خارج الحدود

لبنان.. إعلان الإفلاس حقيقة أم مناورة تفاوضية مع صندوق النقد الدولي؟

قال نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي في برنامج إخباري بثته قناة (الجديد) التليفزيونية اللبنانية ليل أول أمس (الأحد) أن “الدولة مفلسة وكذلك مصرف لبنان المركزي”. وذكر الشامي ، حسب مصادر إعلامية، وهو رئيس الوفد اللبناني المفاوض مع صندوق النقد الدولي أن “الخسارة وقعت وأن المعالجة تكون بتقليل الخسائر”.
وبعد ساعات من ذلك خرجت مصادر حكومية لبناية لتصف تلك التصريحات بأنها غير رسمية، وأنها جاءت من وحي المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، ويعلن البنك المركزي تكذيبه لمزاعم إفلاسه، ما أثار أسئلة حول حقيقة الوضع في دولة أنهكتها الأزمات الاقتصادية والسياسية.

ليس إعلانا رسميا

حسب سي ان ان بالعربية، أكد مصدر حكومي لبناني أن تصريحات نائب رئيس الوزراء سعادة الشامي عن “إفلاس لبنان ومصرف لبنان” المركزي تأتي من وحي المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي يتولاها، والتي بموجبها يطلب لبنان مساعدة الصندوق للمساعدة على الايفاء بالتزاماته، وبالتالي فإن هذا التصريح “ليس إعلانًا رسميًا” عن إفلاس لبنان.

وقال المصدر، في تصريح لموقع CNN بالعربية، إن أي موقف حكومي بهذا الشأن يُعرض أولا على مجلس الوزراء ويعلنه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي يمثل الحكومة وينطق باسمها. وأضاف المصدر أن تصريحات الشامي “لا تحمل أي صفة رسمية ولا تعبر عن رأي الحكومة”.

في الوقت نفسه، قال حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في بيان، إن “ما يتم تداوله حول إفلاس المصرف المركزي غير صحيح”، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية.

وأضاف سلامة: “بالرغم من الخسائر التي أصابت القطاع المالي في لبنان، والتي هي قيد المعالجة في خطة التعافي التي يتم إعدادها حاليا من قبل الحكومة اللبنانية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، ما زال مصرف لبنان يمارس دوره الموكل إليه بموجب المادة 70 من قانون النقد والتسليف وسوف يستمر بذلك”.

الخسارة التي تحدث عنها الشامي

بعد أن أكد نائب رئيس الوزراء اللبناني سعادة الشامي أن “الدولة مفلسة وكذلك مصرف لبنان المركزي”. أضاف رئيس الوفد اللبناني المفاوض مع صندوق النقد الدولي أن “الخسارة وقعت وأن المعالجة تكون بتقليل الخسائر”.

وحول توزيع الخسائر، أشار الشامي إلى أنها ستوزع على الدولة ومصرف لبنان المركزي والمصارف التجارية والمودعين.

وحسب مصادر إعلامية، يمر لبنان بأزمة اقتصادية ومالية هي الأسوأ في تاريخه وقد صنفها البنك الدولي بين الأزمات الثلاث الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الـ 19، إضافة إلى أزمة كورونا وتداعيات انفجار مرفأ بيروت.

وتفرض المصارف منذ نحو عامين، حسب نفس المصادر، قيودا مشددة على سحب الودائع بالعملة الأجنبية، وتضع سقوفا على سحب الأموال بالليرة اللبنانية.

وكان لبنان أعلن في مارس 2020 “تعليق” سداد كافة مستحقات سندات اليوروبوند بالعملات الأجنبية ، مع تأكيده السعي إلى التفاوض حول إعادة هيكلة الديون الخارجية والداخلية البالغة قرابة 90 مليار دولار في ظل أزمة مالية تطول الاحتياطات بالعملات الأجنبية.

وتناهز حصة المصارف اللبنانية نصف سندات اليوروبوند المقدرة بنحو 30 مليار دولار.

وكان صندوق النقد الدولي أبدى استعداده لمساعدة لبنان على وضع برنامج متكامل للتعافي يمكنه من مواجهة الأزمة المالية والاقتصادية الراهنة يشمل الإصلاحات في المالية العامة وقطاع المصارف والمصرف المركزي والإصلاحات الهيكلية بما في ذلك الإصلاحات المتعلقة بتخفيف حدة الفقر والحوكمة والكهرباء.

وقد شرعت الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي في مطلع أكتوبر الماضي بإجراء محادثات مع صندوق النقد الدولي بعد توقفها مع استقالة حكومة حسان دياب في أغسطس 2020.

وقد طلب وفد من الصندوق خلال لقائه الرئيس اللبناني ميشال عون في 29 مارس الماضي “التزاما من رؤساء الجمهورية والبرلمان ومجلس الوزراء بالسير نحو انجاز الإصلاحات المطلوبة للخطة كاملة، لا سيما منها إقرار الكابيتال كونترول وإدخال تعديلات على قانون السرية المصرفية، وإعادة هيكلة القطاع المالي والمصرفي بما في ذلك مصرف لبنان، ليكون على مستوى معايير الحوكمة”.

ويعاني لبنان من انهيار عملته المحلية في وقت تضرب فيه البلد أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية وصحية متشابكة أدت لارتفاع معدل الفقر إلى 82 % مع تفاقم البطالة والتضخم وتآكل المداخيل والمدخرات وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار مع شح في الوقود والأدوية وحليب الأطفال.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *