منوعات

العلماء يحذرون: حرارة باطن الأرض تتبدد بشكل متسارع ومصير كارثي يلوح في الأفق

أظهر الباحثون في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا (ETH) في زيورخ في المختبر، مدى جودة معدن “بريدجمانيت” (bridgmanite)  -الذي ينتشر عند الحدود بين لبّ الأرض والوشاح-  في توصيل الحرارة ما بين اللبّ والوشاح، مما دفعهم إلى الشك في أن حرارة الأرض قد تتبدد في وقت أقرب مما كان يعتقد سابقا.

تحول كارثي ينذر بأرض قاحلة

ووفقا للبيان الصحفي الذي نشر على الموقع الرسمي للمعهد، ذكر الباحثون أن تطور كوكبنا ما هو إلا حكاية برودة، بمعنى أنه قبل 4.5 مليارات سنة، سادت درجات الحرارة الباردة القصوى على سطح الأرض الفتية التي كانت مغطاة بمحيط عميق من الصهارة. وعلى مدى ملايين السنين، برد سطح الكوكب ليشكل قشرة هشة.

ومع ذلك، فإن الطاقة الحرارية الهائلة المنبعثة من باطن الأرض تعمل على تحريك العمليات الديناميكية، مثل: الحمل الحراري للوشاح، وحركة الصفائح التكتونية والبراكين، مما يساعد في الحفاظ على الحياة من خلال تثبيت درجات الحرارة العالمية ودورة الكربون.

وبالتالي مع استمرارية انخفاض درجة حرارة باطن الأرض بنحو متسارع، سيتحول باطن الأرض السائل إلى كتلة صلبة باردة في النهاية، وسيتوقف عندها النشاط الجيولوجي، وربما يحول الأرض إلى صخرة قاحلة، على غرار المريخ أو عطارد.

ووفق تقرير نشر في موقع “ساينس ألرت ” (Sciene Alret)، فقد حذر فريق دولي من الباحثين من المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا، ومعهد كارنيغي بواشنطن في الولايات المتحدة، وجامعة بايريوت في ألمانيا، وجامعة أوكاياما في اليابان؛ من أن هذا التحول الكارثي قد يحدث خلال وقت أقرب مما كنا نعتقد سابقا.

وحذرت الدراسة -التي نشرت في دورية “إيرث آند بلانيتري ساينس ليترز” (Earth and Planetary Science Letters)  بتاريخ 15 يناير/كانون الثاني الجاري- من أن تسارع انخفاض درجة حرارة باطن الأرض سيؤثر على تيارات الحمل الحراري في أعماق الأرض، وهذا سينعكس سلبا على المجال المغناطيسي الأرضي الذي يعتبر السبب الرئيسي في ازدهار الحياة وحمايتها على كوكب الأرض.

موصلية حرارية عالية

وأوضح الباحثون أن تفسير هذه الظاهرة يكمن في معدن “بريدجمانيت” الموجود على الحدود ما بين لبّ الأرض الخارجي من الحديد والنيكل، وبين السائل المنصهر السفلي من الوشاح فوقه. ويلعب هذا العنصر دورا مهما من حيث تأثير سرعة توصيله للحرارة على مدى سرعة تسرب الحرارة من اللب وخروجها إلى الوشاح.

وقد سمي هذا المعدن بـ”بريدجمانيت” تكريما لبيريسي بريدجمان، الفيزيائي الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1946، وذلك نظرا لمساهمته الأساسية في فيزياء الضغط العالي.

ينتشر معدن بريدجمانيت على الحدود بين لبّ الأرض والوشاح ويقوم بتبريد اللبّ (فليكر)

ولتحديد معدل ناقليته الحرارية، كان لا بد من اختبار موصلية البريدجمانيت في الظروف الجوية المحيطة به، هناك حيث يتواجد، وهو أمر صعب للغاية ولا سيما أنه يمكن أن تختلف الموصلية الحرارية تبعا للضغط ودرجة الحرارة اللذين يختلفان اختلافا كبيرا في باطن الأرض عما نعرفه نحن على سطحها.

وللتغلب على هذه الصعوبة، قام فريق من العلماء بقيادة عالم الكواكب موتوهيكو موراكامي من المعهد السويسري، بتسليط أشعة ليزر نبضية على بلورة واحدة من البريدجمانيت، مما أدى إلى زيادة درجة حرارة البلورة إلى 2440 كلفنا والضغط إلى 80 غيغا باسكال، وهي قيم قريبة من القيم التي نعرفها في الوشاح السفلي والتي تساوي 2630 كلفنا و127 غيغا باسكال من الضغط.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن درجة الكلفن الواحدة تساوي درجة مئوية واحدة، وبالتالي لا يوجد فرق في مقدار الدرجة نفسها بين مقياس الكلفن والمقياس المئوي، ولكن يكمن الفرق في درجة الصفر، حيث إن درجة الصفر على مقياس كلفن تساوي °273.15- على المقياس المئوي.

قال موراكامي “أظهرت دراستنا أن الموصلية الحرارية للبريدجمانيت أعلى بنحو 1.5 مرة مما هو مفترض”. وهذا بدوره يعني أن تدفق الحرارة من اللب إلى الوشاح أعلى مما كنا نظن، وبالتالي، فإن معدل تبريد باطن الأرض أسرع مما كنا نظن.

يصعب إعطاء قيم دقيقة

ولا بد هنا من الإشارة إلى أنه عندما يبرد البريدجمانيت فإنه يتحول إلى معدن آخر يسمى بوست بيروفسكايت (post-perovskite) وهو أكثر موصلية للحرارة، مما سيزيد من معدل فقدان الحرارة من اللب إلى الوشاح. وأشار الباحثون إلى صعوبة إعطاء قيم دقيقة عن معدل سرعة التبريد، حيث يرون أن هناك عوامل أخرى قد تلعب دورا في مدى سرعة تبريد نواة الكوكب.

فعلى سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تحلل العناصر المشعة التي تعتبر من المصادر الرئيسية للحرارة في وشاح الأرض، إلى توليد حرارة كافية للحفاظ على النشاط البركاني، إلا أن مساهمتها لا تزال غير مفهومة بشكل كامل وتحتاج إلى مزيد من التقصي والبحث. فعلى سبيل المثال يبرد المريخ بشكل أسرع قليلا لأنه أصغر بكثير من الأرض.

وأخيرا اختتم موراكامي البيان الصحفي، بقوله “ما زلنا لا نعرف ما يكفي عن هذه الأحداث، وبالتالي لسنا قادرين في الوقت الحالي على تحديد وقت حدوثها بدقة”.

المصدر  الجزيرة نت

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *