منوعات

طعن رجلا 17 مرة.. هل استحق صاحب قلب الخنزير فرصة ثانية للعيش؟

لا ريب أن زراعة قلب خنزير في جسد رجل مريض يعد إنجازا تاريخيا وعلميا غير مسبوق، ولكنه حمل جانبا مظلما برأي البعض باعتبار أن الذي حظي بفرصة ثانية للعيش كان مجرما مدانا بمحاولة قتل إنسان بريء وتدمير حياته، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”.

ويعيش حاليا “ديفيد بينيت”، 57 عاما، القاطن في ولاية ميريلاند بقلب خنزير ينبض داخل صدره منذ نحو أسبوع في نجاح هو الأول من نوعه في العالم لزراعة قلب حيواني معدل جينيا في صدر إنسان.

وجرت الجراحة التجريبية، التي وصفت بأنها ناجحة، في مركز ميريلاند الطبي بجامعة ميريلاند بالولايات المتحدة، ليصبح “بينيت” البالغ من العمر 57 عاما، أول شخص في العالم يعيش بقلب خنزير.

ولكن هذا الإنجاز أصاب “ليزلي شوماكر داوني” بالأسى والحزن، فـ”ديفيد بينيت”، هو نفس الشخص الذي أقدم في العام 1988 على طعن شقيقها الأصغر، “إدوارد” سبع مرات، مما أدى إلى إصابته بالشلل.

ولاحقا قضى “إدوارد شوميكر” السنوات العشرين التالية في استخدام كرسي متحرك، قبل أن يصاب بجلطة دماغية في عام 2005 ليتوفى بعد ذلك بعامين، وقبل أسبوع واحد من عيد ميلاده الحادي والأربعين.

وأوضحت “ليزلي” أن شقيقها وعائلتها عانوا أياما قاسية للغاية، فيما عاش “بينيت” حياة جيدة بعد إطلاق سراحه، مردفة: “وبالتالي كان يجب زراعة القلب لشخص يستحقه أكثر”.

يوجد أكثر من 106000 أميركي على قائمة الانتظار الوطنية لعملية زرع الأعضاء، ولكنهم لا يحصلون على الأعضاء المطلوبة رغم وفاة 17 شخصا كل يوم.

وفي مواجهة هذا النقص، قد يبدو من غير المعقول بالنسبة لبعض العائلات أن يُعطى أولئك المدانون بارتكاب جرائم عنيفة إجراءات منقذة للحياة يحتاجها كثيرون بشدة. بيد أن معظم الأطباء لا يشاركون هذا الرأي، إذ لا توجد قوانين أو لوائح تمنع أي شخص لديه تاريخ إجرامي من تلقي عملية زرع أو إجراء تجريبي كما مع “بينيت”

وفي هذا الصدد يقول أستاذ أخلاقيات علم الأحياء بجامعة نيويورك، “آرثر كابلان”: “المبدأ الأساسي في الطب هو علاج أي شخص مريض، بغض النظر عن هويته”، مردفا: “نحن كأطباء لا نعمل على فرز الخطاة عن القديسين، لأن الجريمة هي مسألة قانونية”.

وفي حين أن هذا هو الموقف الرسمي للمسؤولين الفيدراليين ولجان الأخلاقيات المسؤولة عن لوائح الزرع، يتم إعطاء سلطة تقديرية واسعة على المستوى المحلي للمستشفيات، التي تقرر الأفراد المؤهلين لإضافتهم إلى قائمة الانتظار الوطنية.

وعلى هذا المستوى، غالبًا ما يتم أخذ اعتبارات أخرى في الاعتبار، بما في ذلك تاريخ الشخص من تعاطي المخدرات أو خطر إصابة السجين بالعدوى أثناء وجوده في السجن، إلى جانب إمكانية حصول المتابعة الطبية الضرورية.

ويجادل علماء الأخلاقيات الطبية بأن نظام العدالة الجنائية يفرض بالفعل عقوبة بالسجن أو تعويض مالي أو عقوبات أخرى على المدانين بارتكاب جرائم عنف. لا يعتبر الامتناع عن الخدمات الطبية جزءًا من تلك العقوبة، ولذلك يقول أستاذ أخلاقيات الطب في جامعة بنسلفانيا، “سكوت هالبيرن”، إن هذا التقسيم بين النظامين القانوني والطب موجود لسبب وجيه.

ويردف قائلا “لدينا نظام قانوني مصمم لتحديد التعويض العادل عن الجرائم.. ولدينا نظام رعاية صحية يهدف إلى توفير الرعاية بغض النظر عن خلفية الأشخاص وتاريخهم الجنائي”.

ورفض مسؤولو المركز الطبي بجامعة ميريلاند الإفصاح عما إذا كانوا يعرفون ماضي “بينيت” الإجرامي.

وأوضحوا في بيان مكتوب “الرعاية المنقذة للحياة لكل مريض تمنح بناءً على احتياجاته الطبية دون النظر إلى خلفيته أو ظروف حياته”.

وأضاف المسؤولون: “جاء هذا المريض إلينا في أمس الحاجة إليه، وتم اتخاذ قرار بشأن أهليته للزراعة بناءً على سجلاته الطبية فقط”

“أريد أن أعيش”

وفي المقابلات التي أجريت مباشرة بعد الجراحة التاريخية التي استمرت تسع ساعات، ذكر الأطباء أنهم اقترحوا العملية التجريبية بعد أن تبين لهم أن “بينيت” غير مؤهل لعملية زرع قلب بشري طبيعي.

وقال “بارتلي غريفيث”، الذي أجرى الجراحة، للصحفيين إن فشل القلب وعدم انتظام ضربات جعلت “بينيت” غير مؤهل لجراحة عادية.

وقال نجله “ديفيد بينيت جونيور”، الذي يعمل معالجًا طبيعيًا في ولاية كارولينا الشمالية، إن العديد من المستشفيات رفضت إدراج والده في قائمة الانتظار لأنه فشل في الماضي في اتباع أوامر الأطباء وحضور زيارات المتابعة، لافتا إلى أن والده أنه لم يكن يتناول دواءه بانتظام.

وبدأ تظهر أعراض قصور القلب على المريض في أكتوبر الماضي إذ أضحى يعاني من تورم في الساقين وتعب وضيق في التنفس.

وفي 10 نوفمبر، تم نقله إلى جامعة ماريلاند، وعندها قال ابنه إنه بينما كان ابيه يبدو أنه في طريقه إلى الموت، سأل عن إمكانية مساعدة الآخرين من خلال التبرع بأعضاء والده أو استخدامها في الأبحاث والدراسات الطبية، ولكن الطبيب “غريفيث” عرض على العائلة في منتصف ديسمبر الماضي إمكانية زرع قلب خنزير عبر جراحة تجريبية

وأضاف قلت للمريض: “لا يمكننا أن نمنحك قلبًا بشريًا، فأنت غير مؤهل. لكن ربما يمكننا استخدام قلب حيواني لمساعدتك مستخلص من خنزير معدل جينيا.. ورغم أننا لم نقم بذلك سابقا، ولكن أعتقد أننا قد ننجح”.

وتابع “غريفيث” “لم أكن متأكدا من أنه يفهمني، ولكنه أجابني قائلا (حسنا، هل يجب أن أفكر بالأمر؟)”

وفي ليلة رأس السنة الجديدة، منح المسؤولون الفيدراليون تصريحًا طارئًا للجراحة التجريبية، في حين قال “بينيت” في بيان في اليوم السابق للجراحة: “إما أن أموت أو أجرى عملية الزراعة”.

وتابع: ” أريد أن أعيش.. أعلم أن الأمر يبدو مثل نقطة ضوء في الظلام الحالك، لكنها أملي الأخير”.

وكان قد حكم على “بينيت” بالسجن 10 سنوات ودفع 29824 دولارًا كتعويض إلى عائلة شوميكر، ولكنه قضى ستة أعوام خلف القضبان قبل أن يُطلق سراحه في العام 1994.

ولم يناقش ابن “بينيت” السجل الجنائي لوالده، قائلا: لم يتحدث أبي معي بشأن ذلك أبدا”.

وفي وقت لاحق، أصدر الابن بيانا جاء فيه: “هدفي هنا هو عدم التحدث عن ماضي والدي. هدفي هو التركيز على الجراحة الرائدة ورغبة والدي في المساهمة في العلم وإنقاذ حياة المرضى في المستقبل “.

وصف والده بأنه رجل يحمل سمات خاصة ونكران للذات.. لقد فكر بعمق في المخاطر التي تنطوي عليها العملية وكيف يمكن أن تساعد الآخرين.

وتابع “ما حدث جعلني أشعر بالفخر بأنني ابنه”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *