مجتمع

العدوي تنتقد تدخل الوزارة في عمل الجامعات وطريقة تعيين رؤسائها

انتقد المجلس الأعلى للحسابات، في تقرير حول أنشطته لسنتي 2019 و2020، محدودية استقلالية الجامعات بالمغرب، مشيرا إلى أنه بالرغم من أن الجامعات مؤسسات عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي، إلا أن الممارسة الفعلية في الميدان أثبتت أن هذه الاستقلالية تشوبها بعض النقائص تهم بالخصوص الميدان البيداغوجي والمالي وتدبير الممتلكات والموارد البشرية.

وبحسب تقرير مجلس العدوي، فإن محدودية استقلال الجامعة تتجلى على المستوى البيداغوجي في تدخل الوزارة في اعتماد مسالك التكوين وإحداث المؤسسات الجديدة. وهكذا فإن الوزارة هي التي تمنح الاعتماد لكل المسالك التي تخول الحصول على شهادة وطنية وتلعب دورا كبيرا في رسم الخريطة البيداغوجية بحيث أن المسالك التي لا تدخل في أولويات الوزارة لا يتم اعتمادها.

وقدم التقرير مثالا على ذلك، بكون كل مسالك الإجازة في المؤسسات ذات الولوج المفتوح وفي المدارس العليا للتكنولوجيا والمدارس العليا للعلوم التطبيقية صادرة عن الوزارة. نفس الشيء ينطبق على إحداث المؤسسات الجديدة، إذ لوحظ أن الوزارة تتدخل بشكل مباشر في إحداث هذه المؤسسات رغم وجود مسطرة واضحة في هذا المجال تشير إلى أن اقتراح إحداث المؤسسة من صلاحيات مجلس الجامعة المعنية.

ولفت التقرير الذي رفعته الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي إلى الملك محمد السادس، إلى أنه خلال الفترة ما بين 2015 و2019 تم إحداث ست مؤسسات جامعية من اقتراح الوزارة. غير أن الوزارة أوضحت في جوابها بخصوص هذه النقطة، أنها تحرص فقط، على أجرأة مسطرة اعتماد المسالك التي يتم اقتراحها وعرضها من طرف الجامعات.

فيما يخص المستوى المالي، تبرز محدودية استقلال الجامعة، بحسب التقرير الذي تتوفر “العمق” على نسخة منه، في الاعتماد شبه الكلي على إعانات الوزارة والحد من دور مجلس الجامعة في إعداد الميزانية، حيث أن هذه الإعانات تكون موجهة مسبقا لأغراض محددة لا يسمح أحيانا لمجلس الجامعة بالتدخل فيها.

وأورد المجلس ضمن تقريره، أنه رغم مرور ما يناهز 20سنة على التنصيص على استقلال الجامعات، فإن هذه الأخيرة مازالت تعتمد على إعانات الوزارة بنسبة 85 بالمائة من ميزانياتها في المتوسط خلال الفترة 2015-2019.

فيما لاحظ التقرير، على مستوى تدبير الممتلكات والموارد البشرية، محدودية استقلالية الجامعة، إذ أن الوزارة لم تقم بنقل الممتلكات العقارية إلى ملكية الجامعات كما تنص على ذلك المادة 96 من القانون 01-00 المتعلق بالتعليم العالي، ولا بوضع النظام الأساسي لمستخدمي الجامعات ونظام التعويضات المخولة لهم كما تنص على ذلك المادة 17من نفس القانون.

وبالتالي تتوفر الجامعات على موارد بشرية لا تتحكم في تعيينها وترقيتها وتأديبها، حيث يعود الأمر إلى قطاع التعليم العالي، مما يحد من إمكانيات الرفع من مردودية هذه الموارد البشرية.

وسجل التقرير، وجود ضعف على مستوى الاتساق بين استراتيجية الوزارة ومخططات تطوير الجامعات حيث يتضح أن الجامعات قليلا ما تأخذ بعين الاعتبار مضمون هذه الإستراتيجية، مسجلا عدم اعتماد آليات التعاقد بين الوزارة الوصية والجامعات كآلية للمساءلة وتقييم الأداء باستثناء البرامج الخاصة المتعلقة بتكوين المهندسين والمخطط الاستعجالي ووضع آليات لتدبير الممتلكات العقارية للجامعة.

في سياق متصل، سجل التقرير نقائص في طريقة تعيين رئيس الجامعة، حيث أشار إلى أن هذا الأخير يلعب دورا أساسيا في إدارة الجامعة وعلى وجه الخصوص في حل مشاكل التنسيق التي تنشأ كثيرا بين المستويين اللذين تتألف منهما الجامعة: أحدهما يعتمد على آلية الانتخاب أساسا للأساتذة الباحثين، والآخر هرمي من أعلى إلى أسفل يهم تعيين المسؤولين الإداريين.

هذا الأمر، بحسب مجلس العدوي، يتطلب مهارات وكفاءة إدارية خاصة، إلا أنه لوحظ أنه لا يتم تأهيل رؤساء الجامعات في هذا المجال حيث لا يستفيدون من أي تدريب في مجال الإدارة والتدبير المالي. بالإضافة إلى ما سبق، تعاني مسطرة تعيين رؤساء الجامعات من غياب الدقة في توصيف الكفاءات العلمية الواجب توفرها في المرشحين والمنصوص عليها في قرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي رقم 01.1774 الصادر في 26 شتنبر 2001.

واعتبر التقرير، أن التعيين غير المتزامن لرؤساء الجامعات ورؤساء المؤسسات، يشكل عائقا إضافيا في إدارة الجامعات في حالة وجود تباينات في التوجهات ومشاريع التطوير التي يتقدمون بها، مما قد يؤدي إلى اختلاف في تشخيص وضعية الجامعة أو المؤسسة الجامعية والحلول المقترحة بسبب عدم التوافق الزمني بين التعيينين.

ويتجلى أثر هذا المشكل في عدم الاتساق بين مشروع الرئيس الجديد ومشاريع عمداء ومديري المؤسسات، في ظل عدم وجود آلية تسمح بإدماج مشاريع التطوير الخاصة بالمؤسسات الجامعية في استراتيجية الجامعة، بحسب ما جاء في التقرير ذاته.

وأكد أن هذا الوضع تفاقم بسبب إدارة بعض المؤسسات من قبل المديرين المؤقتين، لفترات طويلة من الزمن وعدم وجود تعاقد واضح بين الجامعة والمؤسسات التابعة لها بشأن الأهداف التي يتعين تحقيقها من طرف هذه الاخيرة. كما أن تعيين عمداء ومديري المؤسسات الجامعية لا يدخل ضمن صلاحيات رئيس الجامعة الشيء الذي يفقده كل سلطة على أدائهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *