منوعات

سعادة ما بعد الـ80 من العمر .. إليك كيف تخطط لها

التخطيط لسعادة عمر ما بعد الثمانين! قد لا يستوعب كثيرون معنى ذلك. وقد يعتبرون الأمر مجرد شعارات جوفاء. فحلم الناس بالسعادة قد لا يشمل ذلك العمر الذي كثيرا ما ينظر إليه بتشاؤم.

لقد ارتبط مفهوم السعادة عند كثيرين بشكل أساسي بفترة الشباب، ثم يقل اعتقادهم بإمكانية أن يعيشوا سعداء كلما تقدم بهم العمر. ويمكنك تجريب تمرين تتخيل فيه الخط البياني لسعادتك مع تطور العمر، وربما تكتشف أنت أيضا كيف يضعف إيمانك بها مع تقدمك نحو أرذل العمر. وربما يرجع السبب في ذلك إلى ربط السعادة بخصاص الشباب من قوة ونشاط، وقد يكون السبب في تلوث أفكارنا بالنظرة المتشائمة لمستقبل البشرية ككل والذي ننظر من خلاله إلى مستقبلنا العمري أيضا، … في حين أن لكل زمان سعادته التي تتناغم معه، ولكل عمر سعادته التي تناسبه، وهي رغم اختلافها من فترة عمرية إلى أخرى فكلها تعني شيئا واحدا هو السعادة.

وحسب “الجزيرة نت”، يعتقد الغالبية العظمى من الشباب أنهم سيكونون أكثر سعادة، ولكن عندما نسألهم عن توقعاتهم بعد 50 عاما، فإن الإجابة تكون ضبابية وأقل تفاؤلا، ويعتقد الكثيرون منهم أن حياتهم في أواخر السبعينيات من أعمارهم لن تكون أمرا رائعا.

والسؤال الحقيقي لدى الكثيرين من الناس هو هل السعادة ممكنة في السبعينيات والثمانينيات من أعمارنا، وكيف يمكن الوصول إليها؟

إن هذا السؤال مهم للغاية، وذلك لأن البشرية في المجمل تسير نحو الشيخوخة، فقد بلغ عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاما في عام 2020 أكثر من مليار شخص، ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 1.4 مليار إنسان في عام 2030، وسيصل إلى نحو 2.1 مليار شخص في عام 2050، أما الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاما في ذلك الوقت فسيصل إلى 426 مليون إنسان، وذلك وفق دراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية مؤخرا.

وعودة إلى السؤال السابق، فقد أثبتت الأبحاث العلمية أن السعادة تميل إلى الانخفاض خلال مرحلة الشباب ومتوسط العمر، حيث تصل إلى أدنى مستوى لها في سن الـ50 تقريبا، وتعود بعد ذلك مؤشرات الشعور بالسعادة للارتفاع حتى منتصف الستينيات بعد ذلك، ثم يحدث شيء غريب، حيث ينقسم كبار السن إلى مجموعتين مع تقدمهم في العمر: أولئك الذين يزدادون سعادة، وأولئك الذين يصبحون أكثر تعاسة.

أهمية التخطيط للمستقبل

في هذا الوقت من الحياة، يدرك الكثير من الناس أهمية اتخاذ قرارات جيدة خلال سنوات شبابهم، وأولئك الذين خططوا مسبقا وادخروا من مالهم وصحتهم كانوا أكثر قدرة على إعالة أنفسهم براحة، وبالتالي أكثر شعورا بالسعادة، وذلك على عكس أولئك الذين لم يدخروا ولم يخططوا لسنوات شيخوختهم.

هناك الكثير من البشر الذين لديهم مخططات معينة لتقاعدهم، ويستثمرون فيها، مثل الاشتراك في مؤسسات الضمان الاجتماعي أو صناديق التقاعد، أو حتى في شركات التأمين ضد العجز والشيخوخة، ويستثمرون فيها في سنوات شبابهم، وهناك آخرون لا يفعلون ذلك، ويعيشون حياتهم يوما بيوم.

وفي هذا السياق ينصح المخططون الماليون عملاءهم بالانخراط في سلوكيات محددة، بحيث يصبح الادخار سلوكا تلقائيا؛ والابتعاد عن التصرفات غير الحكيمة، مثلا: فكر مليا قبل شراء هذه السيارة الفاخرة التي ستخسر نصف ثمنها بعد سنة أو سنتين، يمكننا جميعا تعليم أنفسنا القيام ببعض الأشياء المحددة جدا في أي عمر لجعل العقود القادمة أكثر سعادة.

كنز هارفارد الدفين

في عام 1938، طرح الباحثون في كلية الطب بجامعة هارفارد فكرة متميزة، وهي أن يدرسوا حياة مجموعة من الشباب الذي يدرسون في الجامعة، ويتبعون تطور حياتهم من الشباب إلى سن الرشد فالشيخوخة، وفي كل عام كان الباحثون يسألون المشاركين عن أنماط حياتهم وعاداتهم وعلاقاتهم وعملهم وسعادتهم.

توسعت الدراسة منذ ذلك الحين لتشمل أشخاصا آخرين من خارج نطاق الجامعة، وتم تحديث نتائجها بانتظام لأكثر من 80 عاما، وهذه النتائج عبارة عن كنز دفين حقا للعلماء والباحثين، فهم يستطيعون متابعة كيف عاش هؤلاء الناس وأحبوا وعملوا في العشرينيات والثلاثينيات من أعمارهم، ثم يمكنهم أن يروا كيف تحولت حياتهم خلال ما يلي من عقود. ومن خلال كرة السعادة الكريستالية هذه يمكنك تعلم كيفية الاستثمار في رفاهيتك في المستقبل.

وبعد تقدم المشاركين في دراسة هارفارد في العمر ووصولهم لسن الشيخوخة، فقد صنفهم الباحثون على اعتبار عاملين هما شعورهم بالسعادة والصحة، وهنا ظهرت مجموعتان مختلفتان ومتباينتان إلى أقصى حد. المجموعة الأولى: وهم “السعداء”، الذين يتمتعون بصحة بدنية وعقلية جيدة ويشعرون بالرضا عن الحياة، وعلى الطرف الآخر من الطيف يوجد “التعساء”، وقد كانت صحتهم البدنية والعقلية أقل من المتوسط، ولم يكونوا راضين عن الحياة.

عندما كانوا صغارا، كان المسنون السعداء يميلون إلى مراكمة بعض الموارد وتنمية بعض العادات الصحية التي ساهمت في سعادتهم عندما تقدمت بهم السن، إضافة إلى ذلك فهناك عوامل أخرى أثرت على حالتهم، وبعض من هذه العوامل لا يمكن التحكم فيها من مثل الأثر الجيني وتحدرهم من أجداد يعمرون طويلا، وعدم وجود أمراض وراثية في سلالتهم، وكذلك وجود آباء وفروا لهم طفولة سعيدة خالية من المشاكل.

أعمدة السعادة السبع

ومع ذلك، فهناك الكثير من العوامل التي تقع تحت سيطرتنا، ويمكن أن يعلمنا ذلك الكثير حول كيفية التخطيط للحياة السعيدة في أواخر العمر، وفي هذا السياق، حدد البروفيسور والكاتب الأميركي آرثر سي بروك -باستخدام بيانات دراسة هارفارد في مقالة له نشرتها منصة  “ذا أتلانتك” (The Atlantic)  مؤخرا- 7 عوامل أساسية مهمة يمكننا التحكم فيها، ولها علاقة مباشرة بصحتنا وسعادتنا في المستقبل، وهي: عدم التدخين، عدم تعاطي الكحول، وزن الجسم، التمارين الرياضية، المرونة العاطفية، التعليم المستمر، والعلاقات الاجتماعية.

1- لا تدخن، وإذا كنت تدخن بالفعل، فتوقف الآن، قد لا تنجح في محاولتك الأولى، ولكن كلما بدأت عملية الإقلاع مبكرا، زادت السنوات الخالية من التدخين التي يمكنك استثمارها في حساب السعادة الخاص بك.

2- شرب الكحول محرم دينيا ومضر صحيا، وهو يرتبط ارتباطا وثيقا بالتدخين في دراسة هارفارد، كما أنه يعد أحد أقوى العوامل التي تهدم الصحة البدنية والعقلية للبشر، ويقود للتعاسة في النهاية، فإذا كنت من مدمني الكحول فاحصل على المساعدة الطبية فورا، وإذا كان هناك أحد من عائلتك يتعاطى هذه الآفة فلا تقلده واترك هذا الباب مغلقا للأبد.

3الحفاظ على وزن صحي للجسم يعتبر أمرا ضروريا لحياة سعيدة، وهنا ننصحك باتباع نظام غذائي يحتوي على الكثير من الفواكه والخضروات، أما إذا كان وزنك زائدا فاتبع حمية خفيفة مع التمارين الرياضية، وتجنب الحميات الشديدة التي لا يمكنك الحفاظ عليها على المدى الطويل. السكون عدو الحياة، ولهذا اعط الأولوية للحركة في حياتك، من خلال تحديد وقت لها كل يوم والالتزام بهذا الوقت، وهنا يمكن القول إن أفضل طريقة تم اختبارها على مدار الوقت للقيام بذلك هي المشي يوميا. امش فالمشي حياة.

4- القدرة على التأقلم مع متطلبات الحياة وتقلباتها يعد أمرا مهما للغاية، وكلما تمكنت في وقت مبكر من حياتك من إيجاد طرق صحية للتعامل مع مصاعب الحياة التي لا مفر منها؛ كنت أكثر استعدادا إذا حدث سوء الحظ وأنت في الثمانينيات من العمر، وهذا يعني العمل بوعي وتجنب الاجترار المفرط للأحزان أو الإخفاق الذي قد يتعرض لهما كل واحد منا في هذه الحياة.

5- التعلم المستمر، حيث يؤدي المزيد من التعليم إلى عقل أكثر نشاطا في الشيخوخة، وهذا يعني حياة أطول وأكثر سعادة، ولا يعني هذا أنك بحاجة للذهاب إلى الدراسة في الجامعة. تحتاج ببساطة إلى الانخراط في التعلم الهادف مدى الحياة، وهذا يأتي عن طريق المطالعة بحيث تصبح القراءة جزءا من روتين حياتك اليومي.

6- قم بالعمل على تنمية علاقات مستقرة وطويلة الأمد الآن، وبالنسبة لمعظم الناس فإن هذا يشمل زواجا ثابتا، ولكن العلاقات الأخرى مع العائلة والأصدقاء والشركاء يمكن أن تندرج في هذه الفئة أيضا، والهدف هو العثور على الأشخاص الذين يمكنك الاعتماد عليهم والتقدم في العمر معهم، مع معرفتك أنهم سيقفون معك مهما كانت الظروف.

7- أفضل طريقة لتعظيم فرصك في السعادة في السبعينيات من العمر هي متابعة جميع هذه الأهداف السابقة بحماس، ولكن إذا كان بإمكانك اختيار واحدة فقط منها فلتكن الأخيرة، فوفق دراسة هارفارد، فإن أهم سمة فردية لكبار السن الذين يتمتعون بالسعادة والصحة الجيدة كانت العلاقات الاجتماعية الصحية، فوجود شريك لك يقاسمك هموم الحياة وملذاتها، مع وجود روابط عائلية قوية وأصدقاء يدعمونك هي أهم لبنة في صرح السعادة.

الجميع يحب النهايات السعيدة في القصص والروايات، فما بالك إن كانت هذه القصة هي قصة حياتك أنت… ابدأ في كتابة تلك النهاية اليوم.

المصدر : مواقع إلكترونية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *