مجتمع

مبادرة رسمية غير مسبوقة.. محكومون بالإعدام في المغرب يقدمون شهاداتهم للرأي العام

في مبادرة رسمية غير مسبوقة، كشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أنه يعتزم نشر شهادات لعدد من المحكومين بعقوبة الإعدام في سجون المغرب، بهدف إطلاع الرأي العام على أوضاع هذه الفئة، وذلك احتفاء باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام.

وأوضح المجلس الوطني لحقوق الإنسان في بلاغ له، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أنه سيبادر إلى نشر هذه الشهادات ابتداء من يوم الإثنين المقبل (10 أكتوبر 2022)، وذلك تحت شعار: “ترقب للموت وأمل في الحياة”.

وبحسب الأرقام الرسمية للنيابة العامة، فإن أعداد المحكومين بعقوبة الإعدام في المغرب عرف انخفاضا كبيرا، حيث تقلص من 197 شخصا سنة 1993، وهي السنة التي أوقف فيها المغرب عمليا تنفيذ عقوبة الإعدام، إلى 79 محكوما بالإعدام فقط في دجنبر 2021.

وأفاد المجلس الوطني لحقوق الإنسان بأن هذه الشهادات ستحاول “ملامسة بعض القضايا والإشكالات التي تطرحها هذه العقوبة القاتلة من الناحية الحقوقية والإنسانية، وذلك بإعطاء الكلمة للذين يترقبون الموت على أمل أن يتم الحفاظ على حياتهم”.

وفي هذا الصدد، ثمن المجلس، العفو الملكي من عقوبة الإعدام الذي استفاد منه أربعة محكومين بالإعدام، من بينهم سيدة، مشيرا إلى أنه سيتم نشر شهاداتهم ضمن مجموع الشهادات التي سيقوم المجلس بنشرها.

9 شهادات 

المبادرة التي يقودها مجلس بوعياش تتعلق بتسع شهادات لعيِّنة تمثل %10 من مجموع المحكومين بالإعدام في المغرب، حيث ستقدم مسارات فردية متباينة من حيث الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وطبيعة الجرائم المقترفة (جرائم الحق العام، الجرائم المرتبطة بالإرهاب، السن، الوضعية العائلية، النوع، الأقدمية، الجنسية).

وأوضح المجلس أن تلك الشهادات جرى أخذها خلال لقاءات بكل من السجن المركزي بالقنيطرة، ومول البركي بآسفي، وسجن تولال 2 بمكناس، وسجن الجديدة، وسجن طنجة 2، وهي اللقاءات التي أجراها إطاران عن المجلس وعن اللجنة الجهوية المعنية.

ووفق المصدر ذاته، فقد تم تحديد لائحة المحكومين من طرف المجلس، وتجاوبت معه المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج التي وفرت كل الشروط اللازمة، بما فيها الأمكنة المخصصة لإجراء اللقاءات، خلال شهر يونيو 2019، بمعزل عن إدارة السجن.

وقال المجلس إن فريقه اعتمد على استبيان نوعي، مع الالتزام بمرونة وتأقلم كبيرين مراعاة لنوعية الإشكاليات المتداولة وللأوضاع النفسية لبعض المخاطبين، مع مراعا الحفاظ على الشكل التلقائي وشبه حرفي للشهادات والاكتفاء بنقل مضمون هذه الحوارات من الدارجة الى اللغة العربية، باستثناء حالة من الفرنسية إلى العربية لمحكوم من جنسية فرنسية جزائرية.

وتمحورت هذه اللقاءات حول المسارات والظروف الاجتماعية والاقتصادية في علاقاتها بالفعل الإجرامي، يقول البلاغ، كما مكنت من طرح إشكالات لها علاقة بشروط المحاكمة العادلة، إشكالية المساعدة القضائية، دور المحامي، دور القاضي، مسألة تتبع ومراجعة القضايا وأهمية مسطرة العفو.

واعتبر المجلس أن هذا التناول يسمح بتقديم وجهة نظر السجناء وحقوقهم داخل المعتقل (التطبيب، الدراسة، الإعلام، العمل، الزيارات والعلاقة بالعائلة، الطرود البريدية، الهاتف…)، وظروف إيواء السجناء (الأحياء الخاصة أو ممرات الموت، الزنازين الفردية والجماعية، الإجراءات التأديبية، التنقيل داخل المؤسسات السجنية).

ويرى البلاغ أن بعض الحالات الخاصة أظهرت أهمية التتبع النفسي لأوضاع المحكومين بالإعدام، بشكل عام، والوقاية من حالات الانتحار، بشكل خاص، كما أظهرت، فيما يخص حالة الأجنبي المحكوم بالإعدام، بعضا من الإشكالات المطروحة المرتبطة أساسا بالعلاقات القنصلية والمحامون والاتفاقيات الدولية.

إلغاء الإعدام

وأبرز المجلس إلى أن تقديم خلاصات هذه الشهادات، هدفه نقل مشاعر متضاربة لأشخاص بين حكم الإعدام وآمالهم في الحياة، وذلك ليس فقط لإغناء ترافع المجلس من أجل إلغاء عقوبة الإعدام قانونا وممارسة، بل لتوسيع قاعدة المساندين للإلغاء.

وأضاف المجلس: “إننا متأكدون أنه ليست هناك أي خصوصية اجتماعية أو ثقافية للمجتمع المغربى لعدم إلغاء الاعدام”، موضحا أنه يستند في ترافعه على التأصيل الدستوري للحق في الحياة المنصوص عليه في الفصل 20، والذي ينص على أن “الحق في الحياة هو أسمى حقوق الإنسان”، وكذا مختلف الالتزامات الدولية للمغرب في مجال حقوق الإنسان.

ويعتبر المجلس في ترافعه أن “عقوبة الإعدام هي واحدة من أخطر الانتهاكات التي تطال الحق في الحياة، وهو الحق الذي تنبثق عنه باقي الحقوق والحريات”، ويشدد على أن “هذه العقوبة غير فعالة في الحد من الجرائم، مهما كانت بشاعتها، وغير رادعة ولن تحل مشاكل الجريمة بأي حال من الأحوال”.

وأفاد البلاغ ذاته بأن الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام هذه السنة، يأتي في إطار ظرفية هامة تتمثل في التصويت على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي بوقف العمل بعقوبة الإعدام المتوقع إصداره خلال الدورة 77 أواخر سنة 2022.

وقال المجلس إنه يطمح، بحلول السنة المقبلة، أي ثلاثون سنة على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام بشكل عملي في المملكة المغربية، أن يتم التصويت لصالح القرار الأممي المرتقب شهر دجنبر المقبل في طريق الإلغاء قريبا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *