وجهة نظر

حسن حمورو يكتب: أسئلة للفهم

مضت سبعة أسابيع، والمغاربة ينتظرون التعرف على طبيعة وأعضاء الحكومة التي يُفترض أن تسيّر شؤونهم، أو بعضا منها بصيغة أكثر دقة خلال الخمس سنوات المقبلة، وفقا للتوجه الذي عبّروا عنه يوم ذهبت نسبة لا بأس بها من المسجلين منهم في اللوائح الانتخابية، إلى صناديق الاقتراع، أملا في تحويل أصواتهم إلى أصداء تتردد في مجلس النواب وفي أماكن أخرى تُتخَذ فيها القرارات التي تعني معيشهم ومستقبل بلدهم.

لكن للأسف، وبدون مبررات مقنعة، ما تزال الأمور على حالها، ولا شيء واضح فيها إلا ما عبّر عنه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الأستاذ عبد الإله بنكيران، المكلف بتشكيل الحكومة، من مواقف منتصرة لإرادة المواطنين، ورافضة لإهانتهم، وجاعلة الديمقراطية حكَما ومرجعا في ما يمكن الاختلاف حوله، غير هذا يبقى مجرد ضباب ودخان كثيف من جميع الأطراف المعنية بموضوع الحكومة، بغض النظر عن مصدره سواء الرئيس الجديد لحزب التجمع الوطني للأحرار، أو الأحزاب التي ارتضته وليا لأمرها، أو شكله سواء أكان بيانات أو ردودا على أسئلة الصحافيين، أو تصريحات معممة على الصحافة.

طيب، لنتساءل سويا بصوت مسموع، ماذا يريد هؤلاء المترددون المرتبكون، هل يريدون السطو على رئاسة الحكومة، أم على قطاعات وزارية معينة، هل يريدون طرد رئيس الحكومة المكلف بأية طريقة وبأي ثمن، أم ما يزالون يحلمون بإغلاق القوس الذي فُتح سنة 2011، لكن ألم تفشل مسيرة الدار البيضاء اللقيطة المعروفة إعلاميا بمسيرة “ولد زروال”، ألم يفز حزب العدالة والتنمية بالانتخابات بالرغم من كل أدوات الإفساد، ألم يعين الملك الأمين العام للحزب الفائز رئيسا للحكومة في احترام تام لنص وروح الدستور، ألم تنتهي الانتخابات الأمريكية بفشل هيلاري كلينتون المتهمة بما هي متهمة به، على الأقل في الأمور التي يمكن أن تعنينا في المغرب، إذن ماذا ينتظر الواقفون خلف العرقلة البيّنة لتشكيل الحكومة، لصالح من يهدرون مزيدا من الوقت وهامش المناورة أمامهم يضيق شيئا فشيئا؟

هذه أسئلة لعلها تصلح لتأطير النقاش حول ما يجري، والإجابة عنها كفيلة على ما يبدو بتيسير فهم جزء من المشكل، ويبقى أمام المعنيين بالعرقلة أن يتخذوا القرارات التي قد تكون ساكنة في خُلدهم، والإسراع بتنفيذها، لنعرف كيف سيتصرفون فيما قد تؤول إليه الوضعية، مؤكد أنهم يحاولون إقناعنا بأن السياسة ليست مسارا للوصول إلى السلطة عبر الانتخابات فقط، ولكنها أيضا قدرة على التدبير والانجاز غير مسموح للجميع بامتلاكها، وأن شرعية الانتخابات لا تؤهل للانجاز، لأن له حسب زعمهم ووهمهم خبراء ومتخصصين، لا تنتجهم بالضرورة الأحزاب السياسية ذات الامتداد الشعبي، وفي جوهر هذا كله رفض غير معلن صراحة لمخرجات المجتمع بل ربما لهويته وقيمه.

أمام هذا، ليس أمام الأستاذ عبد الإله بنكيران، سوى مزيد من الصمود على مواقفه المشرفة، التي أعطت الممارسة السياسة في البلاد نكهة جديدة، وأدخلت ربما تفاصيل المشهد إلى كل البيوت، وجعلت حزب العدالة والتنمية يتحول بخطى ثابتة من تنظيم إلى تيار، وهذه قصة أخرى نحكي بعض صورها في فرصة قادمة.