سياسة

لالة مفتاحة .. رحيل آخر شمعة كانت تضيء حياة بنكيران

في الوقت الذي يستعد فيه رئيس الحكومة المكلف عبد الإله بنكيران، لتخليد الذكرى الثانية لرحيل رفيق دربه عبد الله باها الذي اختطفته يد المنون ذات صباح من يوم 7 دجنبر من 2014، حتى تلقى خبرا أكثر وجعا من وفاة الراحل بها، حيث ودّعت أمه التي كانت كاتمة أسراره وسنده الأبدي في الدنيا، العالم عن سن يناهز 90 عاما بعد ألم طويل لم ينفع معه علاج.

أم عصامية

لم تكن حياة مفتاحة الشامي الخزرجي والدة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران بالسهلة، فقد ترعرعت بدون أم وعانت من اليتم منذ سنتها الأولى بعد وفاة أمها، وهي بحسب مصادر مقربة من عائلتها من أصول شامية، أي بسوريا الجريحة اليوم، وهي الزوجة الرابعة لوالد رئيس الحكومة، المختار بنكيران.

لم يُكتب لوالدة رئيس الحكومة أن تنال حظا من التعليم، غير أن إصرارها على التعلم لم يخبُ يوما حتى تمكنت من القراءة والكتابة في دروس محاربة الأمية، واستطاعات فوق ذلك أن تحصل على شهادة السياقة بالرغم من تقدمها في السن.

علاقة خاصة

لا حديث اليوم سواء في الصحافة أو الشارع أو مواقع التواصل الاجتماعي، إلا عن وفاة والدة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، المرحومة لالة مفتاحة التي وُريت الثرى عصر اليوم الثلاثاء بمقبرة الشهداء بالرباط، حيث اعتبرها الكثيرون أمينة أسرار بنكيران والسيدة التي علمته كيف ينقل عبر المُزاح وخفة الدم الحكم والكلام الموزون، وما يعنيه من وراء السطور.

يصفها المقربون بالحكيمة، فهي قدوة للجميع تحب الكبير والصغير، تسعى للخير ما أمكن، ولا تطلق كلمة إلا ويكون لها ألف معنى. تربط المرحومة لالة مفتاحة علاقة قوية بعبد الإله بنكيران، إذ يعتبرها شخصا “مقدسا” بالنسبة له، كان لا يخفي عنها أي صغيرة وكبيرة فهي سنده في الحياة والتي نصحته في أكثر من مرة بأن لا يسمح وألا يعطي الفرصة لأي أحد بأن يهدمه.

“كانت تقول لي أشياء لم يسبق لي أن سمعتها من قبل، وأمثلة ونصائح في السياسة أيضا”، جملة صرح بها رئيس الحكومة في أكثر من مناسبة، وهي جملةُ توحي بمدى حبه وتعلقه بوالدته التي فقدها اليوم، وفقد معها نصائح وحكم بليغة كان البعض يعتبرها نبراسا له في تعامله سواء السياسي أو الشخصي مع الآخرين.

مدرسة وتراث

قالت عنها زوجة بنكيران نبيلة بنكيران، التي عاشت برفقتها حلو الحياة ومرها، بكونها مدرسة وتراث، “لقد كانت خفيفة الظل ومرحة وحكيمة وكلامها كله عبر وحكم”، تقول نبيلة في تصريح لجريدة “العمق” والدموع تغالبها، كيف لا وهي التي عوضت والدتها التي فقدتها وهي شابة وتقاسمها نفس البيت.

وأضافت نبيلة، “لالة مفتاحة مناضلة، وهذا النوع من الناس بدأنا نفتقده في المغرب، فكلامها يتسم بالخفة والمزاح وتمرر عبره معاني كبيرة في كلام بسيط”.

أما شقيقه الأكبر حماد بنكيران، فوصف والدته بالحكيمة، وفراقها بالفراق الصعب، “فهي أم برت بالجميع سواء الأبناء أو الأسرة أو الجيران، وكانت قدوة كبيرة لنا جميعا، الكل كان يحبها ويحترمها، وكل مرة كانت تنطق بكلمة إلا وفيها حكمة، لقد علمتنا أن نحترم الجميع لكي يحترمونا، ونكون في مستوى جيد مع الآخرين، وأن نعلم أبناءنا الثقة بالنفس”.