بسبب التغيرات المناخية .. حجم التهام الحشرات للنباتات زاد بشكل مقلق عبر العالم

عدد أنواع الحشرات المعروفة في العالم يبلغ 1.3 مليون نوع، ويتم سنويا اكتشاف نحو 10 آلاف نوع جديد، وفي كل نوع ينبغي توقع أعداد من الحشرات تحصى بالملايير.

ومن حيث نظامها الغذائي، حسب (www.uoanbar.edu.iq )، نجد حشرات نباتية التغذية (Insects Phytophgous)  وهي الحشرات التي تتغذى على مواد نباتية فقط وتشكل حوالي 47 % من الحشرات.

وما سبق يعطينا فكرة أولية عن حجم الحشرات التي تتغذى على النباتات في العالم، وإذا استحضرنا الأهمية الحيوية التي تلعبها النباتات في النظم الأيكولوجية في العالم سوف نذرك أن أي ارتباك في النظام الإيكولوجي للنباتات يمكن أن يسبب في كارثة عالمية.

لكن الذي ينبغي استحضاره أيضا أن التوازنات الأيكولوجية عبر العالم تتأثر بالتغيرات المناخية، وهذه الأخيرة يلعب البشر أدوارا خطيرة في تدهورها.

ويقدم التقرير التالي، حسب الجزيرة نت، نتائج دراسة غير مسبوقة، تكشف كيف زاد حجم ما تلتهمه الحشرات من النباتات في العالم بسبب التغيرات المناخية، والتي قدرت الدراسة أنه ارتفع بأزيد من الخمس، رغم تراجع أعداد الحشرات النباتية!

أول دراسة من نوعها

كشف بحث جديد بقيادة علماء “جامعة وايومنغ” (University of Wyoming) الأميركية، حسب الجزيرة نت، أنه حتى مع انخفاض أعدادها على مستوى العالم، تسبب الحشرات اليوم مستويات غير مسبوقة من الضرر للنباتات.

وحسب نفس المصدر، تقارن الدراسة الأولى من نوعها الضرر الذي أصاب نباتات العصر الحديث نتيجة لتغذية الحشرات العاشبة مع الأضرار التي تسببت فيها للأوراق المتحجرة التي تعود إلى أواخر العصر الطباشيري، منذ ما يقرب من 67 مليون سنة.

وفحصت الدراسة التي نشرت بدورية “بروسيدنغز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينس” (PNAS) (Proceedings of the National Academy of Sciences) الأميركية في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، الأوراق المتحجرة ذات الأضرار الناتجة عن تغذية الحشرات العاشبة من أواخر العصر الطباشيري خلال عصر البليستوسين، منذ ما يزيد قليلا على مليوني عام، وقارنتها بالأوراق التي جمعتها لورين أزيفيدو شميت، الباحثة الرئيسة للدراسة، وزميلة أبحاث ما بعد الدكتوراه في “جامعة مين” (University of Maine) من 3 غابات حديثة.

تلف النباتات ارتفع بنسبة 23% خلال القرن الأخير

وأظهر البحث التفصيلي أنواعا مختلفة من الأضرار التي تسببها الحشرات، ووجد زيادات ملحوظة في جميع الأضرار الحديثة مقارنة بما هو مسجل بالسجل الأحفوري.

وتقول لورين في بيان صحفي لجامعة وايومنغ إن “الاختلاف بين الأضرار التي تسببها الحشرات في العصر الحديث والسجل الأحفوري مذهل”.

وكتب الباحثون في دراستهم المنشورة “تُظهر نتائجنا أن النباتات في العصر الحديث تعاني من مستويات غير مسبوقة من الضرر الذي تسببه الحشرات، على الرغم من انخفاض انتشار الحشرات على نطاق واسع”، مشيرين إلى أن هذا التفاوت الكبير يمكن تفسيره من خلال النشاط البشري.

وأضاف الباحثون “نحن نفترض أن البشر قد أثروا في تذبذبات ضرر الحشرات والتنوع داخل الغابات الحديثة، مع حدوث أكبر تأثير بشري بعد الثورة الصناعية” و”تمشيا مع هذه الفرضية، كانت العينات العشبية من أوائل العقد الأول من القرن الـ21 أكثر عرضة بنسبة 23% لتلف الحشرات من العينات التي تم جمعها في أوائل القرن الـ20، وهو نمط ارتبط بارتفاع درجة حرارة المناخ”.

قوة التأثير البشري

ويشكك الباحثون في أن تغير المناخ لا يفسر بشكل كامل الزيادة في الضرر الذي تسببه الحشرات، وأنه من الضروري إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد الأسباب الدقيقة لزيادة الضرر الذي تلحقه الحشرات بالنباتات.

لكن في المقابل، هناك العديد من الدراسات التي تؤكد أن احترار المناخ والتوسع الحضري وإدخال الأنواع الغازية؛ أمور من المحتمل أن يكون لها تأثير كبير في حدوث مثل هذه الأضرار الكبيرة.

وخلص الباحثون إلى أن “هذا البحث يشير إلى أن قوة التأثير البشري على التفاعلات بين النباتات والحشرات لا يتحكم فيها تغير المناخ وحده، بل الطريقة التي يتفاعل بها البشر مع المناظر الطبيعية الأرضية”.

الحشرات وتغير المناخ

أظهرت نتائج دراسة نشرت في أواخر سنة 2019، حسب الجزيرة نت، أن الحشرات النباتية تؤثر على النظم الإيكولوجية للغابات أكثر بكثير مما كان يعتقد في السابق.

كما أنها تشكل عاملا في ترشيح المواد المغذية من التربة، أي فقدان المغذيات النباتية القابلة للذوبان في الماء وزيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وأن درجة الحرارة قد ترتفع نتيجة الزيادة في كمية الحشرات التي تتناول النباتات في بعض المناطق.

وقد نشرت الدراسة في دورية “جورنال أوف إيكولوجي” في عدد 16 ديسمبر/كانون الأول من سنة 2019، وقام بها باحثون من جامعة لوند في السويد.

و يقول باحث الجغرافيا الفيزيائية بجامعة لوند الدكتور دانييل ميتكاف إن الحشرات أكثر تخصصا من حيث مصادر الغذاء ويمكنها أيضا زيادة عدد سكانها من 50 إلى 100 مرة من موسم إلى آخر، وهذا يعني أن الحشرات التي تتناول النباتات يمكن أن تؤدي في بعض الأحيان إلى تعطيل النظم الإيكولوجية للغابات أكثر من الثدييات آكلة النباتات.