منوعات

الثقة بالنفس إليك كيف تبنيها وكيف تعالج ضعفها

بفعل الانتشار الواسع للمضامين التي تتحدث عن الثقة بالنفس أو حسن تقدير الذات، في الشبكة العنكبوتية وخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، أصبح الوعي بأهمية الثقة بالنفس ثقافة يتسع انتشارها باستمرار.

وتعرف الثقة بالنفس على انها سمة شخصية يشعر معها الفرد بالكفاءة والقدرة على مواجهة الظروف المختلفة مستخدما أقصى إمكاناته وقدراته لتحقيق أهدافه، وهي مزيج إيجابي من الفكر والشعور والسلوك الذي يعمل على تشجيع النمو النفسي السوي والوصول بالفرد إلى المستوى المطلوب من الصحة النفسية والتكيف النفسي والاجتماعي. وهي صفةٌ مكتسبةٌ من البيئةِ وتلعب الخبرات الحياتية دوراً مهماً في تشكيلها.

وحسب موقع “مايو كلينيك” قد تؤثر قلة تقدير الذات وضعف الثقة بالنفس سلبا على كل جوانب الحياة تقريبًا، بما في ذلك العلاقات الاجتماعية والوظيفة والصحة.

وعكس ما يعتقد في بعض الأوساط، فالثقة بالنفس تنتج التواضع، ولا علاقة بالعديد من المواقف والسلوكيات التي تعبر عن الغرور والتكبر والاستعلاء عن الآخرين، فهذه السلوكيات التي ترتكز على المقارنة المريضة مع الآخرين، تتعلق باضطرابات نفسية، في حين أن الثقة بالنفس، كما تمت الإشارة إلى ذلك، عنصر أساسي في بناء الصحة النفسية. بل إن التكبر والغرور والاستعلاء قد يكون من تجليات المبالغة المرضية في تقدير الذات وسوء فهم الثقة بالنفس.

وحسب الجزيرة نت، كثيراً ما يعتقد الناس أن الثقة بالنفس تأتي من التأكيدات الإيجابية للذات بأني رائع، وإيصال هذه الرسالة للآخرين، ولكن الرسالة الإيجابية التي أبثها في نفسي أو للآخرين لا تكفي لبناء الثقة بالنفس ولا تعني بالضرورة الثقة بالنفس. وتلك التأكيدات، حسب نفس المصدر، قد تغطي جرحاً يحتاج إلى علاج أحياناً، وليس من الحكمة تغطيته بكلمات إيجابية تخديرية، مثل أن تقول الأم إنني أم رائعة لأبنائي مع أن ابنها يحتاج إلى إعادة تأهيل لبناء شخصيته وهي السبب الأول في ذلك.

ما الثقة بالنفس؟ وما علاقتها بالتواضع؟

الثقة بالنفس، حسب الجزيرة نت، هي القدرة على حل المشكلات ومواجهة التحديات، وتتعلق بمعرفة الإنسان لنفسه جيداً، ومعرفة نقاط القوة ونقاط الضعف، مع تقبل نقاط الضعف، والسعي لتقويتها، ووضع نقاط القوة في أهداف ذات أهمية بالنسبة للشخص، وهي مرتبطة بالتواضع، فالمستعلي يغطي ضعفاً باستعلائه.

ترتبط الثقة بالنفس، حسب نفس المصدر، بالمتعة الداخلية للانطلاق نحو الهدف، محرراً من نظر الناس، ويرتبط ضعف الثقة بالنفس بالرغبة من نيل الاستحسان من خلال ثناء الناس، لذا فالثقة مرتبطة بالإخلاص في العمل، وضعف الثقة قد يؤدي إلى الرياء.

هناك فارق جذري بين الثقة بالنفس وضعف الثقة، وهو التحرر من نظر الناس وطلب استحسانهم، والقيام بالعمل برغبة داخلية عن قناعة، متقبلاً احتمالية الفشل، ومعتبراً انها فرصة للتعلم، بغض النظر عن ثناء الناس أو ذمهم.

الواثق مرجعيته معرفته بنفسه وبما يريد، وبما يلائمه ويلائم قدراته ولا يسعى للتقليد، وغير الواثق يريد أن يثبت نفسه للآخرين بعمله وينتظر المديح ويهتز من النقد ويتحرك بالغيرة ويسعى للتقليد، ولديه عقلية مقارنة لا واعية مع الآخرين، فعندما يمتلك شخص ميزة لا يمتلكها هو يشعر بالنقص، فتتراجع ثقته بنفسه.

أسباب ضعف الثقة بالنفس

من الطبيعي أن يشعر الإنسان أحياناً بضعف الثقة بالنفس، حسب الجزيرة نت، لكن إذا تكررت هذه المشاعر فإنها تؤثر علينا سلباً وتشدنا للوراء، فهي تؤثر على قراراتنا ومشاعرنا وعلاقتنا مع الآخرين، بل وعلى صحتنا النفسية والجسدية، فكيف يمكن أن نتخلص منها ونتقدم؟

حتى نتخلص من هذه المشاعر السلبية، حسب نفس المصدر، يجب أن نعلم من أين جاءتنا هذه المشاعر، ولِم نشعر بها ولِم هناك أناس لا يشعرون بذلك؟ هل حقاً نحن نستحق أن نشعر بهذه المشاعر السلبية لأن لا قيمة لنا أم أنها دخلتنا بطريقة خاطئة ويجب أن نتخلص منها؟ هناك سببان في توليد هذه المشاعر السلبية والإحساس بضعف الثقة بالنفس..

السبب الأول لضعف الثقة بالنفس: أن ينشأ الشخص في بيئة تنافسية تدفع للعمل من خلال المقارنة أو النقد أو المدح، وتدفع للعمل من خلال المكافآت المادية أو المعنوية، وتتقبل الشخص تقبلاً مشروطاً بما يقدم أو يفعل، تجعل الإنسان يفقد إحساسه بقيمته الحقيقية، ويربط قيمته لنفسه بنظرة الناس، وتتكون لديه عقلية مقارنة لا واعية، فيقيس الشخص نفسه مع الآخرين بشكل مستمر دون أن يشعر، فيرتاح إذا جلس مع من يظن أنه أقل منه، ويتوتر إذا جلس مع شخص يتفوق عليه في أي ميزة، بسبب قياس قيمة الذات بالمقارنة مع الآخر وليس بمعرفة القيمة الحقيقية للذات.

إن التفكير بعقلية المقارنة السلبية تجعلنا نشعر بالدونية فنكره أنفسنا ونكره الآخرين، تشعرنا بالضعف والإحباط، بل وربما الغيرة والكره والحسد أيضاً، فتنتكس مشاعر الإيمان وتنتكس علاقتنا مع الله، لأن الحسد يؤدي إلى السخط، ومن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط.

إن العقلية التنافسية كلما كبرت بداخلنا ارتفعت أنانيتنا، وأصبحنا نفتقر إلى مشاعر المحبة للغير والرحمة والتقدير الحقيقي لأنفسنا وللآخرين فنبتعد عن أخلاق الإسلام وروحه، ناهيك عن أن العقلية التنافسية تكتسب عقلية ثابتة Fixed mindset لا تستطيع أن تبدع أو تغامر أو تنمو نمواً حقيقياً لأنها تركز على نظر الآخرين بدل متعة النمو.

السبب الثاني لضعف الثقة بالنفس: قد يميل بعض الناس أكثر من غيرهم للتركيز السلبي، ربما تجد أخوين في بيت واحد أحدهما يميل للتركيز الإيجابي والآخر يميل للسلبي، بشكل عفوي وجيني، فتتأثر ثقة الشخص الذي يميل للتركيز السلبي لأنه سينقد ذاته بشكل أكبر بكثير مما سيشكر نفسه فتتراجع ثقته بنفسه، أو أنه ينظر بعين الاستسصغار لكل ما يفعله ويرى أنه لا شيء فلا يشعر بقيمة النمو، حتى لو كان المحيط الذي يعيش به إيجابياً، يستطيع هذا الشخص أن يغير من طريقة تفكيره، ستجد في المقال التالي مفاتيح التغيير بإذن الله تعالى.

حتى نبني ثقتنا بأنفسنا علينا أن نتحرر من عقلية المقارنة اللاواعية، ونتحرر من انتظار استحسان الناس، لأن الثقة بالنفس لا تبنى من الخارج، بل من الداخل، من خلال معرفة الذات، وتقبل الذات بدون شروط، بنقاط ضعفها ونقاط قوتها مع السعي للتحسين، برغبة ذاتية، دون انتظار مكافأة معنوية أو مادية من الخارج.

خطوات تساعد على تقوية الثقة بالنفس

حسب “مايو كلينيك” إذا كنت تعاني من انخفاض تقدير الذات، فيجب أن تتحكم في قدرة الأفكار والمعتقدات على تغيير شعورك نحو نفسك. ويقترح فريق “مايو كلينيك” البدء بالخطوات التالية المبنية على علاج السلوك المعرفي:

  1. تحديد الحالات أو المواقف المزعجة

فكر في الحالات أو المواقف التي تبدو أنها تقلل من تقدير الذات. وقد تتضمن المحفزات الشائعة لذلك ما يلي:

  • عرض تقديمي في العمل أو المدرسة
  • أزمة بالعمل أو المنزل
  • مشكلة مع شريك الحياة أو شخص مقرب أ زميل العمل أو أي شخص آخر قريب منك.
  • تغير في الأدوار الحياتية أو ظروف الحياة، مثل فقدان الوظيفة أو ترك الطفل للمنزل
  1. كن على وعي بالأفكار والمعتقدات

حال تحديد المواقف المزعجة، انتبه لطريقة تفكيرك حيالها. هذا يتضمن ما تخبر به نفسك (حديث النفس) وتفسيرك للموقف. قد تكون أفكارك ومعتقداتك إيجابية أو سلبية أو محايدة. قد تكون عقلانية، وفقًا لأسباب أو حقائق، أو غير عقلانية، وفقًا لأفكار خاطئة.

اسأل نفسك عما إذا كانت معتقداتك حقيقية. هل ستذكرها لصديق؟ إذا لم تذكرها لشخص آخر، فلا تذكرها لنفسك.

  1. تحدي التفكير السلبي أو الخاطئ

قد لا تكون أفكارك الأولية الطريقة الوحيدة لفهم موقف ما، لذلك اختبر مدى دقة أفكارك. اسأل نفسك عما إذا كانت رؤيتك تتوافق مع الحقائق والمنطق أم لا، أو ما إذا كانت هناك تفسيرات أخرى معقولة للموقف.

انتبه إلى أنه قد يكون من الصعب إدراك المغالطات في التفكير. قد تشعر بأن الأفكار والمعتقدات التي آمنت بها منذ فترة طويلة عادية وواقعية، حتى وإن كان الكثير منها مجرد آراء وتصورات.

انتبه كذلك إلى أنماط التفكير التي تقلل تقدير الذات، مثل:

التفكير بمنطق “كل شيء أو لا شيء”: تنظر إلى الأمور إما على أنها جيدة كلها أو سيئة كلها. على سبيل المثال، “إن لم أنجح في هذه المهمة، فأنا فاشل تمامًا”.

التنقية الذهنية: ترى فقط السلبيات وتعتمد عليها، ما يشوّه رأيك تجاه شخص ما أو موقف ما. فعلى سبيل المثال، “لقد اقترفتُ خطأ في هذا التقرير والآن سيدرك الجميع أنني لستُ مؤهلاً لهذه الوظيفة”.

تحويل الإيجابيات إلى سلبيات: ترفض إنجازاتك وتجاربك الإيجابية الأخرى بالإصرار على إنها لا تُحسب. فعلى سبيل المثال، “أبليت حسنًا في الاختبار فقط لأنه كان سهلاً”.

القفز إلى الاستنتاجات السلبية: تصل إلى نتيجة سلبية حينما يوجد دليل ضعيف يدعمها أو حتى لا يوجد أي دليل يدعمها. على سبيل المثال، “لم يرد صديقي على رسالتي التي أرسلتها له عبر البريد الإلكتروني، لابد أنني قمتُ بشيء أغضبه مني”. (وعدم الرد قد تكون له أسباب كثيرة)

الخلط بين المشاعر والحقائق: تخلط بين مشاعرك أو معتقداتك وبين الحقائق. مثل، “أشعر أنني فاشل، لذا فأنا بالفعل فاشل”.

الحديث السلبي مع النفس: تقلل من قيمة نفسك، وتحط من قدرها أو تستخدم المزاح لاستنكار الذات. مثل، “أنا لا أستحق أي شيء أفضل”.

  1. تعديل أفكارك ومعتقداتك

والآن استبدل بأفكارك السلبية أو غير الدقيقة أفكارًا أخرى دقيقة وبناءة. جرب الإستراتيجيات التالية:

استخدم عبارات تبعث على الأمل: عامل نفسك بلطف وتشجيع. بدلًا من التفكير في أن محاضرتك لن تمضي على ما يرام، حاول أن تقول لنفسك أشياء مثل “سيمكنني التعامل مع هذا الموقف حتى ولو كان صعبًا”.

سامح نفسك: الكل يخطئ، ولا يمكن اعتبار الأخطاء تعبيرًا دائمًا عن حقيقة الشخص. وإنما هي لحظات منفصلة تمر في حياتك. قل لنفسك: “لقد ارتكبت خطئًا، لكن هذا لا يجعلني إنسانًا سيئًا”.

تجنب عبارات “يجب” و”لا بد”: إذا وجدت أفكارك مليئة بتلك الكلمات، فربما تكون تكلف نفسك أو الآخرين أعباءً غير منطقية. يمكن لحذف تلك الكلمات من تفكيرك جعلك تتوقع نتائج أكثر واقعية.

ركز على الإيجابيات: فكر فيما يمضى على ما يرام في حياتك. فكر في المهارات التي استخدمتها للتكيف مع المواقف الصعبة.

فكر في الدروس المستفادة: إن كانت تلك خبرة سلبية، فما الذي يمكنك أن تفعله بشكل مختلف في المرة القادمة للحصول على نتيجة أكثر إيجابية؟

أعد توصيف الأفكار المزعجة: لست مضطرًا إلى التفاعل بشكل سلبي مع الأفكار السلبية. وإنما فكر في تلك الأفكار السلبية على أنها إشارات لبدء تجربة أنماط جديدة وصحية. اسأل نفسك “فيم يمكنني التفكير وما يمكنني فعله لجعل هذا الأمر أخف وطأة؟”

شجع نفسك: ثق في قدرتك على إحداث تغييرات إيجابية. على سبيل المثال، “ربما لم تكن محاضرتي ممتازة، ولكن زملائي ظلوا يطرحون الأسئلة واستمروا في التفاعل، ما يعني أنني حققت هدفي”.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *