منوعات

إليك تاريخها وأهميتها وأسرار تعقيداتها .. ماذا تعرف عن خرائط مسارات الخطوط الجوية؟

إذا سبق أن رأيت خرائط مسارات الرحلات الجوية على متن طائرة، أو تصفحت الوجهات على الموقع الإلكتروني الخاص بشركة الطيران، فإن الأمر قد يبدو بسيطًا جدًا. ويظهر لك أنه بهدف الانتقال من النقطة “أ” إلى النقطة “ب”، يمكنك ببساطة الارتفاع إلى 30 ألف قدم، وأخذ المسار الأكثر مباشرة عبر الهواء الصافي الفارغ.

والحقيقة أعقد من ذلك بكثير، إليك التفاصيل كما أوردتها “سي ان ان عربية” نقلا عن مصادرها.

ولا تُظهر الخرائط الموجودة في ظهر المقعد القصة الكاملة، إذ أنها تحتاج إلى التحديث في الوقت الفعلي لمواكبة سرعات الرياح المتغيرة، والصراعات السياسية.

100 عام من خرائط المسارات

ظهرت خرائط مسارات خطوط الطيران الرسمية لأول مرة في عشرينيات القرن الماضي، في الأيام الأولى للطيران التجاري.

وكان التركيز على استخدامها كأداة تسويقية، بدلاً من الدّقة الجغرافية.

وكان الطيران أكثر كلفةً بشكل ملحوظ خلال العقود الأولى من خدمة الركاب.

وفي أوائل الخمسينيات، بلغ متوسط ​​كلفة رحلة محلية في الولايات المتحدة ذهابًا وإيابًا نسبة 5% على الأقل من متوسط ​​الدخل السنوي.

وتوقفت الحكومة الفيدرالية عن تحديد أسعار تذاكر الطيران الأمريكية فقط عند إطلاق قانون تحرير شركات الطيران لعام 1978، ما مهّد الطريق لمنافسة أكبر، وتوفير أسعار أقل بكثير.

ولذلك، من أجل جذب الفئات ذات الدخل المرتفع، تم تزيين خرائط المسارات المبكّرة بشكل مُفصّل، مع التركيز على غرس حب التجوال من خلال تقديم أماكن جديدة وغريبة.

ودون إظهار المقاييس أو المفاتيح، قامت الخرائط فقط بربط المطارات، ورُسمت خطوط مستقيمة مبالغ فيها بين المطارات الرئيسية لشركة طيران معينة، والمعروفة باسم المحاور، وشبكة مساراتها.

وكان الهدف من الخرائط جعل الرسومات سهلة الفهم، وأسر الجمهور، وهي كانت بمثابة هدايا تذكارية ممتعة، كما أنها ساعدت الرّكاب في متابعة أحدث الوجهات.

عصر الطائرات النفاثة

ورغم إقلاع أول طائرة نفاثة في العالم، “Heinkel He 178″، في عام 1939، إلا أنه مرّت أعوام قبل تحليق أول طائرة نفاثة تجارية بركاب دفعوا الأجر كجزء من خدمة مجدولة.

وفي تاريخ 2 مايو/أيار من 1952، حلّقت شركة الخطوط الجوية البريطانية لما وراء البحار (BOAC)، باستخدام طائرة “De Havilland Comet 1A” المكونة من 44 مقعدًا، في رحلة بين لندن وجوهانسبرغ، ما ألهم مصنّعي الطائرات في أوروبا وأمريكا الشمالية، والاتحاد السوفييتي السابق على تطوير نماذجهم الأولية الخاصة بهم.

ونظرًا لقدرة الطائرات الأحدث على الطيران لمسافات أطول، وعلى ارتفاعات أعلى مع عدم الحاجة إلى إعادة التزود بالوقود في محطات وسيطة، استمرت شركات الطيران أيضًا في توسيع نطاق وصولها حول العالم، والتوسع في جميع أنحاء البلدان المستقلة حديثًا في أفريقيا وآسيا، بالإضافة إلى تزايد وجهات السياحة والأعمال الساخنة في أسواق الطيران التقليدية في أوروبا وأمريكا الشمالية.

الجغرافيا السياسية

ومع ذلك، يحتاج ربط نقطتين لأكثر من مجرد امتلاك الطائرة المناسبة.

وأحيانًا، يكون من المناسب سياسيًا أن تبتعد شركات الطيران عن شرح سبب ظهور خرائط مساراتها بطريقة معينة.

ويوجد مثالان محددان، وهما “إل عال” لإسرائيل، والخطوط الجوية الصينية لتايوان، إذ كان عليهما تجنّب المجال الجوي لبعض الدول المجاورة لعدة عقود.

وفي عام 1948، وهو العام ذاته لتأسيس إسرائيل، تم تشكيل شركة الطيران الوطنية” إل عال”.

ورغم أن الطرق التجارية الأولية، إلى روما وباريس، كانت سهلة التنقل نسبيًا، بمجرد أن أقامت إسرائيل علاقات دبلوماسية مع جنوب أفريقيا، وتايلاند، والهند، سيكون من البديهي القول إن إنشاء مسارات إلى جوهانسبرغ، وبانكوك، وبكين كان بمثابة مجرد مسألة لبيع التذاكر.

وعندما بدأت الإدارة البريطانية في السودان بفسح المجال للحكومة العربية المحلية في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، وفقًا لـ”موريس ويكستيد” من موقع “theaviationhistorian.com”: ” اقتضى الأمر تحويلًا كبيرًا لتجنب الدول المعادية المطلة على البحر الأحمر”.

وقال ويكستيد إن “إعادة التوجيه عبر تركيا، وإيران، وسلطنة عُمان، والصومال، وكينيا، أضاف حوالي 2،400 ميل إلى مسافة الخط المستقيم، و5 ساعات من الطيران”، موضحًا: “لم يتم تصحيح هذا الوضع حتّى سيطرت إسرائيل على شبه جزيرة سيناء”، والقدرة على القيام برحلات جوية مباشرة فوق إثيوبيا.

وفي الوقت ذاته، تواجه شركات الطيران التايوانية مشكلاتها الفريدة عند التخطيط لمسارات رحلاتها اليومية.

ومع نمو الاقتصاد الصيني بشكل كبير منذ أواخر السبعينيات، تشعر بكين بأنها أكثر قدرة على إظهار قدراتها العسكرية عالية التقنية بشكل متزايد، لا سيما في مقاطعة فوجيان التي تقع مباشرةً قبالة مضيق تايوان.

وعلاوةً على ذلك، تم طرد تايوان، المعروفة أيضًا باسم جمهورية الصين، من الأمم المتحدة في عام 1971، وفي الوقت ذاته أخذت الصين، أو جمهورية الصين الشعبية، مكانها.

ووفقًا لمبادرة الشفافية البحرية الآسيوية، فإن “استبعاد تايوان من الهيئة الدولية، يعني أنه ليس لديها وسيلة رسمية لتسجيل الشكاوى ضد إجراءات الصين الخاصة بالطيران”.

وبطبيعة الحال، كانت الصين أكثر انفتاحًا بشكل مستقل على المناقشات مع تايوان لزيادة الرحلات الجوية بين البلدين، عندما تكون القيادة التايوانية مؤيدة لبكين.

ومع ذلك، حلّقت شركات الطيران بين تايوان والصين عن طريق استئجار الرحلات الخاصة منذ عام 2005، مع حدوث رحلات مجدولة منذ عام 2008.

وتُصبح الأمور أكثر تعقيدًا، عندما تغادر شركة الخطوط الجوية الصينية و”Eva Air”، ومقرهما في تايوان، إلى أوروبا.

المجال الجوي الصيني

ورغم صعوبة الحصول على الوثائق الرسمية، كقاعدة عامة، لا تستطيع شركات الطيران التايوانية استخدام المجال الجوي الصيني.

ومن إحدى الأسباب المحتملة هي تحكّم الجيش الصيني على معظم المجال الجوي في البر الرئيسي، ناهيك عن تحقيق شركات الخطوط الجوية الصينية نموًا محليًا هائلاً في الأعوام العشرين الماضية، ما زاد من ازدحام الطائرات في الأجواء.

ومع ذلك، سُمح مؤخرًا للرحلات التايوانية العائدة من أوروبا بالتحليق فوق المجال الجوي الصيني الجنوبي.

وفي الختام، من السهل جدًا زيارة الموقع الإلكتروني الخاص بشركة طيران، وتحديد خريطة المسارات، وتخطيط إجازتك القادمة.

ولكن من المحتمل أنك لم تفكر مطلقًا حتّى الآن في الجوانب التي يجب عليك أخذها بعين الاعتبار، مثل الحدود الوطنية، والعواصف، ومناطق الحرب، والأوبئة، وقيود المجال الجوي المؤقتة، وزيارات قادة العالم، والبطولات الرياضية الكبرى…

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *