أخبار الساعة، منوعات

علم النفس يفسر.. لماذا تتواضع النساء في وصف ذكائهن فيما يبالغ الرجال في ذلك؟

من فرط تواضعهن في وصف ذكائهن يعتقد كثيرون أن ذكاء النساء فعلا أقل من ذكاء الرجال. ورغم عدم وجود فروق معتبرة بين ذكاء الرجال والنساء، إلا أن الرجال غالبا ما يبالغون في وصف ذكائهم.

وبين تواضع النساء في وصف ذكائهن ومبالغة الرجال في ذلك، تشكلت صورة نمطية تسم النساء بضعف الذكاء، تغذيها عوامل اجتماعية وثقافية اقتصادية مختلفة.

ربط الذكاء بالرجال

وعلى الرغم من أن قلة من الناس يعترفون (على الأقل بصوت عال) بأنهم متحيزون ضد المرأة؛ حسب الجزيرة نت، إلا أن بحثا جديدا نُشر في مجلة “علم النفس الاجتماعي التجريبي” العلمية (Journal of Experimental Social Psychology )  في سبتمبر/أيلول 2020، وجد أن ما يقرب من 75% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع من أكثر من 78 دولة حول العالم يربطون ضمنيا المستويات العالية من الذكاء بالرجال أكثر من النساء.

في البداية سأل الباحثون من جامعة نيويورك وجامعة دنفر وجامعة هارفارد أكثر من 3600 شخص، بما في ذلك الأطفال، عما إذا كانوا يتفقون مع الصورة النمطية بأن الرجال أكثر ذكاء من النساء، فأكدوا أنهم لا يتفقون مع ذلك.

لكن الباحثين طلبوا منهم بعد ذلك إجراء اختبار يقيس تحيزهم الضمني، أو المواقف أو الصور النمطية التي تؤثر دون وعي على قراراتنا، وكانت النتيجة أنه ما بين 60% و75% من المشاركين أظهروا بعض الأدلة على الصورة النمطية الضمنية، التي ربطت الذكاء بالرجال أكثر من النساء.

اخلاف في تقدير الذكاء بين الرجال والنساء

وفي تقرير نشرته مجلة “نيورو ساينس نيوز”  الأميركية قال الكاتب ديفيد رايلي، حسب الجزيرة نت، إنه عندما يُطلب من الناس تقدير مستوى ذكائهم عادة ما يجيبون بأنه فوق المتوسط، وهذا التحيز المعرفي طبيعي وصحي ويعكس الرغبة الاجتماعية في الصدق، وهو معروف بـ”تأثير فوق المتوسط”.

كبرياء الرجال وتواضع النساء

وفي دراسة حديثة استكشف الباحثون كيف يقيّم الرجال والنساء ذكاءهم بشكل ثابت، وتم تقييم مقاييس التقدير الذاتي العام والخصائص الذكورية والأنثوية، وقد تبين أن العامل الأساسي وراء المبالغة في تقدير الذكاء هو الجنس البيولوجي ثم الجنس النفسي. بعبارة أخرى، كون الشخص ذكرا أو يتمتع بصفات ذكورية يمنحه ذلك صورة فكرية مضخمة عن نفسه.

ورغم ميل الناس عموما للمبالغة في تقدير ذكائهم فإن هناك تفاوتا واضحا بين النساء والرجال، إذ تقلل النساء عادة من مستوى ذكائهن، فيما يفعل الرجال العكس.

لا توجد فروق بين الجنسين بمعدل الذكاء الفعلي

يدرك الباحثون في علم النفس والذكاء أنه لا توجد اختلافات في معدل الذكاء الفعلي بين الرجل والمرأة أو بالأحرى لا وجود لما يسمى “الجنس الأذكى”، وقد تم دحض الفكرة القائلة إن النساء أقل ذكاء من الرجال بسبب صغر حجم أدمغتهن نسبيا مقارنة بالرجال بفضل تطوير مقاييس موضوعية لتقييم الذكاء.

وفي القرن الماضي تغيرت القوالب النمطية بشكل كبير، واليوم يتفق معظم الأشخاص على أنه لا فرق بين الجنسين، ومن النادر إيجاد مثل هذه النمطية الفكرية في معظم البلدان، ومع ذلك يمكن رؤية التأييد غير المباشر والسري لهذه الفكرة على نطاق واسع.

وفي دراسة كلاسيكية لعلم النفس الاجتماعي طُلب من الآباء تقدير ذكاء أولادهم، فكانت تقديرات معدل ذكاء الذكور أعلى بكثير من الإناث، وتكررت هذه النتيجة حول العالم.

وفي الواقع، تعد توقعات الوالدين مهمة في تشكيل صورة الطفل عن ذكائه الخاص، ويمكن أن تنبئ بمدى تفوقه الأكاديمي مستقبلا.

كما أن الاختلاف في تقدير الذات بين الجنسين عامل مهم أيضا، ذلك أن الأشخاص الذين يكون لديهم تقدير عالٍ لذواتهم تكون لديهم رؤية إيجابية لجميع محاور حياتهم “بما في ذلك قدراتهم الذهنية”، وعموما يكون تقدير النساء لذواتهن أقل من الرجال، ويظهر هذا الفرق في مرحلة مبكرة من المراهقة.

ما الذي توصلت إليه الدراسة؟

طُلب من المشاركين تقدير معدل ذكائهم بعد اطلاعهم على الطريقة التي يحتسب بها، كان متوسط الدرجات 100 نقطة، وشاهد المشاركون نتائج ثلثي الأشخاص (66%) الذين سجلوا معدلات بين 85 و115، وذلك لإعطائهم إطارا مرجعيا للتقديرات.

وأُخبر المشاركون بأنهم سيخضعون لاختبار الذكاء بعد تقييم مستوى ذكائهم بأنفسهم أولا، وذلك للحد من التفاخر الكاذب والتقديرات المبالغ فيها، وهو ما سيسمح بقياس مدى دقة التقديرات الذاتية للإناث والرجال.

أتم المشاركون أيضا اختبارا لقياس معدل تقدير الذات العام بوجود كاشف لقياس الخصائص الذكورية والأنثوية، وأظهرت العينات متوسط ذكاء من 107.55 نقاط، وهو فوق المتوسط بقليل كما كان متوقعا، وكان الرجال والنساء متسقين إلى حد ما من حيث دقة التقديرات، وكان الفرق أن درجات الرجال مبالغ فيها أحيانا على عكس النساء.

لماذا يهم كل هذا؟

أشار الكاتب إلى أن علماء النفس التربويين يهتمون بصورة الذات الذهنية لأنها تشبه النبوءة، فإذا كنت تظن أنك لست قادرا على تحقيق شيء ما فلن تحققه، وهذا يعني أنه عندما تقلل الفتيات من ذكائهن في المدرسة يكنّ أكثر ميلا لاختيار التخصصات العلمية مثل العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وهذا يحد من خياراتهن المهنية المستقبلية، وقد يفسر هذا الفرق في الأجور بين الجنسين.

وأشار الكاتب إلى أننا نحتاج لرفع طموحات الفتيات ليشاركن في حل مشاكل مجتمعنا المعقدة، وهذا يبدأ في مرحلة مبكرة مع توقعات الآباء لمعدل ذكاء بناتهم والفروق في تقدير الذات بين الجنسين، وسيكون من الجيد كآباء ومعلمين ومجتمع أن نبني ثقة فتياتنا ونسائنا حتى يؤمن بأنفسهن ويتحررن من الشكوك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *