أخذوا التامك بالأحضان.. شهادات مؤثرة لمعتقلين سابقين وحاليين في قضايا الإرهاب (فيديو)

عناق حار ذاك الذي جمع المدير العام لإدارة السجون محمد صالح التامك، وسجنين سابقين على خلفية قانون الإرهاب، وسجين آخر لايزال رهن الاعتقال، الجمعة، خلال لقاء تواصلي احتضنه السجن المحلي سلا2، وهم في طريقهم إلى المنصة لتقديم شهاداتهم حول البرامج الإدماجية التي استفادوا منها داخل السجون.

وقدم كل من محمد دمير وعبد الله اليوسفي، وهما سجنين سابقين على خلفية قانون الإرهاب، وبوكيو مهدي وهو سجين لايزال يقضي عقوبته السجنية، (قدموا) شهادات مؤثرة، حول ما كانوا عليه من فكر متطرف، وما أصبحوا عليه بعد استفادتهم من برنامج “مصالحة” وباقي البرامج الإدماجية.

وقال محمد دمير، وهو معتقل سابق محكوم بالإعدام، أفرج عنه سنة 2017، بعد استفادته من برنامج “مصالحة”، إنه خاض معارك نفسية وهو داخل المعتقل، قبل أن ينقلب الأمر، من محنة إلى منحة، بفضل البرامج التأهيلية التي تُسهل على النزلاء الانخراط الإيجابي في المجتمع بعد الإفراج عنهم.

إقرأ أيضا: معطيات رسمية .. 91% من معتقلي قضايا الإرهاب بالمغرب ينتمون للتيار الداعشي 

وأضاف دمير، أن “الإفراج نعمة كبيرة وَجب شكر المُنعم عليها، والأهم من ذلك ليس فقط الإفراج بل أن يجد الإنسان نفسه وينسجم مع ذاته، وأن يكون موفقا في مساره الحياتي بأريحية وبكل طمأنينة وسلامة، لأن الأمن والسلم الداخلي شيء مهم يعيشه الناس، وهذه المحطة كل واحد ينبغي أن يحرص عليها بشكل يؤهله ليقدم خدمات لدينيه ووطنه”.

من جانبه، قال المعتقل السابق عبد الله اليوسفي، في شهادته، والذي تم اعتقاله سنة 2014، وأفرج عنه بعد 3 سنوات من السجن، إنه منذ أن وطأت قدمه السجن وهو يحس بأنه في إطار الإدماج، مشيرا إلى أنه تمكن من مواصلة دراسته التي انقطع عنها في وقت مبكر.

وأشار اليوسفي، إلى أنه انخرط في التكوين المهني وحصل على دبلوم في الإعلاميات، وشارك في كافة الأنشطة والبرامج التي تنظمها مندوبية السجون وإعادة الإدماج، لافتا إلى أنه كان له تصور مغلوط وظلامي حول مؤسسات البلاد وكان يظن أن كل هؤلاء الناس ليس لهم علاقة بالدين.

وزاد المتحدث، “حينما دخلت السجن التقيت بالذين كنا نعتبرهم طغاة”، واستحضر اليوسفي في شهادته، واقعة حدثت له عند دخول للسجن، حيث قال: “أول بادرة رأيتها في السجن، أن موظفا في السجن قال لي اذهب توضأ وصلي وبعد ذلك نتحدث”، مضيفا أن هذه الالتفاتة أثرت في نفسه.

إقرأ أيضا: سجون المغرب تضم 842 معتقلا في قضايا الإرهاب .. 78% منهم شباب وتعلميهم ضعيف 

وتحدث اليوسفي عن حصوله على شهادة البكالوريا في السجن، واستفادته من دورات تكوينية نفسية وحقوقية وفكرية وقانونية، وهي دورات صححت له العديد من الأفكار المغلوطة، مشيرا إلى أنه استفاد من محاضرات أكسبته مناعة فكرية وحصنته حتى أصبحت لديه إمكانية أنه لا يمكن أن يقتنع بأي فكر متطرف مهما كانت تأصيلاته وموجاته ومستويات تأثيره.

وشدد على أن السجن لم يكن لسلب الحرية بقدر ما كان فترة للوقوف مع النفس ومحاسبتها ومراجعة الضمير وتأنيبه وتوبيخه وجلد الذات برفق، رافضا في شهادته، كل ما يتم ترويجه من أفكار وتصورات حول أن المؤسسة السجنية فيها نوع من الممارسات.

ولفت المتحدث، إلى أنه عندما عرض عليه مدير سجن تيفلت الانضمام إلى برنامج “مصالحة” وافق دون أي تردد، وحتى بعد أن انتهت مدة محكوميته، أصر على استكمال البرنامج، مشيرا إلى أن والدته كانت تتصل به وهو خارج السجن تطلب أن تراه فكان يخبرها بأنه سيكمل مشروعا كان “فرصة العمر” بالنسبة له.

في السياق ذاته، قدم بوكيو مهدي وهو سجين لايزال رهن الاعتقال، استفاد مؤخرا من عفو ملكي بتخفيض عقوبته السجنية، شهادته حول استفادته من برنامج “مصالحة”، وما يتلقاه من معاملة حسنة من المدير العام لإدارة السجون وموظفي السجن منذ أول يوم له بالمؤسسة السجنية.

وقال بوكيو، إن المدير العام لإدارة السجون، محمد صالح التامك، أحاطه بعطفه وحنانه وكان بالنسبة له مثل الأب داخل السجن، مضيفا بقوله: “لا تكفينا كلمة الشكر في حقه مهما قلنا فيه لن نوفيقه حقه، وأعتبره مثلي الأعلى وذو حكمة وفيلسوف”.

وزاد، أن التامك رجل دولة عبقري حوّل من خلال برامج الإدماج، المؤسسات السجنية إلى مصانع لصنع مواطنين صالحين، ينتشلهم من الظلام والتطرف والفكر المنغلق إلى الفكر المنفتح ويعرفهم بالأسس والمبادئ العامة والثوابت الوطنية للبلاد.

وأكد المتحدث، أنه عبر عن رغبة كبيرة في المشاركة في برنامج “مصالحة”، بعدما علم أنه يضم خيرة أساتذة وعلماء هذا الوطن، الذين يصطحبونك حتى تصل إلى الحقيقة بنفسك، مشيرا إلى أنه تلقى كل الدعم من إدارة السجون خلال تحضيره لنيل شهادة الدكتوراه والتي تكللت بحصوله عليها بميزة مشرف جدا.

يشار إلى أن هذا اللقاء التواصلي عرف تقديم إستراتيجية المندوبية العامة في تدبير معتقلي قضايا التطرف والإرهاب، كما تم تقديم معطيات إحصائية حول معتقلي الإرهاب بسجون المملكة، وذلك بحضور المندوب العامة لإدارة السجون، محمد صالح التامك، وأحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، وخبراء مغاربة وأجانب.