منوعات

سلطة الآثار الإسرائيلية تكتشف مسجدا عمره يزيد عن 1200 عام

تدخل أعمال البحث عن المآثر التاريخية في الأراضي المحتلة ضمن الاستراتيجية التي تعتمدها إسرائيل مند زمن بعيد في إعادة كتابة تاريخ المنطقة وتهويده.

واستهدفت المواقع الأثرية التاريخية التي تنتشر على كل الأراضي المحتلة، وسخرت حكوماتها المتعاقبة موازنات ضخمة لتنفيذ مخططاتها. وسياسة استهداف الآثار الفلسطينية ليست جديدة العهد بل بدأت منذ أوائل القرن الماضي عندما تم تأسيس “جمعية أبحاث أرض إسرائيل” عام 1913 لهذا الغرض.

لكن بعض الاكتشافات تخيب آمال الدولة العبرية حين لا تستطيع تأويلها بما يناسب أساطيرها، فتستغلها في الأنشطة السياحية.

والاكتشاف الأثري الجديد، يدخل ضمن هذا الصنف الذي لا يمكن تحريف هويته التاريخية.

مسجد عمره أزيد من 1200 سنة

وحسب قناة الحرة، كشف علماء آثار إسرائيليون، الأربعاء، عن مسجد ريفي قديم نادر في النقب بجنوب البلاد يلقي الضوء على انتقال المنطقة من المسيحية إلى الإسلام بحسب سلطة الآثار.

وحسب نفس المصدر، قالت سلطة الآثار في بيان إن بقايا المسجد الذي يعتقد أن عمره يزيد عن 1200 عام اكتشفت خلال أشغال بناء حي جديد في مدينة راهط البدوية.

ويحتوي المسجد على “غرفة مربعة وجدار مواجه لاتجاه مكة مع محراب نصف دائري في  الجدار يشير إلى الجنوب”.

وأشارت سلطة الآثار إلى أن “هذه السمات المعمارية الفريدة تظهر أن المبنى كان يستخدم كمسجد … ربما كان يستضيف عشرات المصلين في وقت واحد”.

إضافة إلى ذلك  تم اكتشاف “مبنى فخم” على مسافة قصيرة من المسجد مع بقايا أدوات المائدة والتحف الزجاجية التي تشير إلى ثراء ساكنيه.

وقبل ثلاث سنوات اكتشفت سلطة الآثار في موقع قريب مسجدًا آخر يعود للحقبة نفسها، من القرن السابع إلى القرن الثامن الميلادي، واصفة المسجدين بأنهما من بين أقدم أماكن العبادة الإسلامية المعروفة على مستوى العالم.

واعتبرت سلطة الآثار الإسرائيلية أن المساجد والعقارات والمنازل الأخرى الموجودة في الجوار تلقي الضوء على “العملية التاريخية التي حدثت في شمال النقب مع ظهور دين جديد هو الدين الإسلامي وحكم وثقافة جديدين في المنطقة”.

وبدأ الفتح الإسلامي للمنطقة في النصف الأول من القرن السابع ميلادي.

وقالت سلطة الآثار إن المساجد الموجودة في راهط سيتم الحفاظ عليها في مواقعها الحالية، سواء كآثار تاريخية أو أماكن للصلاة.

أمثلة لمآثر إسلامية استولت عليها إسرائيل

حسب وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “وفا”، احتلت إسرائيل عددا من المآثر الإسلامية منها:

+ في حزيران 1967 مدينة القدس الشرقية، وفرضت سيطرتها عليها بما فيها البلدة القديمة؛ وبدأت بتهويد كل ما تحويه من معالم أثرية دينية وتاريخية، وفي مقدمتها الحرم القدسي الشريف، بالسيطرة على حائط البراق، ووضع الخطط لتهويد المسجد الأقصى وتقسيمه زمانيًا ومكانيًا.

+ قسمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل؛ واقتطعت جزءًا منه للمستوطنين، في أعقاب اقتحام المستوطن باروخ غولدشتاين في 25 شباط 1994 الحرم.

+ سيطرت سلطات الاحتلال عقب احتلالها للضفّة الغربيّة بعد حرب 1967 على مسجد بلال هو بناء ديني مملوكي/ عثماني يقع على الطريق الواصل بين القدس والخليل بالقرب من المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، يُنسب المسجد إلى الصحابي بلال بن رباح؛ وينسبه الاحتلال إلى راحيل زوجة النبي يعقوب ووالدة النبي يوسف؛ فعزلتها عن محيطها الفلسطيني، وأحاطتها بالأسوار والأبراج العسكرية، وأغلقت شارع القدس الخليل، وأبقتها خارج المناطق الفلسطينية بعد إقامة الجدار الفاصل بين القدس وبيت لحم.

+ سارعت سلطات الاحتلال بعد أيام من احتلالها لمدينة القدس عام 1967 ببسط سيطرتها على المتحف الفلسطيني ومحتوياته الأثرية؛ وتم الحاقه بدائرة الآثار الإسرائيلية. ويضم المتحف مكتب رئيس سلطة آثار الاحتلال. وهو متحف أثري مشهور في الكتابات الغربية باسم “متحف روكفلر”، يقع في نهاية شارع السلطان سليمان القانوني في القدس، ويضم مجموعة كبيرة من القطع الأثرية المكتشفة من الحفريات التي أجريت في فلسطين في عهد الانتداب البريطاني ما بين العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين. تم إفتتاحه في عام 1938 ليكون أحد أقدم متاحف الآثار في الشرق الأوسط.

+ سيطر الاحتلال الإسرئيلي على قلعة القدس التي تقع في الجهة الشمالية الغربية للبلدة القديمة، وفيها نجد بقايا أثرية من كل الفترات التاريخية سواء كانت هيروديانية، هيلينية، إسلامية أموية، أيوبية ومملوكية، وعثمانية؛ وحولها إلى متحف أسماه “متحف قلعة داود لتاريخ القدس”؛ وفيه يتم تقديم تاريخ المدينة المقدسة للزوار بمنظور إسرائيلي بحت، بطريقة مزورة عبر أحدث الوسائل الإلكترونية.

+ سيطرت دائرة حماية السياحة الإسرائيلية منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967على قلعة الفريديس التي تقع على بعد 6 كم جنوب شرق مدينة بيت لحم، على طريق التعامرة بيت ساحور، وأجرت بداخلها عمليات تنقيب واسعة؛ وحولتها إلى مزار سياحي تستغله لدعم مزاعم الاحتلال وتأويلاته حول الوجود اليهودي في فلسطين. وهذه القلعة بناها هيرودوس الكبير ذو الأصول الآدومية عام 22 قبل الميلاد في العهد الروماني؛ لتكون حصنًا آمنًا من أي غزو خارجي.

مآثر دمرتها سلطات الاحتلال

حسب “وافا”، تعمل سلطات الاحتلال بمختلف أذرعها على طمس العديد من المعالم الأثرية الدينية والتاريخية العربية والإسلامية في جميع المحافظات الفلسطينية؛ وعلى وجه الخصوص بمدينة القدس المحتلة؛ وتحديدا في بلدتها القديمة ومحيطها، ويحاول بكل الوسائل إضفاء طابع يهودي تلمودي مكانها. ونستعرض هنا بعض بعض المواقع على سبيل المثال لا الحصر:

+ شرعت جرافات الاحتلال في العاشر من حزيران 1967 وحتى الثالث عشر منه بهدم حارة المغاربة في البلدة القديمة في مدينة القدس، الملاصقة للمسجد الأقصى من الجهة الجنوبية الغربية، والتي شيدت في العهد الأيوبي والمملوكي والعثماني، لتزيل 135 أثرًا، ومن جملة هذه الآثار: المدرسة الأفضلية، ومزار الشيخ عبد، وزاوية المغاربة، وتشرد قرابة 150 عائلة فلسطينية كانوا يسكنونها تم إخلاؤهم بالقوة، ليصبح مكان الحارة ساحة يؤدي فيها اليهود طقوسًا دينية عند الحائط الغربي للمسجد الأقصى.

+ أقدم دينيس مايكل، وهو يهودي متطرف يحمل الجنسية الأسترالية- في 21 آب 1969 على إشعال النار في الجناح الشرقي للمسجد الأقصى، حيث أتت النيران على كامل محتويات الجناح بما في ذلك منبره التاريخي المعروف باسم “منبر صلاح الدين”؛ كما هدد الحريق قبة المسجد الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة.

+ ومن ضمن المعالم التي أتت عليها النيران: مسجد عمر الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية، ويمثل ذكرى دخول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى مدينة القدس وفتحها؛ إضافة إلى تخريب محراب زكريا المجاور لمسجد عمر؛ ومقام الأربعين المجاور لمحراب زكريا؛ وثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدة من الجنوب إلى الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة، وجزء من السقف الذي سقط على الأرض خلال الحريق، وعمودان مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد، و74 نافذة خشبية وغيرها.

كما تضررت أجزاء من القبة الداخلية المزخرفة والجدران الجنوبية، وتحطمت 48 نافدة في المسجد مصنوعة من الجبص والزجاج الملون، واحترقت الكثير من الزخارف والآيات القرآنية.

+ دمرت جرافات سلطات الاحتلال في 27 شباط 2015 موقع “خربه أم الجمال” وهي موقع أثري يعود إلى الفترة الرومانية، يقع على أراضي بلدة العيزرية شرق القدس المحتلة. وقد دمرت اليات الاحتلال مجموعة من المعالم الأثرية من ضمنها بقايا مبنى أثري ومقابر وآبار ومعاصر وجدران أثرية.

+ تدمير قوات الاحتلال الإسرائيلي مطلع شهر كانون الثاني 2018 موقعًا أثريًا عربىًا قديمًا يقع على تلة ويعرف بإسم “النبى زكريا” شمال مدينة القدس المحتلة.

+ هدمت جرافات الاحتلال في 9 كانون الثاني 2011 مبنى فندق شيبرد التاريخي في حي الشيخ جراح بمدينة القدس، وكان الفندق يستخدمه مفتي فلسطين الراحل الحاج أمين الحسيني مقراً له. وجاءت عملية الهدم بهدف تشييد 20 وحدة استيطانية في المكان.

+ دمرت طائرات الاحتلال الحربية خلال حربها على قطاع غزة عام 2014 بشكل كلي “مسجد المحكمة ومسجد الظفر دمري في منطقة الشجاعية شرق مدينة غزة، والذي يعود تاريخ تأسيسهما إلى العصر المملوكي؛ ومقام خليل الرحمن في منطقة عبسان الذي أسس في العصر المملوكي، ويعد أحد أهم المقاصد الصوفية قديماً؛ ومقام الخضر في مدينة دير البلح جنوب قطاع غزة، والذي يعود للعصر اليوناني حسب النقوش والنصوص التي وجدت على اللوحة التأسيسية للمكان”؛

+ خلال انتفاضة الأقصى منذ عام 2000 هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي العديد من المباني التاريخية، باستخدام القنابل والصواريخ والجرافات، عندما شنت سلسة من الاجتياحات على مختلف المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية؛

مآثر تمت سرقتها

من أخطر أشكال عمليات استهداف المواقع الأثرية والتاريخية التي تمارسها سلطات الاحتلال وأذرعها، حسب “وافا”، عمليات سرقة الأثار ونقلها على رؤوس الأشهاد من مواقعها الفلسطينية إلى متاحف إسرائيلية أو إلى أماكن تقع تحت السيطرة الإسرائيلية في داخل أراضي 1948؛ كما تمت سرقة الكثير من الآثار عن طريق عصابات تنقيب وسرقة الآثار، مقابل مبالغ مالية؛ ما شجع على استفحال هذه الظاهرة في المجتمع الفلسطيني. وتقول دائرة الآثار الفلسطينية أن نحو 100 ألف قطعة أثرية فلسطينية تُهرَّب إلى إسرائيل سنوياً.

إنّ عمليّات سرقة الآثار من فلسطين ليست بالجديدة؛ فقد بدأت منذ احتلال الضفّة الغربيّة وقطاع غّزة في عام 1967، وإنّ العديد من المواقع الأثريّة نهبت؛ ففي عام 2015 قدّر حجم المضبوطات التي دخلت إلى سجلّات وزارة السياحة والآثار تقريباً بـ20 ألف قطعة؛ بينما انخفض الرقم في عام 2016 إلى 2400 قطعة، ومعظمها من مناطق “سي”.

وفي السياق لا تدخر سلطات الاحتلال الإسرائيلي جهدًا إلا وتعمل على استغلاله في سرقة الآثار الفلسطينية وخاصة النفائس منها،  ففي شهر تموز 2020 أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على سرقة حجر حوض المعمودية الأثري من بلدة تقوع في محافظة بيت لحم، والذي يعود للفترة البيزنطية، ويحوي رسومًا وكتابات قديمة وصلبانًا محفورة يعود عمرها لأكثر من 1600 عام، والحجر يزن حوالي 8 طن،  يسمى جرن العماد مصنوع من الحجر الوردي، وكان يستخدم في العهد القديم لتعميد الأطفال المسيحيين.

مآثر تم تهويدها

تسعى سلطات الاحتلال جاهدة إلى تهويد الأماكن الأثرية، من خلال عدة أساليب تعتمد على نسج القصص وإطلاق الروايات المزيفة حول تاريخ تلك الآثار القديمة؛ بهدف نسبتها لها، ومنها: مقام يوسف في نابلس، ومقامات بلدة عورتا، ومقامات بلدة كفل حارس، وآثار سبسطية. وفي هذا السياق: أصدر الاحتلال عام 2002 قائمة تضم 150 موقعًا أثريًا، منها 35 موقعًا في الضفة الغربية، اعتبرتها مواقع ذات قيمة “قومية”، وضمن التراث اليهودي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *