مجتمع

هكذا تعرض مئات المغاربة والأجانب لعملية نصب واحتيال عقاري من شركة إماراتية (فيديو)

تحول حلم امتلاك سكن بالمغرب إلى مأساة بالنسبة لمجموعة من المواطنين، أغلبهم من المهجر، بعد تعرضهم لعملية نصب واحتيال من طرف شركة “الوادي الأخضر” الإماراتية العقارية، بمدينتي الدار البيضاء ومراكش.

بداية القصة

ظهرت الشركة الإماراتية “الوادي الأخضر” سنة 2004 للاستثمار في مجال العقار بكامل فروعها، سواء تعلق الأمر بالبناء أو التأجير أو الوساطة أو الإدارة، كاشفة النقاب عن مشاريع ضخمة في مراكش والدار البيضاء.

وفي سنة 2016 أعلنت الشركة المذكورة عن إطلاق مشروعي “الوادي الأخضر” بمراكش، الذي وصفته على أنه ” جنة” تمتد على مساحة مليوني قدم أي 186 ألف متر مربع، مبرزة أن الأمر يتعلق بتجمع سكني مطلّ على جبال الأطلس جنوب مدينة مراكش على بعد 10 دقائق من مطارها والمكون من 350 فيلا فاخرة، قبل أن يلحق به مشروعات في الدار البيضاء وتحديدا في بوسكورة والنواصر والمكونان من الشقق الفخمة.

استقطاب الضحايا بحضور وهبي وبنعبد الله والمنصوري

نظمت الشركة حفل تقديم مشروع ” الوادي الأخضر” بمراكش سنة 2016 لاستجلاب المشترين، اختارت له الشركة الإمارتية شعار “مشاريعنا ليست إعلانات.. مشاريعنا إنجازات”، معلنة عن تحويل فضاءات العيش إلى “جنان” تنتشر فيها المساحات الخضراء والمرافق الترفيهية والفضاءات التجارية الفخمة وغيرها.

اجتهدت الشركة في استقطاب شخصيات عمومية لهذا الحفل، لتكون بمثابة ضمانات تقنع الزبناء المحتملين بأن المشروع يستحق أن توضع فيه ثقتهم، وكان من بين الذين حضروه والي مراكش، عمدة مدينة مراكش، فاطمة الزهراء المنصوري، ونبيل بن عبد الله الذي كان وقتها وزيرا للسكنى وسياسة المدينة، والذي رحب بحرارة باستثمارات الشركة الإمارتية في المغرب والتقطت له صور وهو يصافح على سعيد سليمان عبيد السلامي، الرئيس المدير العام للمؤسسة، والذي سيصبح فيها بعد ملاحقا قضائيا في العديد من دول العالم، إضافة لوزير العدل الحالي، عبد اللطيف وهبي، الذي قدمته الشركة على أنه مستشارها القانوني.

تسهيلات في الأداء

استعملت الشركة، لإسقاط المزيد من المشترين، إغراءات لتسويق المشروع العقاري الإماراتي بالمغرب منها طريقة الأداء، والتي بدت للكثير ميسرة لدرجة أن مواطنين مغاربة مقيميين في دول الخليج وأوروبا قصدوا شركة “الوادي الأخضر” للاستفادة من ذلك العرض، والمتمثل بتقسيم مبلغ المسكن إلى 3 أجزاء، القسط الأول عبارة عن 20 في المائة يسلم عند الحجز، والثاني 20 في المائة أيضا ويسدد عند التسليم، والشطر الثالث المكون من 60 في المائة من إجمالي المبلغ فيقسم على خمس سنوات بنسبة 1 في المائة فقط شهريا.

وكان المغربي يوسف منصور، الممثل العام لفرع مجموعة ” الوادي الأخضر” بالمغرب قد أعلن عن هذا النظام الأدائي في ندوة صحفية وقال عنه بأنه يجري اعتماده لأول مرة بالمملكة وهو نفسه الذي تتعامل به الشركة مع زبنائها في الشرق الأوسط وتركيا والعديد من الدول الأخرى.

كما أعلن منصور حينها أن الإقبال الكبير على مشروع مراكش المسمی “مدينة الوادي الأخضر” ومشروعي الدار البيضاء المسميين “لؤلؤة كازا” ومجمع الإمارات، دفع الشركة إلى إتمام مسطرة الترخيص لمشروع رابع بالمغرب سيكون هو الثاني في مراكش.

وكان هذا الحفل بمثابة “الفخ” الذي وقع فيه المئات من الضحايا في مشاريع ” الوادي الأخضر” الموزعة على الدار البيضاء ومراكش”، وخلاله جری استعراض مخططات المجمعات السكنية الفاخرة المكونة من فيلات وشقق فخمة، هذا الحفل لم يكن إلا الجزء الأول من خطة تسويقية محكمة لجلب أكبر عدد من الزبناء الذين سيتحولون فيما بعد لضحايا.

إبرام عقود البيع والشراء

بعد عملية التسويق، بدأت شركة “مراكش كولف فالي” في إبرام عقود بيع وشراء مع المشترين، ووعدت جميع المتعاقدين معها أنها ستقوم بإنشاء شقق ووحدات سكنية بمشاريع سياحية بمدينة مراكش والدار البيضاء، وذلك خلال فترة لا تتعدى 42 شهرا من تاريخ التوقيع على عقد البيع أو الحجز.

رغم أداء الأشخاص المتعاقدين مع الشركة المذكورة مبالغ كبيرة في حسابها، كما هو متفق عليه طبقا لعقد البيع أو الحجز، فإن الشركة لم تقم بالبدء في إنجاز المشروع المذكور ولم تعمل على إرجاع المبالغ المستحقة للمتعاقدين معها.

الوقوع في “الفخ”

كانت بداية اكتشاف معالم النصب من طرف الضحايا بعد قيام بعضهم بزيارة موقع سكناهم المستقبلية ليكتشفوا أن بعض الأوراش لم ينطلق العمل فيها أساسا وبعضها الآخر توقفت بها الأشغال، إذ كان من المنتظر أن تبدأ الشركة الإمارتية تسليم العقارات لأصحابها منذ سنة 2019 وخلال مدة لا تتجاوز سنة 2021 على أقصى تقدير.

اكتشف الضحايا كذلك أن الشركة الأم “الوادي الأخضر” لاتشتغل بهذا الاسم في مشاريعها بالمغرب، بل لها أسماء أخرى وردت في الشكاية الموجهة ضد رئيسها للنيابة العامة من بينها “غولف فالي” “ومراکش غريت فالي” و”جي في جي للتطور العقاري”، ما يعني أن الشركة الإمارتية تضع في الواجهة شركات أخرى تصنعها وتسجلها في السجل التجاري المغربي بأرقام مختلفة، وهنا سيظهر اسم المحامي بهيئة الرباط عبد اللطيف وهبي في هذا الملف، وكان حينها، حسب الشكايات والمراسلات، هو المستشار القانوني للشركة.

وتم التأكد من صفة عبد اللطيف وهبي هذه، عبر وثيقة موقعة من طرف وهبي نفسه بتاريخ فاتح نونبر لفائدة شركة “مراکش غريت فالي” بمثابة إشهاد يبين لمواطنين سعوديين أن من حقهم تملك العقارات الموجودة ضمن مشاريع للشركة الإمارتية في المغرب وهي نفسها التي سيتعثر إنجازها.

اللجوء للقضاء

قام المتعاقدون برفع دعاوى أمام قضاء الموضوع، رامية إلى فسخ عقود التخصيص وإرجاع المبالغ والتعويض، منها ما تم البث فيه بأحكام قضت ببطلان عقد التخصيص وإرجاع المبالغ كالحكم عدد 1905 الصادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش بتاریخ 09/22/2021 في الملف عدد 2020/1201/1278 ومنها ما لايزال رائجا أمام قضاء الموضوع.

وموازاة مع ذلك قام المتعاقدون مع الشركة المذكورة باستصدار أوامر بناء على طلب، تقضي بإيقاع الحجز على عقارات موضوع عقود البيع أو التخصيص، حيث تمت الاستجابة إليه بموجب أوامر من بينهم الأمر عدد 2826 الصادر بتاريخ 2021/07/02 في الملف عدد 2021/1103/2826 الذي استصدرته أحد ضحايا الشركة المذكورة عن رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش.

وتقدمت الشركة بمقال استعجالي بتاريخ 27/10/2021 تلتمس من خلاله الحكم برفع الحجز الذي استصدرته أحد الضحايا؛ المأمور به بمقتضى الأمر بالحجز عدد 2826 الصادر بتاريخ 2021/07/02 في إطار الملف عدد 2021/1103/2826 الواقع على رسم عقاري.

وبعد مجموعة من الردود بين الشركة وأحد الضحايا مصدرة الأمر القاضي بالحجز، صدر أمر بتاريخ 24/11/2021 قضى وفق منطوقه برفع الحجز التحفظي الواقع على أحد الرسوم العقارية الأخرى.

تورط شركة “مراكش كولف فالي”

تورطت شركة “مراكش كولف فالي” بمختلف أسمائها عن طريق ممثليها القانونيين في أفعال إجرامية يعاقب عليها القانون خاصة النصب والاحتيال، إذ قامت بالاستيلاء على أموال الضحايا باستعمال الحيل والخداع والمكر، حيث لجأت إلى الكذب والتأكيدات الخادعة التي دفعت الضحايا المقيمين خارج المغرب إلى إبرام عقود البيع والشراء أو الحجز حسب كل حالة، وبالتالي دفع المبالغ المترتبة عنها وفاء بالالتزامات المحددة بموجب العقود، حيث قدمت- الشركة صاحبة مشروع الوادي الأخضر للعقارات عن طريق ممثليها القانونيين۔ وثائق لا تمت إلى الواقع بصلة، أهمها عقد البيع والشراء وملحقاته، دفتر المواصفات والخرائط التفصيلية.

قام المتورطون بحبك هذه الوقائع التي تؤكد عزم الشركة وإدارتها على إقامة مجموعة من المشاريع العقارية الوهمية كمشروع الوادي الأخضر في شطره الأول والثاني بمراكش ومشروع المجمع الإماراتي السكني ومشروع “كازا” ومشروع إقامة الإمارات بالدار البيضاء.

كما أن الشركة العقارية “الوادي الأخضر” أوهمت ضحاياها بأنها ستعمل على إنجاز الشقق وتسليمها في الميعاد المحدد، إذ قامت بتفصيل جميع الأمور المتعلقة بالمشروع، وبعملية بيع الوحدات السكنية في عقد البيع والشراء وبملحقاته، مما أدى إلى اقتناع الضحايا بتسليم الدفوعات المالية كمقابل ثمن الوحدات السكنية، دفعت في حساب الشركة صاحبة المشروع الوهمي ببنك الإمارات دبي الوطني.

فضلا عن ذلك، أخفت شركة “مراكش كولف فالي” عن طريق ممثليها القانونيين، وقائع صحيحة، من بين ذلك كون العقارات محل إقامة المشاريع العقارية عبارة عن قطع فلاحية لا تدخلان ضمن المجال الحضري، ولا ترتبطان بأي صلة بما تم الترويج له.

حسرة الضحايا وسقوط صاحب الشركة

لم يفطن ضحايا مشروع “الوادي الأخضر” من خلال إبرامهم لعقود البيع والشراء إلى كون عملية شراء عقار في طور الإنجاز لابد وأن تتم في إطار محرر رسمي أو ثابت التاريخ، طبقا لما ينص عليه القانون 44.00 المتعلق ببيع العقار في طور الإنجاز.

استغلت الشركة الإماراتية المذكورة ممثليها القانونيين لدفع المشتكين لعدد مهم من المبالغ، عن طريق استعمال تلك وسائل احتيالية بغرض تغليط الضحايا ودفعهم إلى أداء المبالغ تنفيذا لعقد البيع والشراء الباطل قانونا، من أجل تحقيق منفعة مالية وهي الاستيلاء على الدفوعات المالية دو وهو الأمر الذي ألحق ضررا ماديا وخسارة كبيرة بالضحايا.

كما قام المسير الحالي للشركة وبغية التضليل بإخفاء وقائع صحيحة وذلك بتغيير اسم الشركة من شركة “مراكش كولف فالي” إلى شركة “سام ج بروبيرتي ش.م.م”، وهو الأمر الذي يمكن الوقوف عليه من خلال أن الشركة باسميها يحمل نفس رقم السجل التجاري 74093، وأن تغيير اسم الشركة كان الغرض منه حيازة الأموال المدفوعة من طرف المشتكين بشكل نهائي، ما يمثل جنحة إخفاء وقائع صحيحة منصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 540 من القانون الجنائي.

من الأفعال الجرمية التي تورط فيها الممثلين القانونيين للشركة، هو عدم تنفيذ عقد، حيث أبرم الطرفان، شركة مراكش كولف فالي (شركة سامج بروبيرتي حاليا) ومجموعة من الضحايا عقود بيع وشراء من أجل اقتناء وحدات سكنية في مشاريع الدار البيضاء ومراكش، لكن تبين أن شركة “مراكش كولف فالي” لم تقم بتجهيز الأرض والبناء فيها وإتمام إجراءات البيع كما هو متفق عليه مع المستفيد داخل الأجل، بل ورفضت حتى إرجاع المبالغ المدفوعة.

سقط علي سعيد سليمان عبيد السلامي، الرئيس المدير العام لـ”الوادي الأخضر” في قبضة السلطات الإماراتية بعد إدانته في قضية احتيال بيع وحدات عقارية لأكثر من 500 شخص في أوروبا، إضافة لتهم عدم وجود رخصة بناء من قبل سلطات تلك الدولة، وعدم امتلاك الشركة لترخيص من هيئة التنظيم العقاري في دبي.

قضت المحكمة بحبس السلامي ثلاثة أشهر وغرامة 672 ألف و308 درهما إماراتيا في دعوى من ضحية واحد فقط من إجمالي الضحايا الذي اشتروا في المشروع، غير أن هذا الأمر لم يعد للضحايا المغاربة أموالهم لحدود الساعة رغم إصدار المحاكم المغربية لأحكام في صالحهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • بنعباس
    منذ سنتين

    من حقنا التساؤل: كيف لمن يتولى مسؤولية كبيرة يساهم في التشهير لشركة دون ان تكون له الضمانات الكافية والتتبع الإداري للتأكد من رأسمالها صواب مشاريعها تشجيعا للاستثمار وبعت الثقة لذى المستهلكين، اما اذا كانت الشركة اجنبية فلا بد التوافق مع مسؤولي دولتها، وينطبق الامر على الممثلين الذين يساهمون في الدعاية لمنتوج ما، غالبا ما يضعون مشوارهم في مهب الريح مقابل دراهم معدودة. وعلى المواطن ان يتحرى الطريق الصحيح قبل الارتماء " ألف تخميمة وتخميمة ولا ضربة بالمقص" كم من احتيال عرفه مجتمعنا ولا زال دون اتعاض