أخبار الساعة

غوغل تطور ذكاء اصطناعيا يستطيع تفسير الدعابات والتفاعل معها

أن تستطيع الخوارزميات فهم الدعابة والتجاوب معها، فهذا مؤشر يحمل دلالات كبيرة حول قدرات الذكاء الاصطناعي في اختراق الحياة الاجتماعية للبشر، مما يمهد الطريق نحو إحداث ثورات كبيرة في تعامل البشر مع الآلة، وفي دور الآلة في الحياة الاجتماعية.

وتعتبر الدعابة من الأمور الأكثر تعقيدا في تعامل الدماغ البشري مع المعلومات الواردة إليه من المحيط، وتتطلب حسب نتائج دراسات، التواصل بين فَصَّي الدماغ لتفسيرها وفهمها.

خوارزمية غوغل: إدراك دون تدريب

في أحدث مؤتمرات مطوّري تطبيقات نظام التشغيل “أندرويد” الذي تطوره شركة التكنولوجيا وخدمات الإنترنت “غوغل”، كشفت الشركة الأميركية عن خوارزميات ذكاء اصطناعي جديدة لم يلتفت إليها كثيرون وفقا لموقع “سي نت دوت كوم” المتخصص في موضوعات التكنولوجيا، حسب الجزيرة نت.

وحسب نفس المصدر، تتيح الخوارزميات الجديدة التي طوّرتها غوغل للأجهزة فهم دعابات المستخدمين، وهي آلية تحتاج إلى فهم كبير للمعاني المختلفة للكلمات والتصرفات البشرية.

فعندما يقول الممثل الكوميدي مثلا عبارة ساخرة أو مثيرة للجدل، فإن المستمع يدرك ذلك من مجرد نبرة الكلام أو لغة الجسد وغير ذلك من المؤشرات التي تراكمت دلالاتها لدى المتلقي عبر سنوات من التفاعل الإنساني.

لكن الخوارزمية الجديدة المعروفة بالأحرف “بي إيه إل إم” (PaLM) (الأحرف الأولى من عبارة “نموذج مسارات اللغة”) تتيح للأجهزة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي إدراك المغزى الساخر في الدعابات، من دون أن يكون قد سبق تدريبه عليها.

فبعد تلقيها دعابتين فقط، أصبحت الخوارزميات الجديدة قادرة على تفسير أي دعابة جديدة والتفاعل معها وفقا لما ذكرت شركة غوغل.

ولا يعدّ فهم النكات والدعابات الهدف النهائي لشركة “ألفابيت” (Alphabet Inc) (الشركة الأم لشركة غوغل) من تطوير هذه الخوارزميات، وإنما تستهدف زيادة قدرة أجهزة الذكاء الاصطناعي على تحليل الفروق الدقيقة في اللغة الطبيعية وطلبات البحث على محرك غوغل بحيث يمكن تقديم إجابات للأسئلة المعقدة التي يطرحها المستخدمون بشكل أسرع وأكثر دقة عبر مزيد من اللغات والأشخاص.

وهذا بدوره يمكن أن يكسر الحواجز ويزيد القدرة على التواصل مع الأجهزة من خلال التفاعل بسلاسة أكبر.

ويقول تونج نجوين، كبير المحللين الرئيسيين في شركة غارتنر للأبحاث والاستشارات التكنولوجية، إن من الصعب التحدث مع أشخاص غير متخصصين عما تفعله خوارزميات “بي إيه إل إم” فضلا عن معالجة اللغة الطبيعية؛ فالأجهزة تعمل جزئيا كآلية توصيل لكل الأشياء المدهشة التي يفعلها المرء.

كيف يستوعب الدماغ التلاعب بالألفاظ؟

حسب موقع “للعِلم” يؤدي نصفا الدماغ الأيمن والأيسر وظائف مختلفة عند معالجة الدعابة؛ إذ يتعاونان معًا لفهم المعنى الكوميدي المزدوج في التلاعب بالألفاظ.

استخدام التورية، أي التلاعب بالكلمات، حسب نفس المصدر، مسألة خلافية في مجال الكوميديا، فبعض النقاد يتذمر من كونها “أدنى أشكال الدعابة”، وهي عبارة تُنسب إلى العديد من الكتاب، في حين أن هناك كُتابًا آخرين –من بينهم شكسبير– كثيرًا ما يستخدمون التورية.

والدماغ نفسه يبدو منقسمًا بشأن التعامل مع التورية، وذلك وفق دراسة حديثة نُشرت في دورية “لاتيراليتِي: أسيمتريز أوف بَدي برين آند كوجنيشن” Laterality: Asymmetries of Body, Brain and Cognition.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن نصفي الدماغ الأيسر والأيمن يؤديان دورين مختلفين في معالجة التورية، ويتطلب الأمر في نهاية المطاف تواصلًا بينهما لكي يكتمل تفسير الدعابة.

لدراسة كيف يعالج الدماغ هذا النوع من الدعابة، عرَضَ الباحثون بجامعة ويندسور في أونتاريو على المشاركين في الدراسة كلمةً ذات صلة بالتورية في أحد المجالين الأيسر أو الأيمن للإبصار (وهما يناظران نصفي الدماغ الأيمن والأيسر، على الترتيب). بعد ذلك عملوا على تحليل زمن التفاعل مع الكلمة في كل موقف، لتحديد أيٍّ من نصفَي الدماغ يتولى زمام الأمور.

وتشرح لوري بيوكانَن -أستاذ علم النفس، والمؤلِّفة المشاركة في الدراسة- قائلة: “إن نصف الدماغ الأيسر هو النصف المسؤول عن معالجة اللغة، ولذا فهو الذي يعالج معظم الجوانب اللغوية للتورية، أما نصف الدماغ الأيمن فيتدخل متأخرًا قليلًا”، لتوضيح المعنى المزدوج للكلمة.

يمَكِّنُنا هذا التفاعل من “استيعاب” الدعابة؛ لأن التورية –بوصفها نوعًا من التلاعب بالكلمات- تكمل الصيغة الأساسية للدعابة: فالتوقع بالإضافة إلى التناقض هو الذي يؤدي إلى الضحك. وفي التورية –حيث يكون للكلمة معانٍ متعددة وغامضة– يحملنا سياق الجملة على تفسير الكلمة بطريقة معينة، وهي عملية تحدث في نصف الدماغ الأيسر، ولكن تظهر الدعابة عندما يُرشِدنا نصف الدماغ الأيمن لاحقًا إلى المعنى الآخر وغير المتوقَّع للكلمة، مُطلِقًا بذلك ما تسميه بيوكانَن “إعادة تفسير مفاجِئة”.

تتوافق هذه الدراسة مع ملحوظات سابقة تقول بأن تعرُّض نصف الدماغ الأيمن للإصابة يمكن أن يصاحبه خلل في الشعور بالدعابة لدى بعض الأشخاص، إذ يفهمون معنى الدعابة لكنهم –كما تقول بيوكانَن- “لا يعتقدون أنها مضحكة”. وتأمل بيوكانَن أن تقودَ هذه الدراسة والدراسات المستقبلية الأخرى إلى صياغة تدريب إعادة تأهيل؛ لمساعدة هؤلاء الأفراد على استعادة حس الدعابة.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *