وجهة نظر

من أجل إشراك عادل للنساء

السؤال الذي يطرق بابنا قبل الإنكباب على صياغة هذه المقالة هو: ما الدور الذي يجب أن يُلعب من أجل تمكين المرأة المغربية من جميع حقوقها؟ أو بصيغة أخرى: ماذا علينا فعله من أجل إشراكٍ عادلٍ للنساء في برامج التنمية؟ علما أن الثقة بين المؤسسات المنتخبة والمواطنين فُقدت نوعا ما. لذلك فالحاجة ماسة الى الديمقراطية التشاركية من أجل استرجاع هذه المصداقية بشكل واضح وتكاملي يُعيد للمجتمع الثقة في منتخباته ومنتخبيه.

علينا كذلك استحضار جميع القوانين المتعلقة بالقضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء، لمزيد من التمكين للمرأة وللفتاة المغربية، في القرية والمدينة، في الجبل والسهل، من جميع حقوقها السياسية والمدنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. وكذلك تمكين الجماعات والفئات الهشة من الحقوق التي يجب الاشتغال عليها للنهوض بالوضع الاجتماعي والرقي بالحياة العامة، وتكريس مبدأ المساواة بين جميع شرائح المجتمع.

فالنقاش حول قضايا المساواة يحتم علينا الحديث عن الدولة الديمقراطية التي تتمتع بترسانة قانونية ومنظومة مؤسساتية، وتشتغل على ما يسمى بالملاءمة في إطار التدابير المتخذة من أجل تمكين اقتصادي وسياسي واجتماعي وثقافي للنساء.

ينبغي أولا الاشتغال على تغيير عقليات المجتمع، حتى تنظر الى المرأة كمكون رئيسي في المجتمع، دون نظرة دونية لها. فالمرأة نصف الرجل، والنساء شقائق الرجال. أيضا يقتضي الأمر العمل على تغيير عقليات المكونات الحزبية لتفتح مزيد من الآفاق السياسية أمام النساء، حيث نتطلع إلى أن تكون لدينا أحزاب سياسية ونقابات ومؤسسات وسيطية تستحضر هذا البعد في الاشتغال على تغيير العقليات، وعلى تغيير السلوكات والمقاربات التي تخض قضايا المساواة والعنف المبني على النوع، لنتجاوز بذلك هذا الانحباس السياسي وانسداد الأفق النوعي.

هنا يأتي دور المجتمع المدني أيضا في الدفاع عن إشراك المرأة في جميع مناحي الحياة، والذي نتمنى أن يكون مجتمع مدني قوي وحاضر وفاعل ومُـــدعِّم كذلك لكل المبادرات النسائية. لأنه كما هو معروف لازال عدد كبير من النساء المغربيات في حاجة الى الحماية الاجتماعية أو القانونية أو غيرها، وفي حاجة إلى الولوج إلى الحقوق المختلفة. وتلك هي مهمة المجتمع المدني، وواجب عليه الاشتغال على تمكين النساء من هذه الحقوق، ترافعاً وحمايةً وتمكيناً وتأطيراً.

ايضاً، نسجل أن هناك تراجعاً كبيراً للنساء على مستوى الوصول إلى مراكز القرار، سواء الإداري أو الاقتصادي أو السياسي أو الحزبي أو النقابي أو المدني أو الاجتماعي أو الثقافي أو الرياضي.

أما على المستوى التكامل القانوني، فهناك ورش يجب إتمامه والاشتغال عليه بعمق وجدية، لأن التقارير الرسمية التي صدرت عن عدد من المؤسسات الدستورية مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، كلها تبين أنه ماتزال هناك فجوة كبيرة وواسعة بين التوجهات الدولية الكونية وبين ما يجري في المغرب على أرض الواقع في مجال المساواة.

ختاما، على المجتمع المغربي، حكومة وبرلمان، أحزاب ونقابات ومجتمع مدني وحركة نسائية، وقوى ديموقراطية، السعي الحثيث نحو مزيد من التجويد لخدمات العدالة والتمكين للمرأة، ونحو تحقيق الحماية الاجتماعية والمساواة بين نساء المغرب ورجاله. وذلك بوضع وتنفيذ سياسات عمومية دامجة ومنصفة وإرادية، لتحقيق تمكينٍ سياسي ومؤسساتي يخول للمرأة الوصول إلى مراكز القرار الإداري والسياسي والاقتصادي، لأن الأرقام مازالت مهولة كما يعلم الجميع، وخاصة في انتخابات شتنبر 2021 التي أسفرت على 24% فقط من التمثيلية النسائية بالبرلمان و26% فقط في الجماعات. وهذه الأرقام تبقى جد ضعيفة أمام مطالب الحركة نسائية وأمام التحولات المجتمعية وأمام المقتضيات الدستورية المتقدمة، وأمام الالتزامات الحقوقية لبلادنا دوليا. وأساساً أمام ما تصبو إليه الإرادة المولوية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *