اقتصاد

تقرير: منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعيش مفارقة رقمية تحرمها من مداخيل بالملايير

قال البنك الدولي في تقرير  صدر حديثا، إن اعتماد التقنيات الرقمية في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من شأنه أن يحقق منافع اجتماعية واقتصادية هائلة تصل قيمتها إلى مئات المليارات من الدولارات سنوياً، وطفرة تشتد الحاجة إليها في الوظائف الجديدة.

وأبرز التقرير منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعيش مفارقة رقمية وتنفرد بها. ففي حين بدأ سكان المنطقة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على مستوى أعلى من المتوقع نظرا لمستويات نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي فإن استخدام السكان للإنترنت والأدوات الرقمية مثل المعاملات المالية عبر الهاتف المحمول لسداد قيمة الخدمات أقل مما كان متوقعا في ضوء مستوى دخل البلدان.

فعلى سبيل المثال، يضيف التقرير، يستخدم نحو 66 في المائة  من سكان المنطقة الإنترنت في حين لا يستخدمها سوى 61 في المائة في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، ولا يستخدمها سوى 54 في المائة في منطقة شرق آسيا والمحيط الهادئ.

وأوضح التقرير، أن استخدام المدفوعات الرقمية في البلدان النامية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (أي البلدان غير الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي)  يصل إلى 32 في المائة مقابل 43 في المائة في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. وباستثناء إيران والإمارات العربية المتحدة، تقل الحسابات على الهاتف المحمول في معظم بلدان المنطقة بشكل أقل مما كان متوقعاً نظرا لمستويات دخلها، وتقل نسبة سكان دول مجلس التعاون الخليجي الذين لديهم حسابات مالية على الهاتف المحمول (21%) عن نسبة سكان منطقة أفريقيا جنوب الصحراء (24%).

ويرى التقرير أن الافتقار إلى الثقة المجتمعية في المؤسسات الحكومية والمؤسسية، علاوة على اللوائح التنظيمية التي تجعل التحول الرقمي أكثر صعوبة، هي من بين الأسباب المحتملة لهذا التحفظ في استخدام التكنولوجيا الرقمية في المعاملات المالية.

وتتضمن اللوائح التنظيمية للسياسات التي اقترحها التقرير فتح سوق الاتصالات في المنطقة لزيادة المنافسة، وهو ما يمكن أن يساعد على رفع معدل إتاحة واستخدام المعاملات المالية عبر الهاتف المحمول والمدفوعات الرقمية، مع تحقيق فائدة إضافية تتمثل في زيادة الشمول المالي من خلال توسيع نطاق الوصول إلى الحسابات المالية.

وشدد التقرير على ضرورة اتخاذ إجراءات لتعزيز الإطار التنظيمي الداعم لمعاملات التجارة الإلكترونية، بما في ذلك التوقيعات الإلكترونية وحماية خصوصية البيانات والأمن السيبراني، مشيرا إلى أن إن تسريع وتيرة التحول نحو الاقتصاد الرقمي يستلزم إعطاء الأولوية للإصلاحات اللازمة لزيادة استخدام المدفوعات الرقمية، وذلك للتغلب على المفارقة الرقمية التي تنفرد بها المنطقة.

وقال فريد بلحاج، نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا  في تعقيبه على التقرير، إن المكاسب التي تتحقق من زيادة التحول إلى اقتصاد رقمي هائلة، وينبغي على الحكومات أن تفعل كل ما في وسعها لإزالة الحواجز التي تحول دون هذا التحول. وكلما كانت تلك الدفعة عاجلة وذات وتيرة أسرع، كلما زادت المكاسب. ومن شأن التحول الرقمي أن يوفر فرص عمل في منطقة ترتفع فيها معدلات البطالة بدرجة غير مقبولة، لاسيما بين الشباب والنساء. ومن خلال الجهود المنسقة، يمكن أن يتغير هذا الوضع.

وتوقع التقرير أن يؤدي اعتماد التقنيات الرقمية بصورة شاملة إلى مضاعفة معدل مشاركة النساء في القوى العاملة بنحو 20 نقطة مئوية على مدى 30 عاما (من 40 مليون امرأة إلى 80 مليوناً خلال تلك الفترة).  وستزيد فرص العمل في شركات الصناعات التحويلية بنسبة 5% على الأقل على مدى 30 عاماً، أي ما يعادل 1.5 مليون فرصة عمل على الأقل على مدى 30 عاما، و50 ألف فرصة عمل إضافية في الصناعات التحويلية في المتوسط سنوياً.

كما أن تبني هذا النظام بشكل شامل، من شأنه أن يحد من البطالة الاحتكاكية من 10 إلى 7 في المائة من قوة العمل على مدى ست سنوات (من 12 مليونا إلى نحو 8 ملايين عاطل عن العمل) وإلى البطالة الاحتكاكية الصفرية في غضون 16 عاماً.

والبطالة الاحتكاكية، أو الطبيعية، هي الوقت الذي يستغرقه العمال في البحث عن وظائف جديدة أو الانتقال بين الوظائف طواعية. إذ يتم خفض الوقت المستغرق في التوفيق بين الباحثين عن عمل والوظائف الشاغرة بدرجة كبيرة من خلال التقنيات الرقمية مثل البريد الإلكتروني أو منصات البحث عن الوظائف عبر الإنترنت أو منصات الشبكات للعثور على الوظائف والتنافس عليها بوتيرة أكثر سرعة.

ويشير التقرير إلى أن الرقمنة الكاملة للاقتصاد يمكن أن ترفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة لا تقل عن 46 في المائة على مدى 30 عاما، أو من حيث القيمة الدولارية لمكاسب طويلة الأجل لا تقل عن 1.6 تريليون دولار.

وتشير التقديرات الواردة في التقرير، كذلك، إلى أنه خلال السنة الأولى، يمكن أن يصل نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي في المنطقة إلى 300 مليار دولار. وستكون هذه الزيادة أكثر وضوحاً في البلدان الأقل دخلاً في المنطقة، بزيادة بنسبة مسبة 71 في المائة على الأقل نظرا لأن المكاسب مدفوعة بسد الفجوة في الحصول على التقنيات الرقمية، فالفجوة في إمكانية الحصول على التمويل أكبر في البلدان ذات الدخل غير المرتفع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *