أخبار الساعة

العماري من ميدايز: العالم يعرف تحولات جيوسياسية عميقة

قال إلياس العماري رئيس جهة طنجة الحسيمة تطوان، “إن عالمنا اليوم يعرف تحولات جيوسياسية عميقة لا تتجلى تمظهراتها في الاقتصاد و السياسة و الاجتماع فقط، بل حتى المفاهيم أصبحت تأخذ مدلولات جديدة تساير البراديجمات الجديدة لعلاقات الدول والمجتمعات والثقافات فيما بينها، فكما هو الشأن مع الثورات العلمية التي انتقلت من براديجم إلى آخر عبر تاريخ تطور العلوم والمعارف البشرية، تعرف العلاقات الدولية، اليوم، انزياحا جذريا يساير تحرك الأقطاب الكبرى في العالم”.

وأضاف العماري، في كلمة له بمناسبة انعقاد الدورة التاسعة لمنتدى “ميدايز”، أنه “إذا كانت القطبية الثنائية التي تحكمت في رسم الاصطفافات الدولية من بداية القرن العشرين إلى الثمانينيات، قد أفرزت نماذج اقتصادية و سياسية و ثقافية ظلت الدول التابعة في أفريقيا و أمريكا الجنوبية و آسيا حبيسة براديجمين أحاديين متناقضين، واحد في الشرق و الآخر في الغرب فإن نضج تجارب الشعوب في المقاومة و الصمود أحدث ثورة داخل هذا النسق الذي فرض على الأمم رهنَ كلِ شئ بالقوة العسكرية و بالأسلحة المتفاوتة الخطورة. و قد أفرزت هذه التجاذبات القطبية نماذج اقتصادية شرعنت الاستعمار و استنزاف ثروات الطبيعة و الشعوب”.

وأوضح العماري، أنه “داخل هذا البراديجم الثنائي القطبية كانت تنشط فعاليات المجتمع المدني التي انتبهت مبكرا، إلى المخاطر التي تنتظر العالم والكون جراء التسابق المفرط على الرفع من الإنتاج مقابل الرفع من الرغبة في الاستهلاك لمراكمة الثروات من خلال استغلال و استنزاف كل شئ من طرف الشركات العابرة للقارات. و هكذا عمل المجتمع المدني على إثارة الأسئلة ذات الإنشغال بالقضايا البيئية و المناخية، ليس فقط من أجل حماية الطبيعة و الكوكب الأرضي، و إنما من أجل حماية الأمن الغذائي للبشرية خصوصا في دول الجنوب”.

واعتبر المتحدث ذاته، أن هاجس توفير الأمن الغذائي للشعوب، و حماية كوكبنا الأرضي من مخاطر التغيرات المناخية، “كان ضمن الأولويات التي شددت عليها أشغال مؤتمر كوب 22 بمراكش. و قد طفا على سطح هذه الأشغال توجه عام لدى ممثلي المجتمع المدني و شعوب دول الجنوب يميل إلى تثوير البراديجات التقليدية، و يفتح المجال لعلاقات جديدة لا تولي وجهها فقط نحو الغرب أو الشرق، وإنما تتجه نحو تعزيز العلاقات جنوب-جنوب، و تقوية العلاقات الإقتصادية المتوازنة التي تراعي شروط التنمية المستدامة، وفق منطق خال من القطبية و التبعية”.

وأكد العماري،أن جهة طنجة-تطوان-الحسيمة، انخرطت في هذه الدينامية الجديدة التي واكبت الإعداد لكوب22، “بتنظيمنا لمؤتمر الأطراف لدول البحر الأبيض المتوسط حول المناخ شهر يوليوز الماضي. و قد تم دق ناقوس الخطر، هنا حيث نحن اليوم، حول المخاطر الجسيمة التي تهدد حوض المتوسط الذي يعتبر من أكثر المناطق في العالم عرضة للتغيرات المناخية، مع ما ينتج عن ذلك من كوارث طبيعية و آفات اجتماعية و أزمات إقتصادية. و من أجل ضمان تدخلات ناجعة للحد من هذه المخاطر، انخرطنا في فتح علاقات جديدة، بما تسمح به صلاحيات الجماعات الترابية، داخل براديجم جديد، ينفتح بدرجة أكثر على آسيا، و يرجع بنا إلى عمقنا الأفريقي، مع الإستمرار في تطوير العلاقات مع الشمال”.

وأشار العماري، إلى أن مدينة طنجة، و “من خلالها المغرب ليست مجرد بوابة لأوروبا نحو أفريقيا، و إنما هي أيضا، ملتقى للطرق التي تفتح أفريقيا على أوروبا و آسيا و جنوب أمريكا، إنها ليست مجرد جسر لاستجلاب ثروات الجنوب، و إنما هي أرضية لجلب الثروات نحو الجنوب، و لنشر القيم الروحية الإنسانية النبيلة القائمة على السلم و الكرامة.”