سياسة

المقرئ الإدريسي يشرح أزمة الصحراء ويدعو للتوجه نحو إفريقيا

في محاضرة نظمها نهاية الأسبوع بمدينة مراكش، نسيج تانسيفت لهيئات المجتمع المدني، شرَّح المفكر والسياسي المغرب أبو زيد المقرئ الإدرسي الجذور التاريخية لقضية الصحراء المغربية، وأكد أن القضية تشهد في الآونة الأخيرة مؤامرة خطيرة ضد المغرب في منطقة الكركرات الحدودية، كما دعا إلى التوجه نحو القارة الإفريقية.

واعتبر المقرئ الإدريسي أن الزيارات الملكية الأخيرة لعدد من دول القارة السمراء، والتي وصفها بـ “الماراطونية”، أصبحت محط إزعاج للدول الغربية بسبب ما تمثله من عودة المغرب لعمقه الإفريقي الحضاري، وهو ما يجعل الغرب متخوفا من عودة قوة المغرب التي كانت عليها في قرون سابقة.

نظرية الخطوط الخمس والحالبين

أرجع المفكر المغربي تاريخ أزمة الصحراء إلى ما يزيد عن 6 قرون في عهد الملكة إليزابيلا، لما رسمت الملكة “المتعصبة” رفقة جملة من الفلاسفة والخبراء أثناء حصار غرناطة، نظرية الخطوط أو الأحزمة الخمس.

وأوضح المقرئ الإدريسي أن النظرية تقوم على تقسيم العالم إلى خمسة خطوط يتقدمها الخط الأبيض الذي يمثل القارة الأوروبية، ثم الخط الأزرق نسبة إلى البحر الأبيض المتوسط، يليه الخط الأخضر الذي يمثله العالم الإسلامي، ثم الخط الأصفر الذي هو الصحراء الكبرى القاحلة، انتهاء بالخط الأسود نسبة إلى الجزء الإفريقي ما تحت الصحراء.

وأكد المتحدث أن خطة الملكة المسيحية تأسست على حصار الحزام الأخضر ما بين البحر والصحراء، وقطع طريقه نحو الأعلى باحتلال سبتة ومليلية وجبل طارق، وتأسيس الكيان الصهيوني في الطرف الآخر لبحر الأبيض المتوسط، ثم قطع طريقه عن القارة الإفريقية لكي لا يعزز قوته باختلاق أزمة الصحراء بالمغرب وأزمة دارفور بالسودان، واللذان يشكلان ما يشبه حالبين يمكن المرور منهما ما بين العالم الإسلامي المتمثل في الخط الأخضر وبين دول جنوب الصحراء التي تفصل بين الجزئين.

الحل بالعودة للعمق الإفريقي

وشدد المقرئ الإدريسي في محاضرته التي حملت عنوان “الصحراء المغربية.. القضية والمسار”، على ضرورة تعزيز المغرب لعلاقته مع الدول الإفريقية، مؤكدا أن المستقبل الحضاري للمغرب يوجد في عودته إلى الاتحاد الإفريقي، مستشهدا بقولة للراحل عبد الكريم الخطيب لأعضاء حزب العدالة والتنمية لما كانوا يعدون البرنامج الانتخابي لسنة 1997، “المغرب إذا توجه إلى أوروبا سيكون ذيلا، وإذا توجه إلى إفريقيا سيصبح رأسا”.

وأضاف المحاضر بأن المغرب كان له دور ريادي في القارة السمراء على مر التاريخ، سواء من الناحية الدينية العقدية بحيث أشرف المغاربة منذ القدم على نشر دين الإسلام والمذهب المالكي السني في العمق الإفريقي، أو من الناحية السياسية بحيث كان المغرب مساندا وفاعلا أساسيا في حفظ استقرار جزء كبير من القارة الإفريقية، مستشهدا بتدخل يوسف بن تاشفين من أجل إيقاف الفتنة التي عاشتها الجزائر بين الشيعة والخوارج، وعمل على تصفية البلاد من الطائفية والاقتتال الذي لا يقل سوءا عن النموذج “الداعشي”، على حد تعبيره.

وتابع المقرئ الإدريسي أن الجذور الحضارية المغربية عبر التاريخ لا تتوقف في حدود المغرب المعروفة حاليا وإنما تمتد حتى واحة سيوا بليبيا غربا وإلى عمق القارة الإفريقية جنوبا.

وشدد المفكر والنائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية في المحاضرة ذاتها، أن القارة الإفريقية في عمقها إسلامية سنية مالكية المذهب، رغم ما تحاول الأمم المتحدة وكتاب الاستعمار ترويجه بأن الإسلام دين أقلية في القارة السمراء، مؤكدا على أن الإسلام هو دين أكثرية في أربعة أخماس القارة الإفريقية.

زيارات الملك لإفريقيا تخيف الدول الغربية

اعتبر المقرئ الإدريسي أن الزيارات الملكية المتتالية إلى الدول الإفريقية، تخيف بشكل كبير عدد من الدول الغربية، التي تنظر إلى انفتاح المغرب على محطيه الإفريقي محاولة منه إلى استرجاع بعده الحضاري الممتد في القارة السمراء.

وأكد المقرئ الإدريسي في المحاضرة ذاتها، على أن هذه الزيارات التي وصفها بـ “الماراطونية”، تشكل عقدة لدى الدول الغربية، وهي ما يفسر ارتفاع المناورات والمؤامرات المحاكة ضد المغرب بخصوص قضيته الوطنية الأولى المتعلقة بالوحدة الترابية.

إغلاق حدود المغرب والجزائر “هراء” و”انتحار” و”إجرام”

ودعا المفكر ذاته إلى فتح الحدود المغربية الجزائرية وعودة العلاقة بين البلدين على الأقل في بعدها الاقتصادي، مشددا أن ذلك يصب في المصلحة المشتركة للجارين، كما اعتبر أن الوضعية التي تعيشها الحدود المغربية الجزائرية هو “الهراء” و”الانتحار” والإجرام في حق الشعبين”.

وانتقد المقرئ الإدريسي واقع الحدود المغلقة بين البلدين، مؤكدا بأن حدودين في العالم كله مازالت مغلقة، وهي حدود المغرب والجزائر وحدود الكوريتين الشمالية والجنوبية،.

وأشار إلى وجود فارق بين الحالتين، حيث أن الكوريتين بينهما منطقة منزوعة السلاح تضم مدارس ومصانع ومناطق سكنية مشتركة، رغم واحدة شيوعية والأخرى محسوبة على التحالف الأمريكي، في حين يجمع المغرب والجزائر كل شيء لدرجة لا يمكن التفريق بين الشعبين، ولكن قد يضطر فرد من العائلة يتواجد بالمنطقة المغربية يفصل حاجز حدودي صغير عن جزء من عائلته إلى قطع آلاف الكيلومترات ليستقل الطائرة من الدارالبيضاء إلى الجزائر العاصمة ثم العودة إلى المنطقة الحدودية من الجانب الجزائري.

واستعمل المقرئ الإدريسي خلال حديثه في المحاضرة التي نظمها نسيج تانسيفت لهيئات المجتمع المدني، عبارات مختلفة لوصف الواقع “المر” للحالة الحدودية بين البلدين الجارين والذين تجمعهما الثقافة والدين والمذهب والتاريخ، من قبيل “الحماق” و”الجنون” و”الهراء” و”الانتحار” و”الإجرام”.

وانتقد المفكر المغربي ذاته إقدام المغرب على استجلاب الغاز الطبيعي من نيجيريا رغم ما سيكلفه ذلك بالنظر إلى المسافة الطويلة وعدد الدول التي سيقطعها أنبوب الغاز ليصل المغرب، في حين مازال بين المغرب والجزائر أنبوب وما هو ما سيجعل تكلفته أقل على المغرب بحكم القرب وأربح للجزائر.

الجزائر قنبلة موقوتة قد تفجرها وفاة بوتفليقة

من جهة أخرى، وصف المقرئ الإدريسي الواقع الداخلي الجزائري بمثابة القنبلة الموقوتة، معتبرا أن واقع البلاد قابل للانفجار في أي لحظة، محتملا أن تكون وفاة الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة شرارة هذا الانفجار، مشددا في الوقت ذاته على أن ذلك ليس في صالح المغرب خصوصا في ظل سياسة الجنرالات الجزائريين الذين يعمدون إلى تصريف أزمات البلاد الداخلية إلى صراعهم مع المغرب.

في السياق ذاته، حذر من توالي المخططات التي تهدف إلى تقسيم الجزائر إلى عدة بلدان، مؤكدا أن المخطط الفرنسي يهدف إلى تقسيمها إلى ثلاث دول متفرقة، فيما المخطط الأمريكي يسعى إلى تقسيم بلاد المليون شهيد إلى خمس دويلات.

مؤامرة ضد المغرب في الكركرات

وشدد المقرئ الإدريسي أن المغرب يواجه في الآونة الأخيرة مؤامرة خطيرة من طرف المنتظم الدولي بقيادة الأمم المتحدة وأصحاب القباعات الزرق، على حد تعبيره، وكذا بمشاركة موريتانيا التي اعتبرها مجرد عبد مغلوب على أمره ويخضع للقوى الدولية الكبرى.

وأكد أن هذه المؤامرة تتم على مستوى منطقة الكركرات، الواقعة في المنطقة الحدودية بين المغرب وموريتانيا.