خارج الحدود

النحل يلعب دور المخبر لدى الشرطة الإيطالية

تتجاوز الاستفادة من النحل مجرد أكل عسله إلى تسخيره في مهام دقيقة يعجز الإنسان عن القيام بها.

فأبحاث جديدة رشحت نحل العسل إلى إضافة دور جديد إلى أدواره في التغذية والمحافظة على البيئة والتداوي، يتعلق بالكشف عن جرائم القتل، حيث أكدت نتائج أبحاث علمية أن نحل العسل يمكن أن يساعد في تحديد مكان جثث الأشخاص المفقودين، حيث يعكف الباحثون في جامعة جورج ميسون على التقصي حول هذا الأمر.

في إيطاليا أعطت الشرطة للنحل وظيفة يقولون عنها إن النحل يقوم خلالها بدور المخبر. فكيف يقوم النحل بذلك الدور؟ وفي أي مجال يقدم خدمات الاستخبار؟

“مكاتب” في الأسطح

حسب يورو نيوز، تشتهر إيطاليا بقوات الـ”كارابينيري” (الشرطة والدرك) التي وكلت إليها مهمة مكافحة أخطر المجرمين في البلاد، خصوصاً عصابات المافيا. لكن هناك وحدة خاصة مكلفة بحماية الغابات والبيئة، تهاجم الآن نوعاً مختلفاً من المجموعات المنظمة.

وحسب نفس المصدر، منذ عام 2018، أصبح سطح مقر القوة في وسط روما موطناً لخلايا النحل.

يقول المقدم جيانكارلو بابيتو، من قيادة وحدة الغابات والبيئة في الـ”كارابينيري”: تتمثل إحدى المهام الرئيسية للشرطة الإيطالية في مراقبة البيئة، لكننا نستخدم النحل بطريقة جديدة، كمؤشرات للتنوع البيولوجي. الحشرات تراقب منطقة تبعد من 1.5 كيلومتر إلى كيلومترين. وهذا يساعدنا على جمع المعلومات المفيدة، التي لا تتوفر عادة، عن ملوثات الهواء التي قد تكون موجودة في المناطق الحضرية، مثل الديوكسينات والمواد الأخرى”.

حشرات مُخبرة

بعبارة أخرى، فإن النحل يلعب دور المخبرين عند الشرطة الإيطالية، ويساعد عناصرها على فهم الحالة البيئية بشكل أفضل.

وفي هذا الصدد، حسب المصدر السابق، يقول الجنرال “بيترو أنطونيو مارزو” لمراسلة يورونيوز في روما، إن المشروع يساعد في توفير معلومات حيوية حول مستويات تلوث الهواء.

ويضيف قائلاً: سيتيح لنا ذلك الحصول على صورة أشمل للوضع والمساعدة في تحسين الحياة الحضرية وسيؤثر في القرارات السياسية بطريقة من شأنها تحسين نوعية الحياة في مدننا وصحة مواطنينا”.

لكن لماذا المدينة وليس الريف؟ يجيب رئيس الاتحاد الإيطالي لتربية النحل، رافائيل سيروني قائلاً: “المدن غنية بالتنوع البيولوجي أيضاً. هناك اعتناء بالكثير من النباتات المختلفة في الشرفات أو الحدائق والمناطق الحضرية الخضراء، إنها مليئة بالأنواع التي تروق للنحل. فالرحيق وحبوب اللقاح المنتجة في روما هي التي تخبرنا أن في المدينة مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأزهار”.

الطريق إلى أوروبا

لا تنوي الشرطة الإيطالية التخلي عن مشروع النحل، بل دعمته باستثمار قيمته 500 ألف يورو لتوسيع مشروع التربية، إلى مدن أخرى، في جميع أنحاء البلاد.

ويأمل الكولونيل جيانكارلو بابيتو، التوجه إلى دول أوروبية أخرى: “يمكن أن تصبح إيطاليا رائدة في هذا المجال، ما أنجز هنا يمكن أن يتكرر في بقية أوروبا”.

لكن هذه العملية، كمحاربة الجريمة، لا تخلو تربية النحل من المخاطر “الصغيرة”.

يقول الرقيب ألياندرو سيونزي مازحاً، إن العمل مع النحل كالعمل في عالم منفصل. إنه سلمي للغاية، وبالطبع عليك أن تحبه لأنه ينطوي على إيجابيات وسلبيات، إذ لا يمكن للنحل أن يصير أفضل صديق للبشر أبداً. لذلك، وعلى الرغم من أن العلاقة مع النحل “ليست دائما حلوة كالعسل” لكن هذه الحشرات، عكس المجرمين، تساعدنا وتساعد الكوكب أيضاً.

صديق قديم

ونحل العسل، واسمه العلمي (بالإنجليزية:  Apis mellifera)‏ هو نوع واحد من بين قرابة 20 ألف نوع من النحل، يتم تمييزها أساساً عن طريق إنتاجها وتخزينها للعسل وإنشائها لخلايا النحل المعمرة من الشمع. وينقسم نحل العسل بدوره بدورة لعدة سلالات.

من المعروف، حسب الجزيرة نت، أن نحل العسل يتبع العالم القديم إذ وجد على الحالة البرية في قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، أما النحل الموجود في القارتين الأمريكيتين وأستراليا فقد أدخله المستوطنون الذين استعمروا تلك المناطق بعد اكتشافها.

ومن المؤكد، حسب نفس المصدر، أن بداية استئناس وتربية النحل قد ظهرت في الحضارات القديمة حيث وجدت بعض النقوش في المعابد الفرعونية تعود إلى سنة 2600 قبل الميلاد تبين طريقة تربية النحل قديماً عن الفراعنة، وبالرغم من أن علم البلايونتلوجي (دراسة حفريات بقايا النباتات والحيوانات) وضح الكثير من تاريخ التطور في الحشرات إلا أن السلوك لا يمكن حفظه على أشكال حفرية.

ولم تظهر تطورات كبيرة على تربية النحل إلا بعد أن أكتشف القسيس الأمريكي لانجستروث المسافة النحلية التي يتركها النحل كممر بين أقراصه وتبلغ 7.8 مم، وعلى أساس هذا الاكتشاف صنع خليته المشهورة بإسمه (خلية لانجستروث) سنة 1852، وكانت أول خلية بها براويز معلقة ومتحركة يفصل بين كل منها مسافة نحلية ثابتة.

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *