تقدر بناء على علمهم بالحالة المادية للمختطف أو لأهله.

وقال المغربي محمد رشيد، لـ”سبوتنيك”، إن دفع الفدية يخضع لتفاوض حيث تطلب العصابات والجماعات مبالغ كبيرة في البداية على أمل الحصول عليها، وتتفاوض حتى الحصول على المبلغ الممكن.

وأشار إلى أنه ورفاقه نجحوا في الدخول من الحدود المغربية للجزائر، ومن ثم إلى مدينة وهران على بعد 432 كيلومترا عن العاصمة الجزائر، ثم مدينة ورقلة (شمال شرق الجزائر)، وصولا إلى مدينة دبداب أو الدبداب (تتبع إقليميا دائرة عين أميناس بولاية إليزي الجزائرية التي تبعد حوالي 250 كم شمالي عين أمناس ويربطهما طريق صحراوي، كما تربطها نقطة عبور حدودية مع دولة ليبيا).

عبر دروب يسلكها أفراد الشبكات انتقل محمد ورفاقه إلى الصحراء الليبية، وبعد دخولهم للصحراء ارتدوا جميعا ملابس نسائية ونقابا، فيما جلست سيدتان إلى جوار السائق للمرور من بوابات العبور، حيث يؤكد محمد أن وجود سيدات بالسيارات يعني عدم تفتيشها وتسهيل مرورها، ومن ثم نقلوا إلى مستودع به المئات من المهاجرين.

وأوضح محمد: “بعد احتجازنا في المستودعات طلبوا من كل شخص 1000 يورو لإعداد مركب التهريب إلى إيطاليا، إلا أنه وبعد يومين من حصولهم على المبلغ سلمونا لمهرب آخر نقلنا إلى مستودع آخر وسط أماكن صحراوية عبر دروب وعرة، وبعد 24 ساعة طلب منا أيضا 1000يورو وعندما قلنا أننا دفعنا للسابق مقابل التهريب، هددنا بتركنا في الصحراء وحتى قتلنا إن لم ندفع المبالغ”.

الشهادات التي وثقتها سبوتنيك للعشرات من جنسيات مختلفة اكدت أن سماسرة التهريب في الدول المختلفة هم ضمن شبكات المافيا الموجودة في الداخل الليبي، وأن المهاجرين غير الشرعيين يدفعون “فدية دوارة” أكثر من مرة داخل الأراضي الليبية قبل عبورهم إلى ليبيا أو عودتهم مرة أخرى إلى بلادهم حال عجزهم عن دفع كل ما يطلب منهم.

بعض التسجيلات التي وثقتها “سبوتنيك” لمهاجرين غير شرعيين مختطفين في الداخل الليبي يطلبون من أهلهم دفع المبالغ المطلوبة لأفراد سيتصلون بهم في بلادهم، وتسجيلات أخرى يهدد فيها افراد العصابات الأهل بقتل المختطفين إن لم يدفعوا الأموال المطلوبة.

ضمن هذه التسجيلات ما تقوله فاطمة من المغرب، بأن شقيقها متغيب منذ شهر أكتوبر وأنه محتجز لدى جهاز دعم الاستقرار، حسب ما أخبرها الوسطاء الذين طلبوا المال من أجل الإفراج عنه، كما يطلب محمد يوسف من أهله عبر رسائل صوتية دفع “الفدية” لأحد الوسطاء من الدار البيضاء الذي سيتصل بهم، كما هدد بالانتحار حال عدم تدخل أهله ودفع الفدية كونه لم يعد يحتمل التعذيب الواقع عليه.

تسجيل آخر وثقته “سبوتنيك”، يتحث فيه أحد أفراد المافيا، ويهدد أهل المختطف أنه سيقتل أبنهم إن لم يدفعوا الأموال المطلوبة منهم.

معظم التسجيلات التي حصلنا عليها من تضمنت رسائل متبادلة من المختطفين إلى أهلهم يطالبونهم بضرورة دفع الأموال للوسطاء من أجل خروجهم، ورسائل أخرى من الأهل للوسطاء تطلب تمديد الفترة المتاحة لجمع الأموال أو أنهم لا يستطيعون جمع الأموال، ورسائل صوتية أخرى لمطالبة جهات حقوقية وسياسية بالتدخل لحل الأزمة.

وقالت “سبوتنيك”، حصلت على قائمة مطولة بأسماء المختطفين وأماكن احتجازهم وكذلك المختفين منذ سنوات في الداخل الليبي، بناء على إبلاغ أهلهم أو معلومات من الضحايا الذين عادوا مرة أخرى إلى بلادهم، أو الاتصالات التي جاءت للأهل تطلب منهم الفدية مقابل الإفراج عن الأبناء.

ضمن الأماكن التي وردت في الشهادات والقوائم ” بئر الغنم، عيز زارة ، معسكرات طريق السكة، صبراتة، الزاوية، معسكرات مجهولة بمناطق العزيزية، الهيرة”.

في هذا الإطار، أشارت فاطمة بوغنبور الإدريسي المستشارة المنتدبة باللجنة الوطنية لرصد الخروقات بالمركز المغربي لحقوق الإنسان، قالت إن أعداد المهاجرين غير الشرعيين من المغرب المحتجزين في ليبيا في تزايد مستمر وأن القوائم تضم أكثر من 1500 مغربي.

وأكدت في حديثها لـ”سبوتنيك”، أن جلهم تحت التعذيب في السجون الليبي والمستودعات السرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *