أخبار الساعة

علامات تؤكد معاناة طفلك من القلق المرضي .. تعرف عليها

كثيرا ما تستوقف الآباء والمربين مظاهر مقلقة في سلوكات الأطفال، لكنهم سرعان ما يراهنون على الوقت لزوالها. ويعد القلق المرضي أحد الاضطرابات التي لا يحسن عموم الآباء والمربين تشخيصها ولا التصرف حيالها.

ولأن الأطفال كثيرا ما يعبرون عن حالات خوف مؤقتة فالآباء والمربون يلجؤون عادة إلى طمأنتهم على أمل أن تتلاشى تلك المخاوف مع مرور الزمن.

وبعد فشل مقاربات الطمأنة، يتحول الزمن إلى عنصر تعقيد حين يدرك الآباء أن ما يعانيه أطفالهم ليس خوفا مؤقتا بل اضطرابا مرضيا يتطلب تدخل خبير.

ولتفادي سوء التشخيص، وضياع وقت التدخل الاستباقي، تظهر أهمية معرفة العلامات الدالة على القلق المرضي، للإسراع إلى الوقوف على أسبابه واتباع النهج السليم لمساعدة الطفل على التخلص منه.

فما هو القلق المرضي؟ وما أسبابه؟ وما علاماته؟ وما سبل علاجه والتخلص منه؟

ما الذي يسبب قلق الأطفال؟

يوضح عالم النفس الدكتور ستيفن كورتز، المتخصص في علاج قلق الأطفال، حسب الجزيرة نت، أن القلق بمثابة جهاز استشعار الدخان الذي يجعلنا نتوقع نشوب الحريق ونتخذ الإجراء الدفاعي اللازم، لكنه لدى الطفل الذي يعاني من القلق المرضي يتم ضبطه على مستوى أكثر حساسية من أقرانه، ومن ثم يدفعه إلى اتخاذ رد فعل أكثر دراماتيكية.

ويُرجع كورتز القلق المرضي لدى الأطفال، حسب نفس المصدر، إلى عدة أسباب من بينها الظروف البيئية والاجتماعية التي يعيشها، إلى جانب التاريخ المرضي العائلي، فالأطفال الذين لديهم أحد الأبوين يعاني من القلق أكثر عرضة لهذا الاضطراب بنسبة تصل إلى 7 مرات مقارنة بالذين لا يشعر آباؤهم بالقلق.

وكما تقول جولدا جينسبيرغ، أستاذة الطب النفسي في جامعة كونيتيكت، “هناك مخاطر وراثية، ولكن عندما يبالغ الآباء في الحماية، فإنهم يزيدون من خطر إصابة أطفالهم بالقلق”.

وكذلك المواقف الصعبة التي يتعرض لها الأطفال مثل وفاة أحد الأقارب، أو الانتقال إلى منزل أو مدينة جديدة، أو حتى الضغط الناجم عن وجود والد عاطل عن العمل، يمكن أيضًا أن تساهم في إصابة الطفل بالقلق.

علامات القلق عند الأطفال

وفقً نتائج بحث أجري عام 2019 ونشر بموقع بمكتبة الطب الوطنية الأميركية، تظهر علامات اضطراب القلق لدى 10% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و5 أعوام. ومع ذلك، فإن القلق يظهر بشكل مختلف في الصغار عنه في أقرانهم الأكبر سنًا.

أما عن علامات القلق لدى الصغار ومرحلة ما قبل المدرسة، فهي بحسب موقع Psych Central للطب النفسي فتشمل: الغضب أو السلوك العدائي، كثرة البكاء، توتر العضلات، صعوبة النوم أو الاستمرار في النوم، شكاوى من آلام في المعدة والصداع دون وجود ظروف صحية مسبقة، حركات الجسم أو التشنجات اللاإرادية، الانهيار أو نوبات الغضب المتكررة، كوابيس، الانسحاب الاجتماعي.

ما علامات القلق لدى الأطفال الأكبر سنا؟

حتى الأطفال السعداء يميلون إلى القلق أكثر بمجرد بلوغهم سن السابعة أو الثامنة، حيث يكتسبون فهمًا أكبر للعالم من حولهم ويدركون مدى عدم قدرتهم على التحكم في الأحداث من حولهم.

يقول جين بيرمان، مؤلف كتاب “الدليل من الألف إلى الياء لتربية أطفال سعداء واثقين”، إن الفرق بين القلق الطبيعي واضطراب القلق هو الشدة “قد لا يدرك الأطفال في سن الابتدائية أن مخاوفهم غير واقعية أو مبالغ فيها، وقد يعبرون عنها فقط من خلال السلوك. إذا كانوا قلقين من احتمال حدوث شيء لأحد الوالدين، على سبيل المثال، فقد يواجهون صعوبة في الانفصال أو النوم”.

أنواع اضطرابات القلق لدى الأطفال

يمكن أن يظهر القلق عند الصغار على شكل عدة اضطرابات مختلفة، والعديد من الأطفال لديهم مجموعة من الحالات التالية:

اضطراب القلق العام

اضطراب القلق العام (GAD) قلق مفرط بشأن الأشياء اليومية، فضلاً عن الميل لتخيل السيناريو الأسوأ. مثلا: هل سأجتاز الاختبار؟ ماذا لو لم ألعب بشكل جيد؟ هل سألتحق بكلية جيدة؟ قد يدفع إلى المذاكرة أو المبالغة في التدريب. ويمكن أن يؤدي إجهادهم إلى أعراض جسدية، بما في ذلك التعب وآلام المعدة والصداع.

اضطراب القلق الاجتماعي

يخشى الطفل المصاب بالقلق الاجتماعي لقاء الناس أو التحدث إليهم. على الرغم من أن معظم الأطفال أحيانًا خجولون، إلا أنه عندما يكون الطفل قلقًا بشكل مفرط بشأن القيام بشيء محرج أو الحكم عليه بشكل سلبي، فقد يعاني من اضطراب القلق.

وقد يدفع القلق الاجتماعي الطفل إلى تجنب المدرسة أو المواقف الاجتماعية الأخرى، والبكاء أو نوبات الغضب عند الضغط عليه للذهاب إلى المدرسة.

وليس بالضرورة أن يكون الخوف الاجتماعي سبب معاناة الطفل من القلق، وإنما خروجه أيضا من دائرة الضوء والاهتمام، وربما تكون هناك أسباب خفية قد يراها الآباء بسيطة، مثل استخدام حمامات المدرسة أو تناول الطعام أمام الزملاء أو التعرض لمواقف التنمر.

الصمت الانتقائي

الطفل المصاب بالخرس الانتقائي يتحدث بسهولة مع العائلة والأصدقاء، ولكنه يشعر بالقلق الشديد أمام الآخرين لدرجة أنه لا يستطيع التحدث على الإطلاق.

يمكن أن يسبب الصمت الانتقائي للطفل ضيقًا شديدًا، لأنه لا يمكنه التواصل حتى إذا كان يعاني من الألم أو بحاجة إلى استخدام الحمام. يمكنه أيضًا منع الأطفال من المشاركة في المدرسة والأنشطة الأخرى.

في تلك الحالات، يبدو بعض الأطفال متجمدين، عندما يُطلب منهم التحدث. وقد يستخدم الآخرون الإيماءات وتعبيرات الوجه للتواصل دون التحدث.

اضطراب قلق الانفصال

قد يواجه الطفل المصاب بقلق الانفصال صعوبة بالغة في توديع والديه، أو البقاء بمفرده في طابق واحد من المنزل، أو الذهاب للنوم في غرفة مظلمة، لأنه خائف من حدوث شيء ما له أو لعائلاته.

اضطراب الوسواس القهري

إذا كان الطفل يعاني من مخاوف شديدة، ويشعر بأنه مضطر لأداء طقوس متكررة، فقد يكون لديه اضطراب الوسواس القهري (OCD).

الهواجس الشائعة لدى مرضى الوسواس القهري هي الخوف من التلوث، والخوف من تعرضهم أو تعرض أي شخص قريب للأذى، والخوف من أنهم هم أنفسهم سيفعلون شيئًا فظيعًا.

قد يغسل الأطفال أيديهم قسرًا، ويغلقون الأبواب ويعيدون غلقها، أو يلمسون أجزاء من أجسادهم بشكل متماثل لتحييد الخوف وجعل أنفسهم مرتاحين. قد يطرحون أسئلة بشكل متكرر ويطلبون الطمأنينة، وقد يصرون على مشاركة الآخرين في طقوسهم.

كيف يتم تشخيص القلق عند الأطفال؟

غالبًا ما لا يتم تشخيص القلق عند الأطفال الصغار والأطفال، إذ يعتقد العديد من الآباء أن صغارهم سيخرجون من مشكلاتهم تلقائيا أو أنه من الطبيعي أن يشعر الطفل بالتوتر.

لكن في الوقت نفسه يحذر الأطباء من إهمال التعامل مع مشكلات الطفل المتعلقة بالقلق، لأنها ستدفعه إلى الانغماس في سلوكيات مدمرة مثل تعاطي المخدرات للتخلص من مشاعر القلق المستمرة، ولو لفترة مؤقتة.

كيف يمكنك مساعدة طفلك القلق؟

يعد القلق أحد أكثر الاضطرابات النفسية التي يمكن علاجها عند الأطفال من خلال العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والأدوية.

+ العلاج السلوكي المعرفي

يمكن للعلاج السلوكي المعرفي تحسين الأعراض في غضون بضعة أسابيع أو أشهر. في حين أن العلاج المعرفي السلوكي لن يقضي على القلق تمامًا، فإنه يعلم الأطفال التعرف على ما يشعرون به وإدارة ردود الفعل هذه، ويعتمد عدد جلسات العلاج السلوكي المعرفي على شدة الاضطراب الذي يعانون منه.

+ العلاج بالعقاقير

قد يُوصى الطبيب بالعلاج الدوائي عندما لا يحرز الطفل تقدمًا في العلاج السلوكي وحده، أو إذا كان القلق يؤثر بشدة على الأكل والنوم.

ولا يرحب الآباء عادة بالعلاج بالعقاقير، لكن الأطباء ينصحون إذا كانت أعراض القلق قد أثرت على قدرة الطفل على التكيف وأداء مهامه اليومية فقد يصبح الدواء حلا لا مفر منه.

وتشمل الآثار الجانبية الشائعة لجميع أدوية القلق الصداع الخفيف والغثيان، وإذا لم تهدأ الأعراض في غضون أسابيع قليلة، فيمكن تعديل الوصفة أو الجرعة.

دور الأبوين

يرغب جميع الآباء غريزيًا في حماية أطفالهم وراحتهم، فإذا كان طفلك يصرخ بشكل هستيري كلما مر كلب، على سبيل المثال، فقد تحاول إبعاده عن الأنياب. ومع ذلك، فإن القيام بذلك قد يجعل الأمور أسهل على المدى القصير، لكنه يعزز مخاوفهم.

بدلاً من ذلك، يحتاجون إلى مواجهة الخوف والعمل على مهاراتهم لإدارته. يمكنك مساعدة طفلك على اتخاذ خطوات صغيرة، مثل مشاهدة الكلاب من مسافة بعيدة ثم مداعبة جرو صغير. ومع كل انتصار، احتفل بشجاعة طفلك بمكافأة صغيرة.

ينبغي اكتشاف أسباب القلق. قبل طمأنة طفلك منه، مع وضع روتين لوقت النوم. وتطوير عاداته المهدئة مثل تمارين الاسترخاء، أو تمارين التنفس العميق (شهيق وزفير متكرر) أو العد التنازلي لأنها تمارين تشتت انتباه الطفل عن التركيز على مخاوفه، بدلاً من مشاهدة التلفزيون أو الشاشات الأخرى.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *