منوعات

كيف يكون انقراض النحل علامة على قرب انقراض البشر أيضا؟

حسب منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” يفاجأ الكثيرون عند معرفة أنّ هناك عدداً كبيراً جداً من أنواع النحل وهي لا تقتصر على نحل العسل فحسب – فقد أحصي في الواقع وجود نحو 20 ألف نوع مختلف.

ويرتبط النحل في مفهوم الغالبية الأعم من البشر بنحل العسل، الذي يشكل جزءًا شديد الصغر من عالم النحل الواسع، حسب موقع (scientificamerican)، فنحل العسل ينتمي إلى جنس أبيس Apis، ويندرج تحته تسعة أنواع تقوم جميعها بإنتاج العسل.

وحسب المصدر ذاته، يواجه نحل العسل العديد من المشكلات، كاستخدام المبيدات الحشرية وتغيُّر المناخ، ولكنه غير مهدد بالانقراض؛ لأن الإنسان يقوم بتربيته وإكثاره والحفاظ عليه في مختلِف مناطق العالم، ولم يُدرجه الاتحاد العالمي للحفاظ على الطبيعة (IUCN)، وهو المعني بوضع القائمة الحمراء للأنواع المهددة بالانقراض.

ويتم الحديث مند سنوات عن خطورة انقراض النحل على حياة البشر، وعلى عدد من الأنظمة الإكولوجية، فما علاقة تهديدات انقراض النحل بالبشر؟

تنبيه أينشتاين

قال عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين (14 مارس 1879 – 18 ابريل 1955) ذات مرة، حسب أندبندنت بالعربية، “بعد انقراض النحل قد يبقى الإنسان أربع سنوات إضافية”، ولكن قوله هذا لم يُؤخذ على محمل الجد كما أُخذت نظرياته العلمية التي جعلت منه أحد أعظم العباقرة، إلى أن جاء عام 2016، حسب نفس المصدر، وبدأ العالم يفهم مقولة أينشتاين تلك، فعالم الفيزياء يعرف السلسلة البيئية المترابطة، ويمكنه رؤيتها بطريقة لا يمكن للبشر الآخرين أن يروها. فخلال دراسة ميدانية قامت بها منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، قارن فيها العلماء إنتاجية 344 رقعة زراعية في مختلف أنحاء أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، ليخلصوا إلى أن المحاصيل الزراعية جاءت أقل على نحو ملحوظ في المزارع التي تجذب أعداداً أقل من النحل خلال موسم الإزهار الرئيس مقارنة بتلك التي يتوافد عليها النحل بمعدلات أعلى.

وحسب موقع الأمم المتحدة، يُعد أكثر من 25 إلى 30 ألف نوع من النحل (غشائية الأجنحة) من الملقحات الفعّالة، كما أنها تشكل الغالبية العظمى من أنواع الملقحات جنبا إلى جنب مع الفراشات والذباب والدبابير، والخنافس. كما توجد كذلك ملقحات أحادية من مثل الخفافيش والثدييات التي لا تستطيع الطيران (أنواع من القرود والقوارض والسناجب) والطيور (مثل طائر الطنان، وطائر التمير، وبعض أنواع الببغاوات).

والفهم الحالي لعملية التلقيح، حسب نفس المصدر، يظهر أنه في حين توجد علاقات محددة بين النباتات وملقحاتها، ولكن خدمات التلقيح الصحية مضمونة أكثر من خلال وفرة وتنوع الملقحات. ومع ذلك فإن تنوع الملقحات — ونظام التلقيح بمجمله — معرضة للخطر بسبب ما تواجه من تحديات رئيسية مثل الزراعة المكثفة واستخدام المبيدات الحشرية و تغير المناخ.

مصير وجود البشر مرتبط بوجود النحل

أعاد التوصل إلى هذه النتائج اعترافاً للنحل بقيمة وأهمية لم تكن لها قبل ذلك. ودراسة “فاو” بيّنت أهمية النحل عبر التاريخ على إنتاج الغذاء على الكوكب الأزرق، وبدأ العلماء بتحديد أهمية النحل البري في التلقيح وهو لا ينتج العسل كأقاربه من نحل العسل، ثم تلت الدراسات واحدة تلو الأخرى حول النحل، لتصل إلى نتائج غريبة، وقد أثارت الاستهجان على مستوى العالم، ذلك أن مصير وجود الجنس البشري مرتبط بوجود النحل، والمشكلة الكبرى أن هؤلاء العلماء اكتشفوا أن أعداد النحل في العالم تتناقص بشكل كبير وسريع من دون أن يكون السبب واضحاً حتى الآن، ورصدوا انقراض أنواع من النحل واقتراب بعض منها من الانقراض.

وحسب موقع الأمم المتحدة، فالملقحات، التي يعتبر النحل من بين أنشطها، تساعد عديد من النباتات، بما في ذلك المحاصيل الغذائية على التكاثر. ولا يقتصر دور الملقحات على المساهمة المباشرة في الأمن الغذائي وحسب، بل تعتبر عنصرًا أساسيًا في الحفاظ على التنوع الحيوي الذي هو ركيزة أخرى من ركائز أهداف التنمية المستدامة.

والتلقيح، حسب نفس المصدر، عملية أساسية لبقاء أنظمتنا البيئية. فما يقرب من 90% من أنواع النباتات المزهرة البرية في العالم تعتمد اعتمادا كليًا أو جزئيًا على تلقيح حيواني، فضلا عن اعتماد أكثر من 75% من المحاصيل الغذائية في العالم و 35% من الأراضي الزراعية العالمية عليه. وبالتالي فالملقحات تساهم بشكل مباشر في الأمن الغذائي، فضلا عن أنها هي مفتاح الحفاظ على التنوع البيولوجي كذلك.

وحسب أندبندنت بالعربية، لتأكيد مدى تأثير تغير المناخ على النحل بالتالي على البشر، يمكن أن نأخذ النحلة الطنانة، مثالاً، إذ يعتمد محصول البندورة أو الطماطم بشدة على تلقيح “الطنانة” للإثمار فهو يلتصق بالزهرة ويهزها بعنف، ما يطلق حبوب اللقاح منها، واختفاء هذا النوع من النحل، سواء بسبب تغير الطقس أو الجفاف أو المبيدات الحشرية أو تزايد أعداد الحشرات التي تتغذى على هذا النحل بسبب تغيرات في النظام الإيكولوجي، فمهما كان السبب، فإنه سيؤثر بالتأكيد على غذاء البشر وعلى وجود نبتة الطماطم نفسها، والتي قد تنقرض بدورها بسبب عدم التلقيح.

كان صدور تقرير “فاو” قبل ثماني سنوات فقط بمثابة المنبه لأهمية النحل ومدى ما تستفيد منه المحاصيل الزراعية من نشاط الملقحات الطبيعية، والتي تمضي بتخصيب النباتات عرضياً بمجرد أن تنتقل من زهرة إلى أخرى. ويؤكد التقرير الذي صدر في مجلة “ساينس” (Science) أنه “من الممكن أن يصبح للنحل دور رئيس في تحسين إنتاج ما لا يقل عن ملياري نسمة من صغار المزارعين في مختلف أنحاء الكوكب وتدعيم الأمن الغذائي في ظل التزايد المطرد لسكانه”.
ويرى عدد من العلماء أن الحل يكون بتربية سلالات مختلفة من النحل في المنطقة نفسها بما لها من قدرات طيران متفاوتة، كي تتمكن من الوصول إلى أكبر من المساحات لتلقيحها، لأن هناك سلالات من النحل تواجه صعوبة في تغطية الحقول الكبيرة بسبب الابتعاد عن موائلها الطبيعية

هل ينقرض النحل؟

وبرأي الخبيرة نادين عزو، المنسقة العالمية لمشروعات الأمم المتحدة للإنتاج النباتي وحماية النبات، فإن “النحل سيعاني لا محالة من ارتفاع درجات الحرارة، والزهور في بعض أجزاء العالم ستتفتح بفعل تغير المناخ في أوقات مختلفة عن العادة، وعليه، فلن يتوافد عليها النحل لإتمام اللقاح”، حسب اندبندنت بالعربية.

وحسب نفس المصدر، المقرر وسط المجتمع العلمي الزراعي أن نحل العسل غير مهدد بالانقراض لأن الإنسان يقوم بتربيته وإكثاره والحفاظ عليه في مختلف مناطق العالم، لكن النحل البري اليوم بمختلف أنواعه يواجه عديد من التحديات، وبعض الأنواع البرية من النحل على القائمة الحمراء للأنواع المهددة والمعرضة لخطر الانقراض نتيجة لتدمير موائلها والتوسع العمراني والزراعي واحترار المناخ.

وحسب موقع الأمم المتحدة، يواجه عموم النحل تهديدا وجوديا. فهناك تزايد في معدلات انقراض الأنواع الموجودة من 100 إلى 1000 مرة عن المعدل الطبيعي بسبب الآثار البشرية. ويواجه زهاء 35% من الملقحات اللافقارية، وبخاصة النحل والفراشات، وزهاء 17% من الملقحات الفقارية، مثل الخفافيش، تهديد الانقراض على مستوى العالم.

ونظرا للأهمية التي له في الحياة قررت الأمم المتحدة أن تجعل للنحل يوماً عالمياً في 20 مايو (أيار) من كل عام، وقد جاء في المقطع التعريفي لهذا اليوم العالمي أن النحل أكثر الكائنات تفانياً في العمل على وجه الأرض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *