مجتمع

بمناسبة 8 مارس .. المجلس الاقتصادي يدعو لمراجعة مدونة الأسرة

أكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنه “آن الأوان لمراجعة مدونة الأسرة، بما يتلاءم مع مقتضيات الدستور ومضامين الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، وبما ينسجم مع طموحات تحقيق التمكين للنساء المغربيات وتعزيز المساواة بين الجنسين المعبر عنها في النموذج التنموي الجديد”.

وأشار المجلس في رأيه بمناسبة اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف 8 من مارس من كل سنة، إلى أنه “لا يمكن تحقيق المساواة بين النساء والرجال وضمان المشاركة الكاملة للمرأة في جميع مناحي الحياة العملية دون إطار قانوني منسجم مع طموحات البلاد، يضمن للمرأة التمتع بحقوقها كاملة دون أدنى تمييز”.

استطلاع رأي حول جدوى تعديل مدونة الأسرة

أطلق المجلس استطلاع رأي على المنصة الرقمية “أشارك”، في الفترة ما بين 18 فبراير و6 مارس 2022، لاستقاء رأي المواطنات والمواطنين بشأن جدوى تعديل مدونة الأسرة ومقبوليتها الاجتماعية.

وأسفر استطلاع الرأي، الذي شارك فيه 1290 مشاركاً ومشاركة، عن أن نحو 80 في المائة من المشاركين في الاستطلاع يعتبرون أن الولاية على الطفلات والأطفال يجب أن تكون مشتركة بين الأب والأم على قدم المساواة، في حين يرى 20 في المائة منهم أنها يجب أن تُسند إلى الأب حصريا.

وحسب الاستطلاع ذاته، فإن زهاء 48 في المائة من المشاركين في الاستطلاع يعتبرون أن الآجال القانونية للحكم بالتطليق يجب أن تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر، فيما يعتبر 27 في المائة منهم أن هذه المدة يجب أن تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر، في حين يرى 25 في المائة منهم أن هذه الآجال يجب ألا تتجاوز شهرا واحدا.

من جهة أخرى يعتبر نحو 48 في المائة من المشاركين أن إبرام وثيقة للتوزيع المنصف للأموال المكتسبة بين الرجل والمرأة أثناء قيام الزوجية يجب أن يصبح أمرا إلزاميا بالنسبة للزوجين، فيما يعتبر قرابة 62 في المائة من المشاركين أنه ينبغي إلغاء أي إمكانية لتزويج القاصرين (أقل من 18 سنة) دون النص على أي استثناءات.

إشكالات المدونة الحالية

حدد مجلس الشامي عددا من الإشكالات والاختلالات التي تعرفها مدونة الأسرة في صيغتها الحالية، من معتبرا أن “هذا النص التشريعي لا يزال يتضمن أشكالا من التمييز على مستوى الولاية على الأطفال، حيث لا يسمح للأم بالولاية على أبنائها، وإذا كان للأم حق الحضانة على الأطفال بشكل تلقائي، اللهم في بعض الحالات الخاصة، فإن الأب يعتبر الولي الشرعي الوحيد على الأطفال”.

واعتبر المجلس أن “هذا الوضع يتعارض مع مبدأ تقاسم المسؤوليات الأسرية بين الزوجين، لاسيما تلك المتعلقة بالأطفال، كما أن هذا المقتضى يؤثر سلبا على إعمال حقوق وواجبات الوالدين المنفصلين تجاه أطفالهما عندما تستمر الخلافات بينهما، بالإضافة إلى ذلك، فإن زواج المرأة طالبة الحضانة يُسقط عنها حق حضانة الأطفال إلا في حالات خاصة”.

ومن بين الاختلالات التي ركز عليها المجلس نجد الزواج المبكر، حيث “لا تزال هذه الممارسة خاضعة للسلطة التقديرية للقضاة، لذلك طالب المجلس بإلغائها، تحقيقا للمصلحة الفضلى للطفل المنصوص عليها في الدستور وفي الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

وسلط المجلس الضوء على إشكالية الأموال المكتسبة التي تنص عليها مدونة الأسورة في صيغتها الحالية من لدن الزوجين خلال فترة الزواج، حيث “يشكل توزيع الأموال بين الزوجين في حالة الطلاق أو وفاة أحدهما، جانبا آخر يحتاج إلى المزيد من التطوير والملاءمة، ذلك أنه لا يتم بعد الاعتراف بالعمل المنزلي الذي تضطلع به المرأة (المندرج ضمن حق الكد والسعاية) ، وبالتالي تُحرم من حصتها في الأموال التي اكتسبتها الأسرة خلال فترة قيام العلاقة الزوجية، في حالة عدم تمكنها من إثبات مساهمتها بشكل مباشر وموثق في تنمية أموال الأسرة”.

إضافة للنص المرتبط بآجال الفصل في دعوى طلب التطليق بسبب الشقاق، معتبرا “أنها غالبا ما تكون طويلة وتتجاوز في الغالب 6 أشهر، وخلال هذه المدة، تصبح ظروف التعايش داخل الأسرة معقدة، حسب المجلس، ويمكن أن تؤدي التوترات حول المسطرة إلى حالات من العنف الزوجي والأسري”.

انعكاسات أشكال التمييز على المجتمع

تؤدي هذه الأشكال من التمييز، حسب مجلس الشامي، إلى “تكريس شعور النساء بانعدام الأمن على المستوى القانوني والقضائي والاقتصادي والاجتماعي، إذ تنعكس سلبا على حقوقهن وتؤدي إلى تقليص حريتهن، كما تكرس تبعيتهن وارتهانهن بالغير. لذا، يصبح من الصعب، في ظل هذه الظروف، مكافحة استمرار العنف إزاء النساء، عندما تواجهن خطر الهشاشة المالية عقب الطلاق، وذلك بسبب وجود منظومة غير منصفة لاقتسام الأموال المكتسبة”.

ومن هذا المنطلق، فإن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يدعو إلى مراجعة مدونة الأسرة، من خلال التسريع بإطلاق نقاش عمومي مفتوح وتعددي ومسؤول، ودينامية تفكير جماعي مستندة إلى رأي الهيئات المؤهلة، حول جميع القضايا المتعلقة بالزواج، والطلاق، والتركة، والبنوة، وحضانة الأطفال، والاعتراف بالعمل المنزلي للمرأة، وغير ذلك. ويتعين أن ينصب هذا النقاش أيضا، وبدون تحفظ، على القضايا المتعلقة بالحقوق الفردية وصحة ورفاه النساء، وعياً منه بأهمية وجود ترسانة قانونية تضمن الأمن القانوني للمواطنات والمواطنين، لاسيما النساء، وتحميهم من جميع أشكال التمييز أو العنف”.

وذكر المجلس أن المغرب اعتمد، منذ سنة 2004، مدونة جديدة للأسرة مكنت من تحقيق تقدم ملموس في مجال حقوق المرأة، مقارنة مع ما كان عليه الأمر في السابق. وقد كان لهذه المدونة الجديدة أثر إيجابي ساهم في تطوير العقليات في مجال المساواة بين النساء والرجال.

وأشار إلى أنه “مرت حوالي 20 سنة على اعتماد هذا النص القانوني، صادق المغرب خلالها على العديد من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المرأة، بما في ذلك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، كما اعتمد دستورا جديدا ينص على مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، وعلى ملاءمة القوانين الجاري بها العمل مع الالتزامات الدولية للمملكة”.

و”إزاء هذه التطورات، وبالنظر إلى التحولات العميقة التي شهدها المجتمع خلال العقود الأخيرة في اتجاه المطالبة بإعمالٍ أكبر لمبادئ المساواة والإنصاف والعدالة الاجتماعية، يرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن الوقت قد حان لتطوير مدونة الأسرة من أجل ملاءمتها مع المعايير القانونية الوطنية والدولية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *