سياسة

الطالبي العلمي: تفكيك الدول والانفصال أكبر خطر يهدد دول عدم الانحياز

اعتبر راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، أن أخطر التحديات التي تواجه دول عدم الانحياز، هي تفكيك الدول وانهيار أنظمة سياسية والانفصال، حيث تكون التربة خصبة للإرهاب والتعصب.

وقال الطالبي في كلمته باسم المغرب، خلال المؤتمر التأسيسي للشبكة البرلمانية لحركة عدم الانحياز، بالعاصمة الأذربيجانية باكو، إن “احترامُ سيادة دولنا، واحترام الوحدة الترابية، لكافة الأعضاء، كما لباقي أعضاء المجموعة الدولية، يظل أمرًا مركزيًا”.

وأوضح المتحدث أن “مناطق مختلفة أصبحت مسرحا للعديد من الأزمات، وإن لم تكن الأزمات متواجدة في منطقة بذاتها، وأصبحت تزداد نفوذا بدعم من دول تحت غطاء الدفاع عن مبادئ وقيم نبيلة”.

وشدد رئيس مجلس النواب على أنه “لا تنميةَ، ولا تقدمَ ولا بناءَ مُؤسساتيٍ دون سلمٍ وأمنٍ، ودون حدودَ آمنة بين الدول وحيث تزدهر التجارة والأعمال والمبادلات وتنقل الأشخاص”.

وأضاف أن حركة عدم الانحياز تأسست عام 1961 على خلفية الحرب الباردة بين الشرق والغرب، وبإرادةِ ترسيخِ استقلالاتِ البلدان التي تخلصت من الاستعمار، ودعم البلدان التي كانت تكافح من أجل الاستقلال، وبِأَمَلِ تحقيقِ التنمية المستقلة.

وتابع: “واليوم، وقد انتهت الحرب الباردة، فإن المجموعة الدولية، وبالتحديد البلدان الأعضاء في الحركة، تُواجه تحدياتِ أعظمَ وأكبرَ، يزيدُ من تعقيدِها عَوْلَمَةُ النزاعاتِ والأزماتِ، ومُعضلاتُ الإرهابِ والنزوح والاختلالاتِ المناخية، والتي زادت من حِدَّتها تداعياتُ جائحةِ كوفيد 19، والنقص الحاد في الموارد الغذائية، والارتفاع غير المسبوق في أسعار المواد الطاقية بسبب السياقات التي نعرفُها جميعا”.

ويرى الطالبي أن اختيار محور “تعزيز دور البرلمانات الوطنية في النهوض بالسلم العالمي والتنمية المستدامة” يُجَسِّدُ “انشغالَنا كمجموعةٍ برلمانية في السياق العالمي الذي تدفع شعوب بلدان حركتنا ثَمَنَه أكثر من غيرها، ويعكسُ الحِرْصَ من جانبنا على إعطاء محتوى جديد للانشغالات المركزية لحركة عدم الانحياز بعد أكثر من 60 سنة على تأسيسها”.

وكشف الطالبي أن بلدانَ عدمِ الانحياز تملكُ أكبرَ احتياطاتِ المواردِ الأساسية الأولية من طاقة ومعادن، كما تقع تحت سيادتها، أكبرُ نسبةٍ من الأراضي القابلة للزراعة (أكثر من %60 في إفريقيا وحدها)، وفي المقابل تُسجل ببلدان عدم الانحياز أعلى مؤشراتُ الجوع، والفقرِ المُدْقِع، وضعفِ التمدرس وضعف الربط بشَبَكَتَيْ الماء والكهرباء، والبنيات الأساسية.

كما أن الأغلبية الساحقة من النزاعات المسلحة الداخلية والعابرة للحدود، واقعةٌ اليوم، كما بالأمس، بين بلدان عدم الانحياز أو داخلها، مما يعيق التنمية ويخلق أجيالا مصدومة بالعنف، وفق المصدر ذاته.

وأفاد رئيس مجلس النوا بأن بلدان عدم الانحياز تُمَثِّلُ، بالأرقام، أكبر من نصف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ولكننا غير مُؤَثِرين في القرار الدولي بالشكل الذي يليق بحجمنا الديمغرافي وبامتدادنا الجغرافي، وبتاريخ بلداننا وإسهامنا في الحضارة العالمية، وفق تعبيره.

وأردف بالقول: “كما أن بلدانَنَا هي التي تدفع ثمن الاختلالات المناخية، جفافًا وتصحرًا واندثارا للغطاء الغابوي، وفياضانات أحيانا، مع ما لذلك من تداعيات على تدفقات الهجرة والنزوح بسبب المناخ. وفي المقابل لم نستفدْ على النحوِ المطلوب من الثورةِ الصناعية والتكنولوجية، ولا نساهم إلا بنسبة جد ضئيلة في انبعاثات الغازات التي تتسبب في ارتفاع حرارة الأرض، مثلا لا تساهم مجموع بلدان افريقيا سوى بـ 4% من هذه الانبعاثات”.

واعتبر الطالبي أن الجوابُ على هذه التحديات، وتجاوزُ هذه المفارقات، “يتطلب رؤيةً جديدةً، ومقارباتٍ مُبتكِرةً من جانبنا، لا تَسْتَصْغِر، ولا تُنفي الرصيد الكفاحي لحركة عدم الانحياز، ولكنها تستحضر رُوحَها ومُثُلِها وتَتَمَثَّلُ نُبْلَ مقاصد تأسيسها، وتكونُ مجددةً في منهجيةِ الترافعِ وفي تشبيك العلاقات”.

وأضاف: “إنني من المؤمنين بمستقبل بلداننا، ومن المقتنعين بضرورةِ إعطاءِ مضمونٍ جديد لترافُعِنَا كبرلمانات في الإطارات متعددة الأطراف، بخطاب مُحتواه الدفاع عن السلم، وعن دمقرطة العلاقات الدولية، وعن الاستفادة العادلة من ثروات الأرض، وعن استقلال قرارات بلدان عدم الانحياز، وعن حقها في اكتساب التكنولوجيات، وفي التوظيف الأمثل لثرواتها”.

وشدد على ضرورة الترافع من أجل “العدالة المناخية لبلداننا، ومن أجل تجارة دولية متوازنة. وبالموازاة مع ذلك، ينبغي لنا أن نُرافِع عن التعاون بين بلداننا، ونرفع من درجة هذا التعاون إلى شراكةٍ متعددةِ الأطراف، ونجعلَ من التضامن بيننا، ومن عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، عقيدةً أساسية”.

وقال في هذا الصدد، إن “المستقبلَ لنا إذا نحن تمسكنا بعقيدةِ التعاون والتضامن والسلم والاحترام المتبادل، وإذا ما نحن نجحنا في الوقاية من الأزمات وتسويتها. وسنواصل في المغرب بقيادة الملك محمد السادس، الدفاع على هذه العقيدة، وسنظلُ نعمل من أجل بناء الشراكات التي تطلق الآمال، وتؤسس للمستقبل، مصممين على تقاسُم خِبْرَاتِنا ومهاراتنا مع الأشقاء والأصدقاء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *