اقتصاد، سياسة

البنك الأوروبي للإعمار يعقد مؤتمره بمراكش وأخنوش يبرز جهود المغرب لتجاوز الأزمة الاقتصادية

انطلقت اليوم الأربعاء بمراكش، أشغال الاجتماع السنوي رقم 31 لمجلس محافظي البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، والذي ينظم تحت رعاية الملك محمد السادس على مدى يومين، بحضور 73 دولة ومساهمين مؤسساتيين في البنك الأوروبي، من ضمنهم المغرب.

رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اعتبر أن الاجتماع الذي ينعقد في ظرفية دولية غير مسبوقة، حول موضوع “رفع التحديات في عالم متقلب”، يشكل فرصة سانحة للتشاور والحوار حول التداعيات الاقتصادية والاجتماعية لمستجدات الظرفية ومحطة للتأمل في الآفاق المستقبلية.

وأوضح رئيس الحكومة في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية، أن العالم يعيش منذ سنة 2020 على وقع أزمات متتالية، انطلقت بأزمة كوفيد-19 التي تسببت في ركود اقتصادي غير مسبوق، وفق تعبيره.

وأضاف أنه مع بروز آمال تحسن الوضعية الصحية وبداية انتعاش الاقتصاد العالمي 2021، انطلقت أزمة جديدة مرتبطة بارتفاع أسعار المواد الأولية بفعل ارتفاع الطلب. وتفاقمت في بداية هذه السنة حدة التضخم على خلفية تصاعد الاضطرابات الجيوستراتيجية، واندلاع الأزمة الأوكرانية، وهو ما شكل صدمة بالنسبة للاقتصاد العالمي.

واعتبر أن الإجابة عن هذه التحديات، لا يمكن أن يقتصر الأمر على تسجيل صعوبة المرحلة أو تدارس آثارها فحسب، بل يجدر توحيد جهود مختلف الفاعلين دوليا، بروح مسؤولية مشتركة، من أجل إيجاد الحلول الكفيلة بإخراج العالم من هذه الأزمة وتخفيف آثارها على الاقتصادات الوطنية، خاصة على الدول متوسطة ومنخفضة الدخل.

وأشار إلى أن الدول النامية تعاني، خاصة من العجز الحاصل في التوازن بين العرض والطلب فيما يخص المواد الأولية المستوردة، وينتج عن استمرار هذا الوضع تفاقم سلوكات غير مستدامة.

وتساءل في هذا الصدد بالقول: “هل يعقل مثلا أن تستعمل الأراضي الفلاحية كمصادر إنتاج بديل للطاقة، في حين أن العالم في حاجة لتوافر المنتوجات الغذائية الأساسية وبأثمنة معقولة؟ وهل من المستدام أن تثقل دول كاهلها بديون تخصص لدفع أثمنة استيراد متصاعدة وتبعثر أولوياتها التنموية؟”.

جهود المغرب

وأفاد أخنوش بأن هذه الأزمات المستوردة أرخت بظلالها على اقتصاد المغرب كما كل الاقتصادات الوطنية، مضيفا: “اتخذت بلادنا، تحت قيادة الملك محمد السادس نصره الله، مجموعة من الإجراءات الاستباقية الهادفة، كانت محط إجماع وإشادة وطنيا ودوليا”.

وسجل في هذا الإطار، عودة الاقتصاد المغربي إلى مسار النمو السائد قبل الجائحة بنسبة نمو تناهز 7،6٪ مقابل توقعات أولية آنذاك في حدود 5٪ لسنة 2021، إلا أن الظرفية الحالية تجعل بلدنا أمام تحديات كبرى ذات أبعاد وطنية ودولية ونحن مدعوون لرفعها في عالم متقلب، كما جاء في شعار هذا الاجتماع.

ولهذه الغاية، يقول أخنوش: “شرعت بلادنا في تفعيل خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي، تهدف أساسا لإحداث طفرة نوعية في هيكلة الاقتصاد الوطني من خلال تشجيع القطاعات الواعدة ذات القيمة المضافة العالية”.

كما تهدف إلى تحفيز الاقتصاد الأخضر والرقمي والرفع من نسبة إدماج النساء في سوق الشغل والتعجيل باستعادة قدرات القطاعات الإنتاجية، تماشيا مع التوجهات الاستراتيجية لسياسة اقتصاد السوق والمبادرة الخاصة التي ينهجها المغرب منذ عقود، وفق تعبيره.

ولإنجاح هذا الورش، يضيف، “تولي بلادنا اهتماما خاصا لخلق بيئة أعمال جذابة تعزز تنمية الاستثمار الخاص، المحلي والأجنبي على حد سواء، وتبذل جهودا مهمة لتبسيط الإجراءات الإدارية، وتطوير القطاع المالي، ودعم الاستثمار الخاص، خاصة من خلال إصلاح ميثاق الاستثمار، للوصول إلى ثلثي إجمالي الاستثمارات بحلول عام 2035”.

كما تم إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار لتسريع جهود الإقلاع الاقتصادي، من خلال مساهمته في تمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى ومواكبتها على الصعيدين الوطني والترابي، مع فسح المجال للشركاء المؤسساتيين الدوليين للاستثمار في هذا الصندوق، حسب قوله.

وتابع قوله: “تعكس أهمية هذه المجهودات ثقة بلادنا في حجم إمكاناتها الاستثمارية المهمة، وكذا طموح المغرب كبلد ينعم بالاستقرار السياسي وبموقع جغرافي إستراتيجي للتموقع كمنصة إقليمية للإنتاج والتصدير، انسجاما مع التوجهات الاستراتيجية لبلادنا الرامية لتعزيز الانفتاح الاقتصادي و تسريع وتيرة الاندماج في سلاسل القيمة العالمية، بالموازاة مع مواصلة جهودنا لتدعيم وإرساء المسار الديمقراطي وترسيخ دولة الحق والقانون”.

واغتم رئيس الحكومة الفرصة لدعوة “كافة الشركاء الاقتصاديين، وعلى وجه الخصوص المستثمرين الأجانب، لاستثمار عوامل القرب الجغرافي وكثافة العلاقات الاقتصادية والتاريخية التي تجمعنا مع بلدان قارتنا الإفريقية، للرفع من حجم استثماراتهم في هذا القطب التنموي الواعد، وسيجدون منا كل الدعم والمواكبة لتنزيل مشاريعهم الاستثمارية انطلاقا من المغرب”.

يُشار إلى أن المغرب سبق أن احتضن تظاهرات دولية سابقة في مراكش، منها على وجه الخصوص إحداث منظمة التجارة العالمية واحتضان الدورة 22 لمؤتمر (COP 22)، كما ستحظى مراكش، سنة 2023، بتنظيم الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *