وجهة نظر

أي محاسبة عقب وفاة الدكتور ياسين رشيد؟

اهتز الرأي العام المغربي والقطاع الصحي بحر الأسبوع المنصرم على وقع خبر وفاة السيد الدكتور ياسين رشيد -رحمه الله-، الذي كان يتابع دراسته في السنة الأخيرة من سلك التخصص في جراحة المسالك البولية بكلية الطب والصيدلة جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.

وقد كان الفقيد -رحمه الله- قد ضاق ذرعا بالمضايقات والابتزازات الذي تعرض لها من طرف أحد المؤطرين الذين أُشيرت إليهم أصابع الاتهام بشكل مباشر في وفاة الهالك، كما انهالت عليهم عبارات القدح والذّم من عديد الطلبة الأطباء الذين سئِموا من المعاملات المُشينة، والعنتريات التي تمارَس عليهم في فترات التكوين التي يتلقونها داخل المستشفى الجامعي ابن رشد بالبيضاء.

وللخروج من هذه المسالك المظلمة والانفلات من العقليات السادية التي تستغل نفوذها وسلطتها للتضييق على الآخرين، آثر السيد الدكتور ياسين رشيد -قيد حياته- السفر نحو فرنسا علّ الأمل يولد من الهجرة إلى أرض الله الواسعة، ليجد هذا الأخير الفرق الشاسع والبون الواسع بين المعارف البيداغوجية والتكوينات التطبيقية لدى الجامعة الأوروبية، ويلامس الفرق بين مستوى الطب الغربي والمعاملة الإنسانية، وما حُرِموه بفعل فاعل داخل أرض الوطن -وإن أتيحت الفرصة لذلك-؛ ليُحس بالغُبن “والحُكرة” التي عاشها وزملاؤه من لدن عقليات سادية تمارس عقدها النفسية والاجتماعية على “ولاد الناس” وكل من رمته الأقدار إلى عُقر جحورهم المظلمة والنتنة.

وتشير مصادر مقربة: على أن الهالك، وبالرغم من سفره بعيدا لمتابعة التكوين الطبي والارتقاء بمعارفه العلمية والمهنية، إلا أن رسائل التهديد والوعيد لم تفارقه بين الفينة والأخرى، تؤرق حياته الشخصية وتضع حواجز ومعيقات بعدم حصوله على شهادة التخصص، لتَسحب منه مناصب عليا تتطاول لها الأعناق، وتُخلق دونها تدافعات وصراعات.

وفي خضم هذه الأحداث: كان الفقيد السيد ياسين رشيد -رحمه الله- يعيش حياة طبيعية بأرض المهجر، يمارس الرياضة في نشاط وحيوية، كما زار أحد أفراد العائلة بالعاصمة باريس قُبيل أيام من الواقعة متفائلا بالتغيير الذي يعيشه.

وفي غمرة ذلك: نزل خبر الوفاة كالصاعقة على أفراد العائلة والأصدقاء، بعد أن وُجِد الهالك جثة هامدة في ردهات أحد الأقسام بمستشفى Châtre بضواحي العاصمة الفرنسية، ليُنقل بعدها إلى أرض الوطن ويُوارى الثرى بمقبرة “سيدي محمد” بزاوية النواصر مسقط رأسه.

وأمام هذه الواقعة: يُطرح السؤال، حول السلامة المهنية للطبيب؟ بل ويُوجب فتح تحقيق أمني جاد ومسؤول لبيان الحقيقة؟ وعرض الجانِين بشكل أو بآخر أمام أنظار العدالة، وفصلهم من جميع الوظائف التي يتخذونها مغنما لا أمانة ومغرما، ويعرّضون باقي الطلبة الأطباء لعديد المضايقات والمساومات. قبل أن تتسع دائرة الضحايا، وتؤدي إلا ما لا يُحمد عقباه، إن على صحة الطالب المكوَّن أو على باقي المواطنين الذين سيعالَجون على أيديهم، لا سيما وأن عددا من الأصوات -داخل الوسط الصحي، تعالت عقب الحادث- يستغيثون عبر وسائل الإعلام، بضرورة حماية الأطر الطبية من الوحوش البشرية التي تفرض سطوتها وسلطتها على الآخرين عبر طرق متعددة ومتنوعة من الاستفزاز والابتزاز، لأن ما خفي وراء الستار أجلّ وأعظم؛ وما خبر الاستغلال الجنسي مقابل النقط عنا ببعيد.

* حسن رشيـدي، أستاذ وباحث أكاديمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • عابر
    منذ سنتين

    المعاناة والضغوط النفسية و الاستغلال ثابتة في بعض الأطباء أو رؤساء المصالح ومنهم الطبيب الذي كان مشرفا على الراحل و شهادات الأطباء المقيمون خير دليل على ذلك أما الردود الرسمية ومن بينها تصريح الناطق الرسمي فلن تخرج من نطاق البهرجة الكلامية والابتعاد عن صلب الموضوع. الدولة تصرف الملايير سنويا على الطلبة وفي الأخير يأتي مسؤول ليضيع كل الجهد المبذول من طرف الدولة و الأسرة والطالب . المغرب يتوفر على ترسانة قانونية مهمة ، و في هذا المجال أذكر القانون 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر ، يجب على الدفاع وأسرة الهالك جمع الشهادات وتكييف و تجهيز الملف جيدا وأيضا يتطلب الأمر شجاعة الأطباء المقيمين وخصوصا أصدقاء الراحل للإدلاء بشهاداتهم لتنقية هذه المهنة من كل مسؤول سادي وخبيث ورد بعض الإعتبار للراحل. مقتطف من القانون 27.14 : يقصد بالاتجار بالبشر…أو إساءة استعمال السلطة أو الوظيفة أو النفوذ أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة أو الهشاشة….. ….لا يتحقق هذا الاستغلال إلا إذا ترتب عنه سلب إرادة الشخص وحرمانه من حرية تغيير وضعه وإهدار كرامته الإنسانية….. ….يقصد بالسخرة في مفهوم هذا القانون جميع الأعمال أو الخدمات التي تفرض قسرا على أي شخص تحت التهديد، والتي لا يكون هذا الشخص قد تطوع لأدائها بمحض اختياره……