أدب وفنون

المغنون في الأعمال الدرامية.. موهبة متعددة أم استثمار جماهيري؟

لم يعد المشهد الفني المغربي محصورا في الحدود التقليدية بين الغناء والتمثيل، فخلال العقد الأخير شهد موجة متنامية لانتقال عدد من المغنين والمغنيات إلى مجال الدراما التلفزية والسينمائية. وإذا كان الأمر في بدايته يُنظر إليه كمغامرة أو مجرد “تجربة عابرة”، فإن أسماء عديدة استطاعت أن تفرض حضورها، بل وتصبح من الوجوه البارزة في الأعمال الدرامية.

وجوه أثبتت ذاتها

تمكنت سحر الصديقي من الجمع بين موهبتها الغنائية وحضورها التمثيلي القوي، ما جعلها تحجز لنفسها مكانة في الصف الأول لبطلات الدراما المغربية، إذ تعرف عليها الجمهور المغربي لأول مرة من خلال النسخة الخامسة لبرنامج “ستوديو دوزيم” سنة 2008، حيث فازت بجائزة لجنة التحكيم، لتخوض بعدها  أول تجربة في التمثيل في سلسلة كوميدية بُثت في رمضان 2009 على قناة دوزيم بعنوان “كول سانتر”، ثم مسلسل “تورية” عام 2010، لتصبح اليوم واحد من أهم وجوه الدراما التلفزية والسينمائية.

من جانبها خطت كريمة غيث مسارا متدرجا من برامج اكتشاف المواهب “ستار أكاديمي” عام 2011 إلى أدوار بطولة في مسلسلات وأفلام تابعتها فئات واسعة من الجمهور، فأصبحت رمزا لظاهرة “الفنان الشامل”.

كما استثمرت خريجتا “ستار أكاديمي” حنان الخضر وهاجر عدنان إلى جانب خريجة “إكس فاكتور” ماريا نديم الشعبية الكبيرة التي حصلن عليها بعد مشاركتهن في برامج اكتشاف المواهب الغنائية وإصدارهن لأعمال غنائية حصدت مشاهدات عالية، وتمكن من حجز مقاعد لهن في أهم الإنتاجات الدرامية التلفزية خلال السنوات الأخيرة.

ريم فكري وهدى سعد بدورهما قدمتا نفسيها كوجهين قادران على التنقل بين الغناء والدراما، فيما وضع الرابور وينزة والمغني إيهاب أمير قدميهما في مجال التمثيل من خلال مشاركتهما بأدوار أساسية مهمة في العديد من الإنتاجات الدارمية الكبرى رفقة عدد من الممثلين الرواد.

رفض الجمهور.. ورهانات شركات الإنتاج

أبدى الجمهور، حسب منتج مغربي فضل عدم ذكر اسمه، في البداية شيئا من التحفظ أو الفضول حيال دخول المغنين لعالم التمثيل، لكن سرعان ما تحولت نظرته مع بروز أعمال ناجحة لعبت فيها هذه الوجوه أدوارا محورية، إذ كشفت المشاهد أن بعض الفنانين يمتلكون بالفعل مؤهلات درامية، وأن التجربة لم تكن مجرد بحث عن الأضواء بل مسارا مكملا للإبداع.

وحسب ذات المصدر، فإن شركات الإنتاج والقنوات التلفزية بدورها وجدت في هذه الظاهرة ورقة رابحة، إذ تراهن على شعبية المغنيين لجذب فئات واسعة من الجمهور، خصوصا الشباب. فحضور اسم معروف في الموسيقى داخل عمل درامي، يعني بشكل غير مباشر حملة ترويجية جاهزة، مدعومة بجماهيرية الفنان على شبكات التواصل الاجتماعي.

بين الإضافة والسطحية

أثار دخول العديد من الأسماء الغنائية لمجال التمثيل جدلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الوسط الفني، خاصة لدى المدافعين عن احترام التخصصات، إذ يرى البعض أن الاعتماد المفرط على أسماء غنائية قد يهمش الممثلين المحترفين الذين أمضوا سنوات في التكوين الأكاديمي.

وأستدل هؤلاء على بعض المحاولات التي لم تنجح، حيث أظهر أصحابها ضعفا في الأداء التمثيلي لكنهم لازالو يصرون على التواجد على الشاشة الصغيرة ويتعاملون مع الدراما كمنبر إضافي للشهرة، مما جعل الانتقادات تنهال عليهم.

وانقسمت أراء النقاد بين من يعتبر أن دخول المغنين عالم التمثيل أغنى المشهد الدرامي بوجوه جديدة، وبين من يرى أن الظاهرة قد تفرغ المجال من عمقه إذا لم تُبنى على أسس فنية متينة. مستدلين بالتجارب الناجحة مثل سحر الصديقي كريمة غيث وماريا نديم التي أثبتت أن الموهبة متعددة الأبعاد ممكنة، وأن الفنان المغربي قادر على التألق في أكثر من مجال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *