اقتصاد، مجتمع

تراجعت لمستويات غير مسبوقة.. أرقام مخيفة لمخزون مياه السدود بالمغرب

تتواصل نسبة ملء السدود بالمغرب في التراجع إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود، في ظل مخاوف من دخول المملكة في أزمة مياه حادة بسبب تأخر التساقطات المطرية، وسط مطالب بضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لتقنين استعمال المخزون المائي الحالي، وإيجاد بدائل غير تقليدية لضمان مياه الشرب والسقي.

أرقام “مخيفة”

وتظهر الأرقام الرسمية لوزارة التجهيز والماء، أن نسبة ملء السدود بالمغرب، إلى حدود اليوم الإثنين 3 أكتوبر 2022، لا يتجاوز %24.2 من إجمالي حقينة السدود مقارنة بـ%38.1 خلال السنة الماضية، حيث يبلغ مخزون المياه الحالي في سدود المملكة مجتمعة، 3 ملايير و903 ملايين متر مكعب، من أصل 16 مليار و122 مليون متر مكعب هي مجموع حقينة السدود بالمغرب.

وبحسب معطيات مديرية المياه في وزارة التجهيز والماء، فقد انخفضت نسبة ملء سد “الوحدة”، وهو أكبر سد بالمغرب، إلى حدود اليوم الإثنين، إلى مليار و501 مليون متر مكعب، من أصل 3 ملايير و522 متر مكعب، وذلك بنسبة ملء تبلغ %42.6 مقارنة بـ%62.7 خلال نفس الفترة من السنة الماضية.

وفي سد “المسيرة”، ثاني أكبر سد في المغرب والمزود الرئيسي لمياه الشرب والفلاحة بأقاليم برشيد وسطات وآسفي والجديدة وجنوب الدار البيضاء وشمال مراكش، فقد بلغت نسبة الملء فيه مستوى غير مسبوق.

فمن أصل مليارين و657 مليون متر مكعب هي حقينة سد “المسيرة”، فإن المخزون المتوفر لا يتعدى 75.4 مليون متر مكعب، بنسبة لا تتجاوز %2.8، وهو ما جعل السلطات توقف الاستعمال الفلاحي لهذا السد منذ أشهر، مقابل استعمال مياهه حصريا في التزويد بالماء الصالح للشرب.

ولا تختلف وضعية سدي “بين الويدان” و”إدريس الأول” كثيرا عن وضعية “المسيرة”، فقد تراجعت نسبة ملء سد “بين الويدان”، ثالث أكبر سدود المغرب، إلى 121 مليون متر مكعب فقط، بنسبة %10، وذلك من أصل مليار و215 هي حقينة السد.

وتراجعت نسبة ملء سد “إدريس الأول”، وهو رابع أكبر سد بالمملكة، إلى 267 مليون متر مكعب، إلى حدود اليوم الإثنين، بنسبة %23.7، وذلك من أصل مليار و129 مليون متر مكعب، مقارنة بنسبة ملء بلغت %50.7 خلال نفس الفترة من السنة الماضية.

كما انخفضت نسبة ملء معظم سدود المملكة البالغة 62 سدا، بشكل غير مسبوق خلال الفترة الأخيرة، بسبب الطلب المتزايد على المياه من جهة، وتأخر التساقطات المطرية من جهة ثانية، إلى جانب المياه المتبخرة التي تبلغ نسبة متوسطها %12.

ففي سد بنعبد الله، خامس أكبر سد بالمغرب بحقينة 974.8 مليون متر مكعب، تراجعت نسبة الملء إلى 249.2 مليون متر مكعب، بنسبة %25.6، فيما تراجعت نسبة ملء سد الحسن الثاني إلى 35.9 مليون متر مكعب فقط من أصل 392.3، بنسبة بلغت %9.1.

وعرف سد محمد الخامس تراجعا مخفيا، حيث يبلغ مخزون المياه الحالي 1.5 مليون متر مكعب فقط، بنسبة %0.6 في سد تصل حقينته إلى 239.6 مليون متر مكعب، فيما تراجع مخزون سد أحمد الحنصالي إلى 46 مليون متر مكعب فقط من أصل 668.2، بنسبة ملء تصل إلى %6.9.

أما سد مولاي عبد المومن البالغة حقينته 198.4 مليون متر مكعب، فإن منسوب المياه المتبقة فيه حاليا لا تتجاوز %1.7، مقابل %13.5 في سد يوسف بن تاشفين (40 مليون متر مكعب من أصل 299)، و%12 في سد المنصور الذهبي (53 مليون متر مكعب من أصل 445)، و%19.4 في سد حسن الدخيل (60 مليون متر مكعب من أصل 312)، و%27.6 في سد مولاي علي الشريف (77 مليون متر مكعب من أصل 280).

وتبقى سدود جهة طنجة تطوان الحسيمة، الأكثر ملئا خلال الفترة الحالية مقارنة بباقي السدود، إذ تبلغ نسبة مخزون مياه سد الشريف الإدريسي %81.3، وطنجة المتوسط %93.4، وشفشاون %88.6، وسمير %82.2، ومولاي الحس بن المهدي %62.6، وواد المخازن %46.9، والنخيل %54.8، مقابل %12.6 في سد 9 أبريل، و%28.8 في سد الخطابي، و%26.9 في سد دار خروفة، و%8.5 في سد جمعة.

إجراءات مستعجلة

وكانت وزارة التجهيز والماء قد أوضحت، خلال شتنبر المنصرم، أن المغرب سجل هذه السنة أسوء نسبة من الموارد المائية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، مشيرة إلى أن المملكة تعيش في الآونة الأخيرة حالة طوارئ صحية أثرت بشكل مباشر على مياهه الجوفية.

وتعتبر 2022 السنة الرابعة الأكثر حرارة منذ سنة 1981، بزيادة تقدر بزيادة تقدر بـ0,9 درجة مئوية بالنسبة للمعدل المناخي المعتاد للفترة من 1981 إلى 2021، كما أن معدل التساقطات المطرية تراوح ما بين 22 و329 ملم خلال السنة الجارية، بتراجع يقدر بـ47 في المائة مقارنة بالمعدل السنوي.

أما المساحة المغطاة بالثلوج، فقد تراجعت بحوالي 89 في المائة، خاصة بعدما سجلت 45 ألف كلم مربع سنة 2018، حيث تراجعت في عدد أيام تساقطها بمعدل 65 في المائة، إذ انتقلت من 41 يوما سنة 2018 إلى 14 يوما فقط سنة 2021.

وبحسب مديرية البحث والتخطيط المائي بوزارة التجهيز والماء، فإن المغرب يمني النفس أن تكون السنة الحالية أفضل من سابقاتها خاصة أن التساقطات المطرية لشهري أكتوبر ونونبر هي من تساهم، على حد قوله، في ملئ السدود.

وكانت وزارة الداخلية قد عممت، قبل أشهر، منشورا على الولاة والعمال ورؤساء المجالس المنتخبة تدعوهم من خلالها إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات الهادفة إلى التقليل من الاستعمال المفرط للماء الصالح للشرب، محذرة من أن المملكة تشهد حالة مائية حرجة للغاية بمعدلات ملء منخفضةفي السدود والأحواض المائية.

ودعت وزارة الداخلية إلى التقليص من كمية تدفق المياه الموزعة على المواطنين، والمنع التام لسقي المساحات الخضراء وملاعب الجولف بالمياه التقليدية بمياه الشرب، ومنع غسل الشوارع والأماكن العامة بالمياه الصالحة الشرب، مع منع الاستخراج غير المشروع للمياه من الآبار والينابيع والمجاري المائية وقنوات نقل المياه.

وفي هذا الصدد، طالب وزير التجهيز والماء، نزار بركة، بضرورة مواصلة وتسريع إنجاز برنامج السدود الكبرى والصغرى في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، لرفع الطاقة التخزينية إلى 24 مليار متر مكعب في أفق سنة 2030.

وأوضح بركة، خلال الشهر المنصرم، أنه رغم تراجع المخزون المائي بالسدود، فقد تمت تلبية حاجيات الماء الصالح للشرب بصفة منتظمة عبر تقوية الإمدادات انطلاقا من المياه الجوفية ومن السدود المخصصة للفلاحة، وعبر اللجوء إلى تحلية مياه البحر.

كما أطلقت وزارة بركة عدة حملات تحسيسية في الموضوع، موضحة أن تسربا واحدا بالمرحاض يمكن أن يستهلك ما يصل الى 220 ألف لتر من مياه الشرب سنويا، بتكلفة تتجاوز 1900 درهم في فاتورة المياه السنوية، أما غسل السيارة أسبوعيا بكمية كبيرة من المياه فقد يدفع إلى استهلاك 26 ألف لتر من الماء سنويا.

وأشارت الوزارة إلى تركيب “مهويات” لا تتعدى تكلفتها بضع دراهم فقط في الصنابير توفر ما يصل إلى %50 من استهلاك الماء، كما أن غسل الأواني يوميا في وعاء بدلا من ترك المياه تتدفق من الصنبور، قد يوفر ما يناهز %80 من استهلاك الماء.

يُشار إلى أن المديرية الإقليمية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب -قطاع الماء- بزاكورة، كانت قد أعلنت أن شبكة توزيع الماء الصالح للشرب بمدينة زاكورة قد تعرف اضطرابات في التزود في الأيام المقبلة، وذلك بسبب الإنخفاض الحاد في الموارد المائية ومحدودية القدرة الإنتاجية.

كما أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سبق أن عممت خطبة موحدة حول “نعمة الماء”، بكافة مساجد المملكة، حثت فيها المصلين على عدم التهاون في مسألة استعمال الماء وضرروة الاقتصاد فيه وعدم التصرف وكأن الأمر لا يعنيهم، مشددة على أن الاقتصاد مطلوب في الماء، وأن التبذير يضر بحياة الأفراد والجماعات.

وفي نفس السياق، طالب الفريق النيابي لحزب التقدم والاشتراكي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد الصديقي، بإعادة العمل بالسدود التحويلية ونظام الخطارات ورد الاعتبار لها، للإسهام في ضمان التزود بالمياه في المناطق الأكثر تضررا.

وفي جهة الشمال، دعا والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، محمد امهيدية، عمال أقاليم وعمالات الجهة، إلى ضرورة إغلاق المياه ليلا في المدارس والإدارات العمومية، داعيا المكتب الوطني للماء والكهرباء، وشركة “أمانديس”، إلى خفض صبيب المياه ليلا ونهارا بدرجات متفاوتة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *