اقتصاد

الاقتصاد العالمي يدخل “جهنم” أسعار النفط .. وأول الضحايا دول الاستهلاك

تشهد أسواق النفط العالمية اضطرابا غير مسبوق في ظل العقوبات التي فرضتها دول غربية على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، وتشير التوقعات إلى أن استجابة الولايات المتحدة لمختلف الضغوط بتوسيع العقوبات لتشمل النفط الروس الذي يمثل 40% من إمدادات السوق قد يرفع سعر النفط إلى 200 دولار للبرميل. مما سيضع الاقتصادات العالمية الضعيفة في جهنم

أسعار النفط تشتعل
وحسب “فوربس الشرق الأوسط” أرتفعت أسعار النفط فوق 130 دولارًا للبرميل للمرة الأولى منذ 2008، بعد أن قالت الولايات المتحدة إنها تناقش فرض حظر على واردات الخام الروسية، مما أثار مخاوف الإمدادات في سوق متوترة بالفعل.

حيث تثير العقوبات المتزايدة التي تفرضها الدول الغربية على روسيا مخاوف من وقف الصادرات الروسية من النفط والغاز، الأمر الذي ينعكس في ارتفاع الأسعار.

وحسب نفس المصدر، ارتفع سعر خام برنت اليوم الأثنين بنسبة 10.42% ليصل إلى 130.4 دولار للبرميل الساعة 9:28 صباحاً بتوقيت الخليج، حيث واصلت السوق الاستجابة لاضطرابات الإمدادات الناجمة عن الغزو الروسي المستمر لأوكرانيا واحتمال فرض حظر على النفط والغاز الطبيعي الروسي، في حين قفز سعر خام غرب تكساس الوسيط 9.24% إلى 126.4 دولار للبرميل.

وتشكل الإمدادات الروسية نحو 40% من احتياجات أوروبا من الغاز، بينما يتجه 2.3 مليون برميل من الخام الروسي غربًا يوميًا عبر شبكة من خطوط الأنابيب.

وأشار الشريك المؤسس لشركة أجين كابيتال، جون كيلدوف، إلى أن أسعار النفط ترتفع مع احتمال فرض حظر كامل على المنتجات الروسية، وستستمر أسعار البنزين المرتفعة بالفعل في الارتفاع، بينما سترتفع الأسعار في بعض الولايات بمقدار 5 دولارات بسرعة كبيرة”.

تهديدات بحظر النفط الروسي

وحسب المصدر ذاته، قال وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكين، يوم الأحد، إن الولايات المتحدة وحلفائها يدرسون حظر واردات النفط والغاز الطبيعي الروسي “نحن نتحدث الآن مع شركائنا الأوروبيين وحلفائنا للنظر بطريقة منسقة في احتمال حظر استيراد النفط الروسي مع التأكد من أنه لا يزال هناك إمدادات مناسبة من النفط في الأسواق العالمية”.

وأوضحت رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي: “سوف يحظر مشروع قانوننا استيراد النفط ومنتجات الطاقة الروسية إلى الولايات المتحدة، ويلغي العلاقات التجارية الطبيعية مع روسيا وبيلاروسيا، ويتخذ الخطوة الأولى لمنع روسيا من الوصول إلى منظمة التجارة العالمية. سنقوم أيضًا بتمكين الفرع التنفيذي من زيادة التعريفات الجمركية على الواردات الروسية”.

جاء التطور الأخير في تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا بعد أن ارتفع النفط بأكبر قدر خلال عامين تقريبًا الأسبوع الماضي، في ظل الفوضى في السوق واستعداد العالم لصدمة تضخمية كبيرة، وأشارت شركة جيه.بي مورغان، إن خام برنت قد ينهي العام عند 185 دولارًا للبرميل إذا استمر تعطل الإمدادات الروسية، في حين قال أحد صناديق التحوط إن 200 دولار أمر محتمل.

وذكرت وكالة أنباء كيودو اليابانية، اليوم الاثنين، أن اليابان، التي تعتبر روسيا خامس أكبر مورد لها للنفط الخام، تجري مناقشات أيضا مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية بشأن احتمال حظر واردات النفط الروسية.

لكن هذه الخطوة في حال إقرارها، حسب “ميدل إيست أونلاين”، ستحدث هزة عنيفة في أسعار النفط التي قفزت على وقع التوترات الجيوسياسية في شرق أوروبا بفعل الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث سجلت الأسعار ارتفاعا قياسيا هو الأول منذ ثماني سنوات متراوحة بين 115 و120 دولارا للبرميل وارتفعت أسعار الغاز في العالم بنحو 136 بالمئة، فيما تشير التوقعات إلى أن الأسعار قد تقفز في الأشهر الثلاثة القادمة إلى 150 دولارا للبرميل

ألمانيا قد تؤدي الثمن

في المقابل، عبّر وزيرا الخارجية والمال الألمانيان الأحد عن رفضهما لفرض حظر على واردات الغاز والنفط والفحم من روسيا في إطار عقوبات جديدة مرتبطة بغزو أوكرانيا

وحسب “ميدل إيست أونلاين”، قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك لقناة ايه آر دي “يجب أن نكون قادرين على الاستمرار (في فرض العقوبات) بمرور الوقت”. وأضافت أن فرض العقوبات سيكون “غير مجدٍ إذا اكتشفنا في غضون ثلاثة أسابيع أنه لم يتبق لدينا سوى أيام قليلة من التغذية بالكهرباء في ألمانيا وبأنه سيتعين علينا الرجوع عن هذه العقوبات”.

ولاحقا قالت بيربوك لقناة زي دي إف “نحن مستعدون لدفع ثمن اقتصادي باهظ جدا” لكن “إذا انطفأت الأنوار غدا في ألمانيا أو في أوروبا، فهذا لن يوقِف الدبابات”

وبدا وزير المال الألماني كريستيان ليندنر مشككا أيضا وقال لصحيفة بيلد “يجب ألا نحد من قدرتنا على الصمود بمرور الوقت” معتبرا أن “اتخاذ قرار أحادي بشأن حظر” واردات الغاز والنفط والفحم من روسيا “سيكون له تأثير سلبي على هذه القدرة”.

من جهة ثانية قال ليندنر الأحد إن العقوبات الجديدة التي فرضتها مجموعة السبع على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا “ستؤثر قبل كل شيء على المتمولين” الذين “استفادوا من بوتين”

وأعلنت مجموعة السبع في بيان الجمعة عزمها على فرض “عقوبات جديدة صارمة” على موسكو “ردا على العدوان الروسي” على أوكرانيا.

وأكد بوتين السبت أن العقوبات المفروضة على بلاده أقرب الى “إعلان حرب”، حتى لو “لم نصل إلى ذلك بعد”

وتعتمد ألمانيا بشكل كبير على النفط الروسي، حيث تستورد ألمانيا 55% من غازها و 42% من نفطها وفحمها من روسيا.

واستوردت الولايات المتحدة في المتوسط أكثر من 20.4 مليون برميل شهريا من الخام ومنتجاته المكررة خلال عام 2021 من روسيا، أي نحو ثمانية بالمئة من واردات الوقود السائل الأميركية، وفقا لإدارة معلومات الطاقة.

ويبدو الشركاء الأوروبيون الأكثر عرضة لهزات عنيفة في أسعار النفط والغاز لذلك لم تطرح مسألة العقوبات على واردات الطاقة من روسيا إلا من قبل الولايات المتحدة التي سبق لها ان أعلنت عزمها الإفراج عن 30 مليون برميل من مخزوناتها و30 مليون برميل من النفط من أعضاء الدول في منظمة الطاقة الدولية.

كما سبق لها الإعلان عن عزمها ضخ الغاز لأوروبا لتفادي حدوث اضطرابات في إمدادات الغاز لشركائها، لكن كل تلك الخطوات قد تخفف من حدة النقص الذي سيحدث في الإمدادات لكنها لا تغطي الفجوة.

هل تنج ورقة فنزويلا وإيران؟

بحث مسؤولون فنزويليون وأميركيون في كاراكاس إمكانية تخفيف العقوبات النفطية على فنزويلا، حسب ” ميدل إيست أونلاين”، لكنهم لم يحققوا تقدما يذكر نحو التوصل إلى اتفاق في أول محادثات ثنائية رفيعة المستوى تجري بين الجانبين منذ سنوات مع سعي واشنطن إلى فصل روسيا عن أحد حلفائها الرئيسيين.

وتريد واشنطن أيضا إيجاد إمدادات نفط بديلة لسد الفجوة إذا كانت ستسعى إلى فرض مقاطعة لصناعة الطاقة في موسكو. ويمكن أن تعزز فنزويلا صادراتها من النفط الخام إذا خففت واشنطن العقوبات.

وجاء الاجتماع في الوقت الذي بدأ فيه توقف شريان الحياة المالي الفنزويلي لروسيا في ظل العقوبات المفروضة على موسكو في أعقاب الهجوم العسكري الذي شنته على أوكرانيا. واستغلت كراكاس المحادثات للضغط من أجل تخفيف العقوبات الأميركية.

ويرجح محللون أن تلجأ واشنطن لتخفيف القيود على صادرات النفط الإيراني في حال قررت فرض عقوبات على قطاع النفط الروسي في إطار المفاوضات النووية الجارية في فيينا والتي تقترب من نهايتها وذلك كخيار لتعويض النقص من روسيا

وكان وزير النفط الإيراني جواد أوجي قد صرّح مؤخرا بأن بلاده قادرة على رفع انتاجها من النفط إلى مستويات قياسية بمجرد رفع العقوبات الأميركية عن إيران، في تصريح فُسّر على أنه رسالة إيرانية للولايات المتحدة في خضم معركة لي الأذرع بين روسيا والغرب.

هل تساير أوبك

حافظ آخر اجتماع وزاري للكارتل النفطي (أوبك+) على خطة الزيادة التدريجية بنحو 400 ألف برميل يوميا متجاهلا الطلب الأميركي ومؤكدا أن ارتفاع الأسعار ناجم أساسا عن التوتر الجيوسياسي ولا علاقة له بالعرض والطلب.

وبمقدور السعودية والإمارات ضخ ما يقرب من 2.5 مليون برميل من النفط، لكن حتى في حالة موافقة البلدين الخليجيين على ذلك، فإن تلك الكمية لن تسد الفجوة التي قد يحدثها توقف الصادرات الروسية والتي تقدر بنحو 4.3 ملايين برميل يوميا.

ويقول محللون إن قرار أوبك الأخير رسالة لواشنطن وحلفاءها مفادها أن “هذه الحرب ليست حربنا”.

الروبل الروسي يهبط والمعادن النفيسة تشتعل

انخفض الروبل الروسي إلى مستوى قياسي 136.50 مقابل الدولار، بعد أن قال وزير الخارجية بلينكين، إن الولايات المتحدة وحلفاءها يناقشون فرض حظر على إمدادات النفط الروسية في رد انتقامي آخر على غزو أوكرانيا

استوردت الولايات المتحدة أكثر من 20.4 مليون برميل من الخام والمنتجات المكررة شهريًا عام 2021 من روسيا، أي حوالي 8% من واردات الولايات المتحدة من الوقود السائل، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة (EIA)

وحسب “الجزيرة مباشر” تخطت أسعار الذهب، اليوم الإثنين، حد ألفي دولار لأول مرة منذ عام ونصف مع إقبال المستثمرين على ذلك الملاذ الآمن في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية المتصاعدة، في وقت دفعت مخاوف من توقف الإمدادات البلاديوم إلى أعلى مستوياته على الإطلاق

وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.9 في المئة إلى 1986.83 دولار للأوقية (الأونصة) اعتبارا من الساعة 0330 بتوقيت غرينتش، بعد أن ارتفع إلى أعلى مستوى له منذ 19 غشت 2021 مسجلا 2000.69 دولار في وقت سابق من اليوم. وارتفعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب 1.3 في المئة إلى 1992.00 دولار

وارتفع البلاديوم 4.3 في المئة إلى 3130.16 دولار للأوقية بعد أن سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3172.22 دولار في وقت سابق من الجلسة

وارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.4 في المئة إلى 25.76 دولار للأوقية بينما قفز البلاتين اثنين في المئة إلى 1143.47 دولار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *