مجتمع

بعد استقالته من رئاسة “علماء المسلمين”.. الريسوني “رجل دعوة لا يستوعبه حزب ولا جماعة”

رئيس علماء المسلمين

أعلن الفقيه المقاصدي أحمد الريسوني، استقالته من منصبه كرئيس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على خلفية تصريحاته الأخيرة عن الصحراء المغربية والعلاقات المغاربية التي أثارت موجة غضب في كل من الجزائر وموريتانيا.

هذا القرار الذي اتخذه الدكتور الريسوني، جاء وفق ما أعلن عنه “دفاعا عن مواقفه وآرائه الثابتة الراسخة”، وذلك بعد التصريح الأخير الذي قال فيه إن قضية الصحراء “صناعة استعمارية”، معبرا فيه عن أسفه لتورط دول شقيقة عربية إسلامية في دعم وفي تبني هذه الصناعة الاستعمارية.

ويعيد هذا القرار شهادة قدمها الشيخ فريد الأنصاري، في حق العلامة أحمد الريسوني، في تقديم كتاب هذا الأخير، “الحركات الإسلامية صعود أم أفول”، تبين بأن شخصية الريسوني الفكرية والدعوية “لا يمكن استيعابها، لكونه شخص محب للحرية الفكرية في القول والممارسة”.

وقال الشيخ  فريد الأنصاري في مقدمة الكتاب المذكور، “منذ مدة وأنا أنظر إلى الأستاذ أحمد الريسوني على أنه رجل الدعوة الإسلامية، والفكر الإسلامي، الذي لا يستوعبه حزب ولا جماعة!!”.

ويضيف الأنصاري،  “… وما زادت الأيام إلا تأكيدا، رغم أنه فعليا كان -إلى عهد قريب- على رأس جماعة من أكبر الجماعات الإسلامية بالمغرب “حركة التوحيد والإصلاح”، ولا يزال أحد أبرز رجالها، والسبب في ذلك هو أنه شخص محب للحرية الفكرية في القول والممارسة!”.

وتكشف شهادة الأنصاري، أنه يصعب تصنيف الدكتور الريسوني، بالقول: “فهو المجتهد الذي قد يفاجئك بما لا تتوقع، وإن كنت قد صنفته على موازين مسبقة من التصورات الحركية والقوانين التنظيمية فلم يزل الدكتور أحمد الريسوني رجل الفكر الإسلامي بإطلاق، لا يمكنك أبدا أن تحسبه علميا على جهة ما أبدا”.

وتضيف الشهادة أنه “…صاحب رأي وصاحب نظر، بما للكلمتين من معنى، إنه في بعض الأحيان يتكلم بما اشتهر من ميثاق حركة التوحيد والإصلاح، من أبجديات وأدبيات، لكنه حينا آخر لا يمكن لمن لا يعرفه إلا أن يقول: إنهما يفكر بميزان جماعة العدل والإحسان!”. بالرغم من الاختلافات البائنة بين التنظيمين الإسلاميين.

تجدر الإشارة إلى أن الريسوني قال في نص استقالته: “فتمسكا مني بمواقفي وآرائي الثابتة الراسخة، التي لا تقبل المساومة، وحرصا على ممارسة حريتي في التعبير، بدون شروط ولا ضغوط، فقد قررت تقديم استقالتي من رئاسة الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين”.

وأضاف الريسوني أنه في تواصل وتشاور مع الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، لتفعيل قرار الاستقالة، وفق مقتضيات المادتين 21 و22 من النظام الأساسي للاتحاد.

هذا وكان الريسوني قد صرح في وقت سابق في مقابلة مصورة مع جريدة إلكترونية أن ما يؤمن به شخصيا في هذه القضية هو أن المغرب يجب أن يعود كما كان قبل الغزو الأوروبي.

وأشار إلى أن قضية الصحراء صناعة استعمارية، معبرا عن أسفه لتورط دول شقيقة عربية إسلامية في دعم وفي تبني هذه الصناعة الاستعمارية.

وقال إن معالجة قضية الصحراء يجب أن تكون بالاعتماد على الشعب المغربي المستعد للجهاد بماله ونفسه وأن يتعبأ كما تعبأ في المسيرة الخضراء ليقطع آمال الذين يفكرون في فصل الصحراء عن المغرب.

يشار إلى أن رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني قدم توضيحات بشأن تصريحاته الأخيرة عن الصحراء المغربية والعلاقات المغاربية التي أثارت موجة غضب في كل من الجزائر وموريتانيا.

وأوضح الريسوني، في مقال نشره على موقعه الرسمي، أن دول المنطقة المغاربية كلها تعاني من تداعيات مشكلة الصحراء المغربية، مؤكدا أنها “صناعة استعمارية”.

وأشار إلى أن جبهة البوليساريو الانفصالية محضونة من طرف الجزائر وتتخذ مدينة تندوف عاصمة لجمهوريتها الوهمية، “وفيها قاموا بتجميع الآلاف من أبناء صحراء (الساقية الحمراء ووادي الذهب)، يعيشون في المخيمات – في أوضاع مزرية – منذ عشرات السنين”.

واسترسل الريسوني، “لأجل ذلك دعوت إلى السماح للعلماء والدعاة المغاربة، ولعموم المغاربة، بالعبور إلى مدينة تندوف ومخيماتها، للتواصل والتحاور والتفاهم مع إخوانهم المغاربة الصحراويين المحجوزين هناك، حول الوحدة والأخوة التي تجمعنا، وحول عبثية المشروع الانفصالي، الذي تقاتل لأجله جبهة البوليساريو، مسنودة وموجهة من الجيش الجزائري”.

وشدد على أن بلدان المغرب العربي الخمسة، في أمس الحاجة إلى تجاوز هذه المشكلة، التي تعرقل وتعطل جهود الوحدة والتنمية، وتهدد السلم والاستقرار بالمنطقة، داعيا المسؤولين الجزائريين إلى أن يتركوا للمغرب معالجة النزاع باعتباره قضية داخلية.

“وأومن، مثل كافة العقلاء، أن الحرب لن تأتي بحل أبدا، ولكنها تأتي بالدمار والخراب والاستنزاف للجميع، وتأتي بمزيد من التمزقات الداخلية والتدخلات الأجنبية” يضيف الريسوني.

وتوضيحا لتصريحاته التي أثارت غضبا في موريتانيا، قال الريسوني إن استقلال موريتانيا “اعترض عليه المغرب لعدة سنين، لأسباب تاريخية.. ثم اعترف به، وأصبحت موريتانيا إحدى الدول الخمس المكونة لاتحاد المغرب العربي. فهذا هو الواقع المعترف به عالميا ومن دول المنطقة”.

واعتبر بأنه لا سبيل إلى الوحدة اليوم “إلا ضمن سياسة وحدوية متدرجة، إرادية متبادلة، وأفضل صيغها المتاحة اليوم هي إحياء اتحاد المغرب العربي وتحريك قطاره”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *