وجهة نظر

وداعا عجلة أكادير.. مرحبا بعرقلة الاستثمار 

دون أن يحرك المجلس الجماعي لأكادير ساكنا ولا متحركا، تم تفكيك أحد أهم المعالم السياحية بمدينة أكادير. يتعلق الأمر بـ”عجلة أكادير” التي تتيح متعة ترفيهية ومنظرا بانوراميا على المدينة وشاطئها. هذه العجلة التي تبلغ ارتفاع 50 مترا وتقع على بعد 25 مترا فقط عن شاطئ المدينة، أصبحت معلمة سياحية مرتبطة بالسياحة في مدينة الانبعاث، كما أنها تُعطي إشعاعا دوليا للمدينة حين يتم وصفها في مواقع الترويج السياحي بأكبر عجلة بانورامية في القارة الإفريقية.

السوق السياحية العالمية تشهد منافسة كبيرة لاستقطاب أكبر عدد من السياح. ومدينة أكادير، عرفت في السنوات الأخيرة طفرة نوعية لتطوير البنية السياحية كالرحلات الجوية والطرقات ووسائل النقل والفنادق والمخيمات المفتوحة والمطاعم وغيرها من المنشآت. كما أن العرض الساحي عرف هو الآخر تطورا نوعيا بتدشين أول تليفريك في المغرب. لقد استبشرنا خيرا بهذا المشروع الواعد، لكن فقدان المدينة لأكبرعجلة في إفريقيا جعلنا نطرح الكثير من الأسئلة حول مسؤولية المجلس الجماعي، ودوره في المساهمة أولا في الحفاظ على العرض السياحي القائم، وثانيا تطويره وتنويع مجالاته. فالمجلس الجماعي الناجح هو ذاك الذي لا يكتفي بتدبير المشاريع التي تركتها له المجالس السابقة، وإنما هو ذاك المجلس الذي يأتي بأفكار جديدة ومشاريع تشكل قيمة مضافة في تطوير المدينة. وفقدان عجلة أكادير ستبقى عالقة في جبين المجلس الحالي الذي لم يعرف كيف يحافظ عليها، وتخاف ساكنة المدينة أن تتبخر آمالها في تطوير مدينتها، وتسقط في فخ المطالبة فقط بالحفاظ على ما تم إنجازه في المجالس السابقة.

نقول هذه الحقيقة، لأننا بعد مرور سنة على المجلس الجماعي الحالي، لم نَرَ لا مشاريع جديدة خارج برنامج التنمية الحضرية الذي تم الشروع في إنجازه في عهد المجلس السابق، ولا أفكار إبداعية تعكس بصمة المجلس الحالي في لوحة مدينة الانبعاث.

عجلة مدينة أكادير ليست كومة من اللوحات الحديدية، وإنما هي معلمة سياحية تُصنِّفها الكثير من المواقع  العالمية المهتمة بالترويج السياحي، من بين المعالم العشرة الأولى التي يجب على السائح زيارتها في أكادير. كما أن موقعا سياحيا عالميا يضع هذه المعلمة في الرتبة 9 من أصل 47 من الأنشطة التي يمكن أن يقوم بها السائح خلال زيارته لأكادير.

المُتعارف عليه في المدن السياحية على الصعيد الدولي، هو احتضان المدينة لمعلمة أو معالم سياحية يستثمر فيها المجلس المسؤول عن تدبير المدينة من أجل التعريف بها، وجعلها قيمة مضافة تُعزز استقطاب السياح وتقوية القدرة التنافسية في السوق السياحية. ولعل أبرز مثال بهذا الخصوص، هو مخبزة متواضعة في مدينة ليشبونة تعود للقرن 18، لكن المسؤولين عن المدينة رَوَّجوا لهذه المعلمة التاريخية وجعلوا منها مزارا للاستقطاب السياحي ونجحوا في ذالك.

على هذا المنوال، تُعتبر عجلة أكادير هي الأخرى مزارا للاستقطاب السياحي، ولتعزيز تنافسية المدينة في السوق السياحية. وخسارتها سيكون له تأثير على صورة المدينة وعلى تقليص العرض السياحي وإضعاف تنافسية مدينة الانبعاث. لمذا تدوم المعالم السياحية لعقود وعقود في البلدان السياحية الأخري، وفي أكادير يتم تفكيك أحد أهم المزارات السياحية في المدينة بعد بضعة سنين فقط من الاشتغال؟ هل في هذه المدينة الشاطئية نشجع الاستثمار أم نعرقله ونطرده ليستقر في البلدان المنافسة لنا؟

إن المسؤول الأول عن فقدان مدينة أكادير لأكبر عجلة في إفريقيا هو المجلس الجماعي. فهو صاحب الاختصاص، وهو صاحب الأرض التي أُقيمت عليها العجلة، وهو صاحب الترخيص. وحتى إن كانت هناك مسؤوليات متقاسمة مع السلطات المحلية أو مع المجلس الجهوي للسياحة، فإن المجلس الجماعي هو منتخب للترافع عن المدينة والحفاظ على مصالحها. فإن كان المجلس الحالي عاجزا عن الإبداع في مشاريع جديدة وأفكار نوعية، فعلى الأقل عليه الاجتهاد أكثر للحفاظ على العرض السياحي الحالي.

المجلس المنتخب الذي لا يستطيع الحفاظ على المشاريع القائمة، كيف سيستقطب مشاريع جديدة؟ إنه تخوف مشروع لساكنة أكادير من سيناريو مشاهدة مدينة تعود إلى الوراء في عهد المجلس الجماعي الحالي إن استمرت هذه اللامبالات اتجاه المشاريع القائمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *