سياسة

سنة من ولاية أخنوش.. تنزيل أولى مخرجات الحوار الاجتماعي واستمرار هاجس “التواصل”

قبل سنة من الآن، أعلنت وزارة الداخلية عن تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في الثامن من شتنبر 2021، وهو ما مكنه من تشكيل حكومة بثلاثة أحزاب سياسية في وقت وجيز.

بعد سنة من عمل حكومة عزيز أخنوش، تطرح العديد من القضايا الراهنة المرتبطة بالدخول التعليمي وتفعيل الحماية الاجتماعية والقدرة الشرائية واستمرار ارتفاع أسعار المحروقات بشكل غير مسبوق.

سنة واحدة عرفت العديد من المبادرات الاجتماعية التي تهدف إلى تفعيل “اتفاق 30 أبريل 2022″، حيث عملت الحكومة على تنزيل أولى مخرجات الحوار الاجتماعي، وذلك من خلال رفع الحد الأدنى للأجر في قطاعات الصناعة والتجارة نسبة 5%، ورفع الحد الأدنى للأجر في القطاع الفلاحي بنسبة 10%.

كما عملت الحكومة على الزيادة في المعاشات لفائدة المتقاعدين عن القطاع الخاص، المحالين على التقاعد إلى تاريخ 31 دجنبر 2019، بنسبة 5%، مع حد أدنى قدره 100 درهم شهريا وبأثر رجعي من فاتح يناير 2020.

بالإضافة إلى ذلك، تم تخفيض الاستفادة من معاش الشيخوخة في القطاع الخاص، ورفع الحد الأدنى للأجر في القطاع العام إلى 3500 درهم، وحذف السلم 7 والرفع النسبي من حصيص الترقي.

في نفس الوقت عرفت هذه السنة احتجاجات متواصلة في العديد من القطاعات، أبرزها قطاعا الصحة والتعليم اللذان لم تهدأ فيهما إضرابات الموظفين بسبب ما وصف بالتراجع عن المكتسبات، فضلا عن احتجاجات المواطنين سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو على الواقع بسبب غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المحروقات.

حصيلة سنة .. انجازات وانتظارات

وفي هذا الصدد، يقول المحلل السياسي، أمين السعيد، إنه من الصعب تقييم سنة من العمل الحكومي لحكومة عزيز أخنوش، إلا أن الأصوات المعارضة لهذه الحكومة، وانبعاث بعض التنبؤات من قبل الصحافة الأجنبية التي تتوقع إمكانية تعديل حكومي نتيجة صراع خفي وغير معلن بين حزبي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار، واتساع السخط الشعبي على ضعف التدابير المتخذة لحماية القدرة الشرائية، توحي بأن الحكومة تحتاج إلى خطاب مستقل ومبدع قادر على مجاراة النقاشات الجارفة داخل منافذ التواصل الاجتماعي وإعادة الثقة للمؤسسات المنتخبة.

وأضاف أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبدالله بفاس، في تصريح لجريدة “العمق”، أنه لا يمكن تبخيس الإجراءات الاجتماعية التي قامت بها حكومة اخنوش، بالرغم من أثرها المحدود على مستوى المعيش اليومي للمواطن الفقير الذي صوت في 8 شتنبر من أجل الحد الأدنى من الكرامة الانسانية.

وأبرز أن القضايا الكبرى ما زلت في حاجة إلى تصور سياسي حكومي قوي وجريء، مثل إصلاح صناديق التقاعد وإعادة النظر في التشتت غير المبرر في الأنظمة الأساسية الخاصة بالوزارات والمؤسسات الدستورية والمؤسسات العمومية والإدارات، بالإضافة إلى الرفع من كتلة الأجور وعقلنة التعويضات المالية الضخمة وفق مبدأ العدالة الاجتماعية.

في المقابل من ذلك، يشير السعيد، إلى انتفاء الصبغة الاجتماعية في الإجراءات الحكومية الخاصة بالدخول المدرسي، الذي تميز بارتفاع ثمن اللوازم المدرسة في سياق مجتمعي موسوم بتراجع القدرة الشرائية، حيث وجدت العديد من الأسرة المغربية نفسها مرهقة جراء الأسعار المرتفعة.

وقال المتحدث إن الحكومة بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، مؤهلة لبلورة التوجهات الملكية دون هواجس سياسية، عكس تجربة حزب العدالة والتنمية التي كانت مسكونة بحرصها الشديد على تجنب الصراع مع المؤسسة الملكية، فيما يتعلق بالتنافس بين البرامج الاستراتيجية الملكية والبرامج الحكومية الانتخابية.

معارضة السوشل ميديا

ولفت الجامعي ذاته إلى أن ما يسترعي الانتباه، هو طبيعة اشتغال الحكومة وباقي المؤسسات المنتخبة، من برلمان ومجالس ترابية، الأمر الذي يطرح سؤال السياسة في المغرب، ويعيد النقاش حول الاختيارات والرهانات والبدائل السياسية التي من شأنها منح الأمل لفئة عريضة من المجتمع، خاصة الجيل الجديد الذي يعيش في عمق منصات التواصل الاجتماعي، ولا يعترف بهيئات الوساطة المتمثلة في الأحزاب السياسية والنقابات المهنية وجمعيات المجتمع المدني.

إن من بين أهم المشاكل الكبرى التي تواجه حكومة عزيز أخنوش، يتلخص في أن المجتمع المغربي، أضحى بعيدا عن كل البعد عن السياسة، وهو ما يعني طغيان اللاسياسة مقابل تكريس منطق إفراغ المؤسسات التمثيلية وتحقير الحلول السياسية التي أصبحت تهدد مستقبل الأمن الاجتماعي في المغرب، وفق تعبير السعيد.

وتابع قائلا: “حكومة أخنوش مطالبة بإعادة النظر في العلاقة الملتبسة بين السياسة والتكنوقراط، وهي علاقة مليئة بالتعقيد، طالما أن العديد من الوزراء المحسوبين على الأحزاب المشاركة في الحكومة ليست لهم علاقة بالمظلة الحزبية التي انتدبتهم، وهو ما يطرح إشكال ندرة السياسة من العمل الحكومي الذي يواجه صعوبة في معادلة العلاقة بين التدبير والتواصل”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *