منوعات

سلمان رشدي: هل أقنعت محاولة اغتياله أصحاب فتوى الآيات الشيطانية؟

بعد قرابة 34 سنة من العيش متخفيا أو تحت الحراسة المشددة، والتنقل بشكل محمي أو سري، انتهى سلمان رشدي في الوقوع في فخ آلة رصد عمرت أيضا قرابة 34 سنة.

فمند إصدار كتابه الذي أثار موجة استياء في العالم الإسلامي “آيات شيطانية” والذي أعقبته الفتوى التي رُفعت إسمياً عام 1998 ضده من طرف آية الله الخميني، والتي أهذر فيها دمه، متبوعة بمكافأة قدرها 4 ملايين دولار لمن يظفر برأسه، حسب أندبندنت عربية، ورشدي يعيش لعبة القط والفأر لينتهي بين يدي شخص طعنه طعنات خطيرة في محاولة قتله.

والآن يطرح السؤال: هل أقنعت محاولة اغتياله أصحاب الفتوى حول “آيات شيطانية “؟ أم أن رأسه ما يزال مطلوبا؟

فكيف تم الهجوم على رشدي؟ وماذا عن الفتوى والكفاءة المالية؟ وكيف عاش رشدي تحت تهدد الفتوى والمكافأة المالية؟ وكيف اتحفت الصحافة الإيرانية بالهجوم؟ وهل سيؤثر حدث محاولة اغتياله على المفاوضات الجارية مع إيران حول الاتفاق النووي؟

جراحة طارئة وقد يفقد إحدى عينيه

خضع الكاتب البريطاني سلمان رشدي لجراحة طارئة، الجمعة الـ12 من أغسطس (آب) الحالي، إثر تعرضه للطعن في العنق في اليوم نفسه خلال مؤتمر بغرب ولاية نيويورك.

وفور تعرضه لهجوم على منصة مركز ثقافي في تشوتوكوا بشمال غربي ولاية نيويورك، حسب أندبندنت عربية، نقل رشدي بمروحية إلى أقرب مستشفى، حيث خضع لجراحة طارئة، بحسب ما قال وكيله أندرو ويلي على “تويتر”، واعداً بتوفير معلومات منتظمة في شأن الوضع الصحي للروائي البالغ 75 عاماً، الذي يعيش في نيويورك منذ سنوات عدة.

وقال وكيل أعمال رشدي، حسب نفس المصدر، إن من المرجح أن يفقد رشدي إحدى عينيه، كما أنه يعاني قطعاً في أعصاب إحدى ذراعيه وأضراراً بالكبد.

وأضاف الوكيل أندرو ويلي، في بيان مكتوب، “الأنباء ليست جيدة، ومن المحتمل أن يفقد سلمان إحدى عينيه. أعصاب يديه انقطعت، وتعرّض كبده للطعن، وتضرر”

وقال كارل ليفان، وهو أستاذ علوم سياسية كان موجوداً في القاعة، لوكالة الصحافة الفرنسية، عبر الهاتف، إن رجلاً هرع إلى المنصة، حيث كان رشدي جالساً، و”طعنه بعنف مرات عدة”. وروى الشاهد أن المهاجم “حاول قتل سلمان رشدي”.

وأعلنت شرطة نيويورك، في بيان، أن رشدي تعرض للطعن في العنق بهجوم استهدفه قبيل إلقائه محاضرة الجمعة، مشيرة إلى عدم توفر معلومات حول وضعه ومؤكدة توقيف المشتبه به.

وجاء في بيان الشرطة أن نحو الساعة 11,00 (15,00 ت غ) “هرع مشتبه فيه إلى المنصة وهاجم رشدي ومحاوره. وتعرض رشدي للطعن في العنق ونقل بالمروحية إلى مستشفى في المنطقة. ولا معلومات حتى الآن حول وضعه”.

وقالت شرطة نيويورك، في إفادة صحافية، “المشتبه فيه بالهجوم على الروائي سلمان رشدي يبلغ من العمر 24 عاماً، وهو من نيوجيرسي”، مؤكدة أنه “لا يوجد ما يشير حتى الآن إلى الدافع وراء الهجوم على رشدي”.

وقام عنصر مكلف ضبط أمن المحاضرة باعتقال المشتبه فيه، فيما تعرض محاور رشدي لإصابة في الرأس.

وأظهرت تسجيلات فيديو جرى تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي أشخاصاً يسرعون لنجدة الكاتب بعد تعرضه للاعتداء.

إيران: فتوى وكفاءة مالية واحتفاء إعلامي بالهجوم

يُذكر، حسب اندبندنت عربية، أنه تم حظر كتاب رشدي “آيات شيطانية” في إيران منذ عام 1988. وبعد ذلك بعام، أصدر الزعيم الإيراني الراحل آية الله الخميني فتوى دعا فيها إلى قتل رشدي.

كما عرضت إيران أكثر من ثلاثة ملايين دولار مكافأة لمن يقتل رشدي

ومنذ فترة طويلة نأت الحكومة الإيرانية بنفسها عن فتوى الخميني، لكن المشاعر المعادية لرشدي ما زالت قائمة. وفي عام 2012، رفعت مؤسسة دينية إيرانية شبه رسمية مكافأة رشدي من 2.8 مليون دولار إلى 3.3 مليون دولار.

ونفى رشدي هذا التهديد في ذلك الوقت، قائلاً ، حسب نفس المصدر، إنه “لا يوجد دليل” على اهتمام الناس بالمكافأة.

وحسب قناة الحرة، جمعت منظمات إيرانية بعضها تابع للحكومة مكافأة بملايين الدولارات لقتل رشدي. وقال المرشد الإيراني الحالي، علي خامنئي، في عام 2019، إن الفتوى “لا رجوع عنها”، بحسب رويترز.

وتبرعت وكالة أنباء فارس الإيرانية شبه الرسمية وغيرها، حسب نفس المصدر، من المنافذ الإخبارية بالمال في عام 2016 لزيادة المكافأة بمقدار 600 ألف دولار. ووصفت وكالة فارس، رشدي بالمرتد الذي “أهان النبي” في تقريرها عن هجوم الجمعة.

وفي خريف العام 2018 قال رشدي “مَرّ 31 عاما”، مضيفًا: “الآن كلّ الأمور تسير بشكل جيد. كنت في الـ41 حينها (حين صدرت الفتوى)، حاليا أبلغ 71 عاما. نعيش في عالم تتغيّر فيه دواعي القلق بسرعة كبيرة. حاليًا، هناك أسباب كثيرة أخرى تبعث على الخوف، أشخاص آخرون يتعيّن قتلهم…”

وحسب قناة “يورو نيوز” هنأت صحيفة “كيهان” اليومية الإيرانيّة المحافظة المتشددة السبت الرجل الذي طعن في ولاية نيويورك الكاتب البريطاني المعروف عالمياً سلمان رشدي مؤلف كتاب “آيات شيطانية”.

وحسب نفس المصدر، كتبت الصحيفة التي يعين المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي رئيسها “مبروك لهذا الرجل الشجاع المدرك للواجب الذي هاجم المرتد والشرير سلمان رشدي”. وأضافت “لنقبل يد من مزق رقبة عدو الله بسكين”

وحسب المصدر ذاته، وتماشياً مع الخط الرسمي وصفت جميع وسائل الإعلام الإيرانية رشدي بأنه “مرتد”، باستثناء الصحيفة الإصلاحية “اعتماد”.

ورأت صحيفة “إيران” اليومية الرسمية أن “رقبة الشيطان” “ضربت بشفرة حلاقة”

وكتب محمد مراندي مستشار فريق المفاوضين حول الملف النووي في تغريدة على تويتر “لن أذرف الدموع على كاتب يدين بكراهية واحتقار لا حدود لهما المسلمين والإسلام”. وأضاف أن “رشدي بيدق إمبراطورية يتظاهر بأنه روائي ما بعد الاستعمار”

وتساءل “أليس من الغريب أننا بينما نقترب من صفقة نووية محتملة، تزعم الولايات المتحدة أن هجوماً على (مستشار الأمن القومي السابق في البيت الأبيض جون) بولتون كان مخططا له (…) ثم بعدها يحدث هذا؟”.

حياة في الخفاء

اضطر رشدي إلى التواري بعدما رُصدت جائزة مالية لمن يقتله، ولا تزال سارية.

ووضعت الحكومة البريطانية رشدي تحت حماية الشرطة في المملكة المتحدة، وتعرض مترجموه وناشروه للقتل أو لمحاولات قتل. وبقي رشدي متوارياً نحو عقد، وقد غيّر مقر إقامته مراراً، وتعذر عليه إبلاغ أولاده بمكان إقامته.

ولم يستأنف رشدي ظهوره العلني إلا في أواخر تسعينيات القرن الماضي بعدما أعلنت إيران أنها لا تؤيد اغتياله.

وبقي إطلاق التهديد والمقاطعة يلاحقان المناسبات الأدبية التي يشارك فيها رشدي، كما أثار منحه لقب فارس في بريطانيا في عام 2007 احتجاجات في إيران وباكستان، حيث قال أحد الوزراء إن التكريم يبرر التفجيرات الانتحارية.

لكن فتوى هدر دمه لم تثنِ رشدي عن الكتابة وعن إعداد مذكراته في رواية بعنوان “جوزيف أنطون”، وهو الاسم المستعار الذي اعتمده إبان تواريه، وقد كتبها بصيغة الغائب. وروايته “أطفال منتصف الليل” الواقعة في أكثر من 600 صفحة تم تكييفها للمسرح والشاشة الفضية، وقد ترجمت كُتبه إلى أكثر من 40 لغة.

وصعد رشدي إلى الصدارة مع روايته الحائزة جائزة بوكر عام 1981 بعنوان “أطفال منتصف الليل”، ولكن أصبح اسمه معروفًا في جميع أنحاء العالم بعد “آيات شيطانية”

هل سيؤثر الحدث على مفاوضات الاتفاق النووي مع إيران؟

حسب قناة الحرة، تعززت الانتقادات في واشنطن لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 بعد الكشف عن مخطط إيراني لاغتيال مستشار الأمن القومي الأميركي السابق وحادثة الطعن التي تعرض لها الكاتب البريطاني سلمان رشدي، حسبما ذكرت مجلة “بولتيكو”.

وقالت المجلة الأميركية إن المستجدات الأخيرة “لا تساعد” الرئيس الأميركي، جو بايدن، في الوصول لاتفاق مع إيران لإعادة الامتثال المتبادلة بين البلدين لبنود الاتفاق.

والأربعاء، أكدت وزارة العدل الأميركية وجود مخطط إيراني لاغتيال مستشار الأمن القومي الأميركي السابق، حون بولتون، وأعلنت توجيه الاتهام إلى أحد أفراد الحرس الثوري

وقالت وزارة العدل الأميركية في بيان إن شهرام بورصافي (45 عاما) المعروف أيضا باسم مهدي رضائي، عرض دفع 300 ألف دولار لأشخاص في الولايات المتحدة لقتل بولتون، السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة، انتقاما على الارجح لاغتيال الولايات المتحدة القيادي الكبير في الحرس قاسم سليماني في يناير 2020.

وتأتي قضية بولتون بعد أن اعتقل مسؤولون أميركيون مؤخرا رجلا وسط اشتباه في أنه كان جزءا من محاولة إيرانية لاختطاف الصحفية، مسيح علي نجاد، المنتقدة البارزة لنظام طهران.

وقالت “بوليتكو” إن فصيل من الحزبين في الولايات المتحدة ينتقد الاتفاق النووي يرى أن الحكومة الإيرانية لا يمكن الوثوق بها وأن أي صفقة مع طهران يجب أن تغطي جرائمها بما يتجاوز طموحاتها النووية.

تؤكد تلك الأخبار أيضا الطبيعة الصعبة للعلاقة بين الولايات المتحدة وإيران، وهي علاقة عدائية – حتى عندما يتفاوض البلدان حول قضايا حساسة، طبقا للمجلة.

وفي المقابل، قال متحدث باسم البيت الأبيض في بيان إن بايدن ما زال يعتقد أن “الدبلوماسية هي أفضل طريق” لضمان “عدم امتلاك إيران لسلاح نووي”

وأضاف: “في الوقت نفسه، لم ولن تتنازل إدارة بايدن عن حماية والدفاع عن جميع الأميركيين ضد تهديدات العنف والإرهاب”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *