أخبار الساعة، مجتمع

“سفراء المكارم” مشروع دولي ينشد عالما متراحما.. والفراك يبرز فلسفة المشترك الإنساني (فيديو)

تستمر فعاليات برنامج “سفراء المكارم” لسنة 2022 التي اختير لها اسم “دورة ريان”، باستضافة أكاديميين وباحثين ودعاة وإعلاميين وفنانين، ضمن مشروع تكويني تدريبي يسعى إلى تخريج عدد من المهتمين بالمجال الأخلاقي في شقيه النظري والتطبيقي.

المشروع الذي ينظمه “المركز الدولي للقيم الإنسانية والتعاون الحضاري”، بشراكة مع “الجمعية المغربية مكارم للأخلاق والقيم”، انطلقت فعالياته يوم 11 مارس وتستمر لغاية 3 أبريل المقبل، عبر تقنية التناظر عن بعد، حيث اختير له شعار “من أجل عالم إنساني متراحم”.

ويأتي هذا المشروع، بحسب الجهة المنظمة، في ظل الحاجة الماسة إلى تظافر جهود الجميع وتعاونهم “ليكونوا رسلَ إنسانية وأخلاق، وليجمعوا في رسالتهم بين الأسس النظرية الموجهة والمهارات العملية البانية”.

وتشير الجهة المنظمة لـ”سفراء المكارم” إلى أن البشرية “تعيش من حين لآخر رجَّاتٍ تُذكرها بما تتخبط فيه من أعطاب، وترشدها إلى مداخل الشفاء والصواب، وتحيي في قوبها ميثاق الفطرة الأول”.

وأوضحت أن المشروع استلهم موضوعه من حادثة الطفل ريان وما أثارته من تضامن واسع شارك فيه عدد هائل من الإعلاميين والفنانين والمواطنين والسياسيين وغيرهم من المؤثرين وفعاليات المجتمع المدني.

واعتبرت أن “هذه الرسالة الأخلاقية القوية تشير إلى المفتاح القيمي للخروج من حالة الشرود الذي تعيشه البشرية، وأن تعابير التضامن والتراحم القوية التي طبعت هذا الحدث تمثل رسائل أخلاقية عميقة، نرى أن من الواجب أن نؤسس عليها خطوات عملية قاصدة ونضخ روحها المباركة في برامجنا”.

المشترك الإنساني

الدورة التي ينسق أشغالها وبرنامجها العام الباحث في فلسفة الأخلاق، لخضر حمادي، عرفت أمس الجمعة، محاضرة بعنوان “فلسفة المشترك الإنساني” للدكتور أحمد الفراك، أستاذ الفلسفة بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، سيرها الدكتور ماجد فوزي أبو غزالة، المدير التنفيذي للمعهد العالمي للفكر الإسلامي بالأردن.

ففي محاضرته، أوضح الفراك أن موضوع الندوة ينطوي على أفكار وقيم مشتركة بين الإنسانية جمعاء، مشيرا إلى أن فلسفة المشترك الإنساني موضوع شاسع، وسيقتصر فيه التحدث في أمور عامة دون الدخول في التفاصيل.

فبعد أن عرف مصطلح المشترك الإنساني، ذكر المتحدث المجالات التي يشترك فيها الناس مع بعضهم البعض، والتي تتمثل في اشتراكهم في الخلقة الآدمية والفطرة بوصفهما مشتركا كونيا أصليا في الإنسان، كما أن الناس مشتركون في الوجود والحياة والبيئة وفي المصير أحرارا ابتداء.

وأكد على أن المشترك بين الناس هو أصيل وليس طارئ، وهذه الطبيعة المشتركة يكون الرهان فيها على مخالقة كوكبية تكتشف أصولها وتبنى عليها مواطنة عالمية، بل آفاق عالمية عنوانها قوله تعالى “فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه”.

وأضاف أن ذلك هدفه “المضي قدما نحو ثقافة التعاون والتعايش بين كل الآدميين والانتصار لهذه الثقافة تحت شعار قوله تعالى “وتعاونوا على البر والتقوى”، بعيدا عن الفتن التاريخية التي تلغي الغير وتتهمه وتثنيه”، داعيا إلى مواكبة التغييرات العالمية وتفهمها لإنجاز نموذج عمراني يستوعب حسنات النماذج التاريخية والواقعية.

وشدد على ضرورة استلهام عالم اليوم للأسس الجامعة بين الإنسانية ومراعاة المشتركات الكبرى التي تجمع بين كلية الدين والانتصار للقيم المشتركة، باستثمار الأسس الدينية والأخلاقية والعلمية والعمرانية والبيئية، وأهمها استثمار الأسس الدينية.

ويرى الأستاذ الجامعي أن المشترك الانساني يستدعي الأديان ولا يلغيها، لافتا إلى أن الدين أصل كل حضارة وأن بين الأديان مشترك كلي يعبر عنه بمبدأ الوحدة المتعالية للأديان، حسب قوله.

وأشار إلى وحدة النبوة والمشترك الرسالي وأن الرسالات كلها تنتمي إلى ديوان الإسلام الكبير، “فالدين عند الله واحد هو الإسلام، وهو الدين المشترك الذي يبني العالمية، وينبغي للخطاب والتفكير أن ينصرف إلى إعداد مشروع العالم الذي يستقبل هذه الرسالة”.

كما أبرز الفراك الأساس الأخلاقي والقيم الناظمة للمشترك الإنساني، وعلى رأسها مطلب العدل والحرية والسلم باعتبارها مطالب أصلية مشتركة بين الإنسانية جميع، مشددا على أنها مطالب قرآنية دعا القرآن إلى حفظها من جانبي الوجود والعدم.

وإلى جانب محاضرة الفراك، يترقب المشاركون في الدورة، ورشة عملية مع الإعلامي والمنتج بقناة الجزيرة الدكتور خالد الجبلي من مصر، حول “السمعي البصري وأخلاق والسلم الرحمة والتعاون”، مساء اليوم السبت”، وذلك من الوحدة الثانية من بين الوحدات الأربع للدورة.

يُشار إلى أن المركز الدولي للقيم الإنسانية والتعاون الحضاري، هو مؤسسة بحثية أكاديمية مستقلة تُعنى بالقيم والأخلاق والتعاون الحضاري، تم تأسيسه بالعاصمة البريطانية لندن من قبل مجموعة من الباحثين والخبراء، ويطمح للمساهمة في بناء عالم يحترم القيم الإنسانية، عبر تفعيل سبل الحوار والتعاون الحضاري.

ويهدف المركز إلى “نشر القيم الأخلاقية الإيجابية وتعزيزها لدى الأفراد والأسرة والمُجتمع، والارتقاء بمُستوى الوعي بأهمية ترسيخ الأخلاق والقيم الإنسانية النبيلة المشتركة، والتحذير من خطورة الانسلاخ عنها”.

كما يهدف إلى “تعزيز ثقافة التَّسامُح والرّفق وبَث روح التَّعاون والتَّآزر والخلق الحسن، إلى جانب تفعيل ودعم المبادرات الرَّامية إلى تحصين الإنسان في بيئته من مظاهر الانحلال.

* التقرير أُعدَّ بتعاون مع الطالبة الباحثة: فتيحة جابري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *