مجتمع

نضوب عين تامدة الشهيرة بأبزو.. عندما يهدد الجفاف الفلاحة والسياحة (فيديو)

لم تسجل ذاكرة سكان منطقة ابزو، بإقليم أزيلال، حالة تشبه حال المنتجع السياحي تامدة الشهير، فبعد الجفاف الذي أصاب مناطق مختلفة من المغرب، زاد حفر آبار بمحيط بحيرة تامدة من التأثير سلبا على حجم المياه المتدفقة فيها، وتغير لون مياهها إلى الأخضر الناصع بسبب قلة التدفق وضهور بعض النباتات.

وتنذر الوضعية التي يعرفها بحيرة تامدة بتصحر قد يصيب الغطاء النباتي التي تتزبن به منطقة ابزو، والذي يقدر بمئات الهكتارات، إضافة إلى قتل الرواج الاقتصادي والتجاري والسياحي الذي تعرفه المنطقة، خاصة خلال فصل الصيف.

مصدر مائي مهم

عبد الكريم رمزي، فاعل جمعوي منطقة ابزو، قال إن عين تامدة تعتبر مصدرا مائيا مهما ورئيسيا للعديد من الدواوير المجاورة، فبه تسقي مئات من حقول الزيتون والخروب والرمان والعنب، التي تعيش منها مئات الأسر.

وأضاف رمزي، في تصريح لجريدة “العمق”، أن العين كذلك محجا للزوار والسياح الداخليين، خاصة في فترة الصيف مع ارتفاع الحرارة، كما تخلق رواجا اقتصادي يستفيد منه أبناء المنطقة.

بسبب الجفاف أم الآبار

وأشار رمزي إلى أن توالي الجفاف في السنوات الماضية القليلة، تسبب في تناقص مياهها، مردفا أن ساكنة ابزو تطرح هذه السنة احتمالية كون الآبار التي تم حفرها غير بعيد عن مجرى العين قد أثرت هي أيضا، بشكل سلبي على حجم المياه التي تصب في البحيرة.

من جهته قال هشام بنيني، مستثمر سياحي بالقرب من منتجع تامدة، إنه بالرغم من مرور سنوات الجفاف لم تعرف العين نضوب بعض عيونها كهذه السنة، واصفا الحالة التي تعرفها بحيرة تامدة بـ”الكارثة”.

وضع كارثي وتحرك استباقي

سعيد السلالي، وهو فلاح بالمنطقة، ورئيس جمعية مائية تعنى بمجال السقي الفلاحي، قال: “تامدة هي ابزو، وابزو هو تامدة، ولا يمكن التفريق بينهما، أو الحديث عن واحد دون الآخر”.

وزاد في تصريح للعمق، أن ساكنة القبائل والدواوير المستفيدة من مياه عيون تامدة، كانت في وقت مضى تسقي ضيعاتها الفلاحية باستمرار، لأن المياه كانت تتدفق من أربعة مجاري، إلا أن اليوم تتناوب القبائل على مجرى مياه واحد بسبب قلة المياه ونضوب بعض العيون.

بعد هذا المصاب، تحرك فاعلون جمعويون بمنطقة ابزو في تنسيقية محلية من أجل الترافع على الموضوع وإنقاذ عيون تامدة، وذلك من أجل الوقوف على الأسباب الفعلية وراء هذا المشكل.

تأثير على الصناعة التقليدية

للوهلة الأولى قد يتبادر للذهن أن الجفاف يؤثر على النشاط الفلاحي للساكنة، وقد تجتهد العقول لأن تربط ذلك باقتصاد المواطنين. لكن أن يؤثر نضوب عين مياه في صناعة الجلباب البزيوي، فهذا يحتاج إلى أهل ابزو العارفين بشعابها.

جمال الجكاني، وهو رئيس جمعية النسيج البزيوي للتنمية، كشف لجريدة “العمق”، أن نضوب عين تامدة سينعكس سلبا على الصناعة التقليدية التي تعرفها المنطقة، باعتبارها من الوسائل الأساسية التي يعتمدها الصناع التقليديون في إنتاج الجلابة البزيوية.

وأوضح الجكاني، أن عمليات كثيرة لإنتاج ثوب الجلباب البزيوي، تمر داخل عين “الصوفة” المحاذية لبحيرة تامدة،وهي عمليات أساسية وضرورية في إنتاج المواد الأولية، بداية من غسل البطانة و”السدا”، والغسل بالكبريت و”تيغشت”.

وزاد المتحدث، أن تأثير عين تامدة على المنطقة كبير، وكبير جدا، معربا عن تمنيه في إيجاد آذان صاغية، لأن المشكل، وفق تعبيره، ليس بالسهل ولا بالبساطة التي يجيبونها بها بعض المسؤولين، لأن ضرره يتعدى مواطنا أو إثنين أو عشرة، بل يصيب أمة من الخلق.

حلول مقترحة

تقترح ساكنة ابزو حلين لتجاوز هذه المعضلة الذي لم يسبق أن عرفتها المنطقة، أولهم قانوني، وهي مراقبة الآبار التي يتم حفرها غير بعيد عن مجرى العين، لتأثيرها الكبير في إضعاف منسوب المياه، وكذلك ملئ أحد السدود التلية المجاورة لإنعاش المياه الجوفية.

وحسب هشام بنين، فتقنين عملية حفر الآبار لا تعني أننا ضد ضد الأشخاص الذين يستثمرون في الفلاحة وينشئون ضيعات كبيرة تحتاج للسقي، بل نحتاج للتقنين لأنه لا يمكن التضحية بعدد كبير من الساكنة التي تستفيد من هذه العين اقتصاديا وصناعيا وسياحيا، والتضحية بمورث ثقافي وشعبي مشهور، من أجل إرضاء شخص واحد.

ومن جهته اقترح عبد الكريم رمزي، تعبئة سد مرماش التلي المتواجد بالقرب من المنطقة، لأن الفرشة المائية تعرف انتعاشا كبيرا عندما يكون مملوءا، وتلاحظ الساكنة ذلك بعد تدفق المياه بشكل كبير في الآبار والعيون المجاورة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *