منتدى العمق

السينما والأمن الجنسي

الممارسات الجنسية، خصوصا خارج العلاقات الزوجية والعلاقات الرضائية بين الراشدين، وانحرافات سلوكيات الاغتصاب الجنسي و الخيانات الجنسية وحتى الشذوذ الجنسي المروع كالبيدوفيليا (اغتصاب القاصرين) والناكروفيليا (مضاجعة الجثث البشرية) والزوفيليا (مضاجعة الحيوانات) والعلاقات الجنسية المثلية، والسادية والجنس المازوخي (اللذة والنشوة بعد تعذيب الذات) …. هي دوما سلوكيات جنسية تقع في صلب المطاردة والمصادرة الأخلاقية المجتمعية و تقع تحت ملاحظات وتقويمات العلاج السبكلوجي و تحظى بالإحاطة القضائية لوقوعها في كثير من الحالات موقع جنايات.

لكن عندما يحاول الفن تناول هذا الطابو الضخم (الجنس)، تقع هناك مجازفات، أولها من طرف الفن نفسه عندما يكتفي فقط بتصوير البشاعات الجنسية بقليل حبكة درامية و قليل حيطة ديونتولوجية، وثانيها من طرف الحكم القيمي المتسرع والمتسلط للمجتمع و “حراس الأخلاق” والذي لا يرى المشاهد الجنسية في إطارها الفني والدرامي ويرفض مشاهدة الجنس في الفن على أنه تعبير عن معاناة ورسالة لمأساة ويكتفي بالنظرة البورنوغرافية المنبوذة أخلاقيا…وهنا تتحرك مقصلة الأحكام الأخلاقية لتجني على أولئك الأدباء، والشعراء والرسامين والمخرجين السينمائيين والفوتوغرافيين الذين “تجرووا” وتناولوا الجنس المحرم بل ولعبوا أدوار “شيطانية” لأنهم دفعوا المجتمع للتطبيع مع الجنس.

أظن أن المخرج والممثل المغربي إدريس الروخ قد تعرض لهجمة أخلاقية مشابهة لما صور مشهدا جنسيا ” جريئا” في آخر أفلامه.

أولا: انا شخصيا لم أشاهد الفلم، علما أن هذه الظاهرة السوسيو-فنية معروفة. وبالتالي زاد فضولي لمشاهدة الفلم واظن أنه نفس الفضول المضطرد يراود العديد من الشباب. فقط أنبه هنا أنه عندما يعمل “الاكليروس” على الهجوم أخلاقيا على عمل فني فهو يزيد من عائدات هذا العمل ويزيد من رغبة الناس فيه حسب القاعدة التجارية والنفسية “الممنوع مرغوب”. حدث نفس الشيء مع أفلام مغربية ودولية سابقة. الهجوم على فيلم ما يحوله لمنتوج بائع vendant

ثانيا. لم أشاهد ابدا فيلما سينمائيا محتكما لقواعد الإبداع الفني (قضية، رسالة، قصة، تشخيص، سينوغرافيا، حبكة، إخراج…) سبق له وأن تناول موضوعة الجنس في إطار بورنوغرافي صرف. الجنس في السينما هي معبر انتقاد منظومة علاقات متسلطة (ذكورية) والجنس في الفن عموما هي قناة تصريف العنف والثورة والانعتاق خصوصا لدى النساء المقموعات. هنا اتكلم عن جنس الفن السابع ولا أقصد افلام البورنو وفيديوهات world sex حيث المغاربة من افضل واخلص الزوار والمشاهدين لها. ومن هنا كيف لنا أن نكون مخلصين للبورنو ومنتجين مبدعين للخلاعة في فيديوهات “روتيني اليومي” وكيف لنا أن نتابع يوميا فضائح جنسية لأساتذة وفقهاء ورقاة ، من جهة، ونتحول من جهة أخرى لمنتقدين متشددين لمشاهد “شبه جنسية” موضوعة بحذر شديد في أفلام سينمائية ذنبها الوحيد هو أنها تناولت فنيا وعرت سينمائيا تناقضاتنا الجنسية.

ثالثا. أفضل تناول السينما والمسرح والرسم والرقص والفوتوغرافيا لموضوع “جنس المغاربة”. ستكون طبعا أولى الإبداعات ربما ناقصة فنيا أو مفرطة تشخيصيا لكنه تناول قابل للتطور. الأهم في ذلك هو أن ارتقاء سلوكنا الجنسي العام سيأتي حتما وحصرا من التأطير الفني والثقافي والتربوي. ولن ننتظر من الفراغ التربوي التثقيفي سوى أن تملأه الخلاعة الحقيقية التي يصورها الهواة والمتطرفون في وسائل التواصل الاجتماعي ، ويأتي بعد ذلك ” حراس المعابد” ليحرمون كل شيء ويجنون على كل شيء وقد قاموا بهذا الدور قرونا طويلة لم تنجب سوى تطرف جنسي فظيع.

الأمن الجنسي له دعامات، واظن أنه حان الوقت لقبول دخول السينما والإبداع الفني على الخط، ليساعدنا على تمثل الجنس وفهمه وقبوله ومناقشته للرقي به.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *