سياسة

انتهى معظمها لصالح المغرب .. 5 أزمات طبعت نصف قرن من العلاقات بين مدريد والرباط

عرفت العلاقات الإسبانية المغربية منذ وفاة فرانسيسكو فرانكو سنة 1975 وإرساء الديمقراطية بالمملكة الإيبيرية خمس أزمات كبرى انتهى معظمها لصالح المغرب.

وبالرغم من كون هذه الأحداث التي بدأت مع الراحل الحسن الثاني واستمرت مع الملك محمد السادس بعد حوالي 3 سنوات من اعتلاء العرش لم تعرف مواجهات عسكرية، إلا أنها أكدت وجود “أزمة صامتة” بين البلدين، رغم الجو الودي الذي قد يظهر من خلال تبادل الزيارات بين كبار المسؤولين.

وأول أزمة، بحسب صحيفة الباييس، هي حدث المسيرة الخضراء التي أعلن الملك الراحل الحسن الثاني عن تنظيمها، مستنداً في ذلك إلى رأي أصدرته محكمة العدل الدولية يوم 16 أكتوبر 1975 مفاده أن الصحراء لم تكن خلاء وأن روابط البيعة كانت قائمة مع قبائل صحراوية.

وانطلقت المسيرة الخضراء بمشاركة حوالي 350 ألف مغربى ومغربية، الخميس 6 نونمبر من عام 1975، نحو الأراضى الصحراوية المغربية بهدف استرجاعها وإنهاء الاستعمار الإسبانى بها.

أما الأزمة الثانية التي عرفها البلدان فتعود لـ11 من يوليوز 2002 بعد إقدام المغرب على خطوة إقامة مركز مراقبة أمني بجزير ليلى بهدف محاربة الهجرة غير الشرعية والإرهاب في مضيق جبل طارق، قابلتها إسبانيا بإرسال فرقة من القوات الخاصة في إطار عملية عسكرية أطلقت عليها “روميو سيرا” مدعومة بغواصة وفرقاطة بحرية ومقاتلات ومروحيات، فنزلت الفرقة بالجزيرة وألقت القبض على الجنود المغاربة ونقلتهم إلى سبتة ثم سلمتهم فيما بعد للسلطات المغربية.

ولمدة يومين ظلت القوات الإسبانية بالجزيرة بعدما قامت بإزالة العلم المغربي ورفع العلم الإسباني في 18 يوليوز، قبل أن تنسحب من الجزيرة بتدخل الولايات المتحدة الأمريكية وأطراف دولية أخرى كوسطاء لإنهاء التوتر، لتعود الجزيرة خالية من القوات المغربية والإسبانية، ليتنهي النزاع في 20 يوليوز 2002 بشكل رسمي.

وبالرغم من انتهاء النزاع بالجزيرة، فقد استمرت الأزمة بين البلدين التي حدثت أثناء رئاسة الحكومة الإسبانية لخوسيه ماريا أثنار، لمدة 15 شهرًا.

وفي 30 يناير 2003 ، أعلنت إسبانيا والمغرب عودة سفيريهما اللذين تم سحبهما لوضع حد للأزمة ، وكان ذلك بوساطة وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك، كولن باول.

الأزمة الثالثة التي طبعت علاقة المغرب بجارته الشمالية كانت سنة 2007 بعدما قرر الملك الإسباني خوان كارلوس زيارة المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، وهي الزيارة الأولى منذ اعتلائه العرش قبل 32 عاما والأولى التي يقوم بها حاكم اسباني منذ 74 عاما، بعد تلك التي قام الرئيس الجمهوري نيسيتو ألكالا زامورا سنة 1933.

وقال رئيس الوزراء الإسباني آنذاك، خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، إن زيارة الملك والملكة تأتي لتأكيد حرص إسبانيا على المدينتين.

من جانبه انتقد الملك المغربي محمد السادس الزيارة التي قام بها نظيره الإسباني خوان كارلوس إلى مدينتي سبتة ومليلية معتبرا أن ذلك لا يغير شيئا من كون المدينتين محتلتين، واستدعي سفير المغرب في مدريد عمر عزيمان للتشاور.

وقال عباس الفاسي الذي كان يشغل منصب الوزير الأول في الحكومة المغربية إن على إسبانيا “أن تعي أن زمن الاستعمار قد ولى”، معتبرا أن زيارة الملك الإسباني للمدينتين “من شأنها أن تؤثر على العلاقات بين البلدين وعلى الأمن والاستقرار في منطقة البحر الأبيض المتوسط”.

وفي سنة 2014، وبالضبط في الـ7 من غشت 2014، طفت إلى السطح أزمة رابعة بين البلدين بعدما جرى إيقاف الملك محمد السادس من طرف عناصر في الحرس المدنِي الإسبانِي وهو على متن زورق سريع، في مياه مدينة سبتة المحتلة، وفق ما ذكرته صحيفة “إلموندو” الإسبانية.

عملية الحرس الإسباني أغضبت الملك محمد السادس الذي أبدى استياءه مما لاقاه في اتصال هاتفي بنظيره الإسباني، فيليبي السادس الذي عمل على احتواء الحادث الذي تطور فيما بعد لأزمة ديبلوماسية بين البلدين.

بعد خمسة أيام من الحادث، تورد “إلباييس”، كانت هناك أكبر موجة من القوارب، حيث وصل حوالي 1400 مهاجر، معظمهم من جنوب الصحراء الكبرى، إلى شواطئ إسبانيا على متن حوالي مائة قارب.

وانتهت الأزمة بعد تقديم الجانب الإسباني اعتذاره عن حادث اعتراض قارب الملك محمد السادس بمياه سبتة المحتلة وذلك في لقاء جمع بين وزير الداخلية محمد حصاد، ووزير الداخلية الاسباني خورخي دياز بمنتجع ساحلي بتطوان،بعد 20 يوما من الحادث.

وفي أبريل من عام 2021 ولدت أزمة دبلوماسية خامسة بين المغرب وجارتها إسبانيا عقب استقبالها زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي بهوية مزورة، وبطريقة سرية، وهي الخطوة التي أغضبت الرباط وأشعلت خلافًا بلغت حدته استدعاء السفيرة المغربية لدى مدريد.

جاء ذلك بعد مطالبة المغرب للجار الشمالي بالوضوح في موقفه تجاه قضية وحدته الترابية بعد الاعتراف الأمريكي في الـ10 من دجنبر 2020 بمغربية الصحراء.

وأصدرت الخارجية المغربية بياناً شديد اللهجة ضد الخطوة الإسبانية قالت فيه: “منذ أن استقبلت إسبانيا على أراضيها زعيم مليشيات البوليساريو المتهم بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، زاد المسؤولون الإسبان من عدد التصريحات التي تحاول تبرير هذا العمل الخطير والمخالف لروح الشراكة التي تجمع البلدين”.

وبعد شهر، خففت السلطات المغربية الإجراءات الأمنية المحيطة بمدينة سبتة التي تقع تحت السيطرة الإسبانية، فتدفق الآلاف إليها خلال ساعات وهي الخطوة التي رآها البعض أنها نوع من العقاب لإسبانيا بسبب استقبالها لغالي.

وكانت رسالة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، للملك محمد السادس في مارس الماضي، والتي أكد  فيها أنه “يعترف بأهمية قضية الصحراء بالنسبة للمغرب”بداية لإنهاء أزمة أشعلتها الصحراء المغربية.

وأشار الديوان الملكي ضمن بلاغ له إلى أن “إسبانيا تعتبر المبادرة المغربية للحكم الذاتي بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف” المتعلق بالصحراء المغربية.

وأكد البلاغ أن “إسبانيا تعتبر مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب سنة 2007 بمثابة الأساس الأكثر جدية وواقعية ومصداقية من أجل تسوية الخلاف”.

كما أشاد سانشيز ضمن رسالته إلى الملك محمد السادس بـ “الجهود الجادة وذات المصداقية التي يقوم بها المغرب في إطار الأمم المتحدة من أجل تسوية ترضي جميع الأطراف”.

وفي السابع من أبريل الجاري، استقبل الملك محمد السادس، بالقصر الملكي بالرباط، بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، الذي يقوم، بدعوة من الملك، بزيارة للمغرب، في إطار مرحلة جديدة من الشراكة بين المملكتين المغربية والإسبانية.

وأفاد بلاغ للديوان الملكي، أن هذا الاستقبال يأتي امتدادا للمحادثات الهاتفية التي جرت في 31 مارس بين الملك محمد السادس ورئيس الحكومة الإسبانية، وتجسيدا للرسالة التي وجهها في 14 مارس سانشيز إلى الملك، والتي التزمت فيها الحكومة الإسبانية بتدشين مرحلة جديدة في العلاقات بين المملكتين، قائمة على الشفافية والاحترام المتبادل.

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *