وجهة نظر

دلالات تصريح بنكيران

كلف الملك محمد السادس رئيس الحكومة بنكيران ليبدأ مشاوراته لتكشيل الأغلبية الحكومية، يوم 10 أكتوبر 2016.

التقى بنكيران شباط ومن معه يوم 17 أكتوبر ليعبر مبدئيا عن مشاركة حزب الاستقلال في الحكومة، و في 22 أكتوبر المجلس الوطني يصوت بالإجماع على المشاركة.

ويوم 18 أكتوبر بنكيران يلتقي لشكر، ويعبر هذا الأخير على أنه سيكون مسهلا في حالة المشاركة بشروط مقبولة أعمال الحكومة، وعقد لشكر اللجنة الإدارية يوم 13 نونبر، ليقرر الاتحاد الاشتراكي نهائيا في مبدأ المشاركة، لكن الغموض يلف الموقف.
ويوم 30 أكتوبر، بنكيران يلتقي اخنوش، ويعبر أخنوش عن موقف المشاركة بشروط، وفوض المكتب السياسي أخنوش لتحديد تموقع الحزب.

الأحزاب الثلاثة لعبت دورا مؤثرا وخلقت جدلا بينها خلال هذه المشاورات، في هذا السياق خرج بنكيران يوم 05 نونبر، أي بعد فشل الجولة الأولى من المشاورات، وهي جولة هدفها الموقف من مبدأ المشاركة في الحكومة، خرج بنكيران أمام اللجنة الوطنية للبيجيدي ليقدم ليس تصريحا أو تقريرا، بل ليقدم “ٌقراءة سياسية” دقيقة للمشاورات (هذا من ذكاء بنكيران)، خلاصة الكلمة، أن هناك “أزمة سياسية” وهذا تعبير له حمولة قوية جدا، معناها، أن البام ومن وراءه في الخطة الأولى:”مقال التوحش، والمصالحة، والمذكرة الملكية” ثم الخطة الثانية:”استقالة مزوار، ثم التحاق الاتحاد الدستوري ثم انتخاب أخنوش” كل ذلك يدل على أن هناك جهة لم تقبل ما أفرزته الإرادة الشعبية، وهذا معنى “الأزمة السياسية” ولذلك أشاد بنكيران بموقف شباط الرجولي في هذه الأزمة، بالرغم مما وقع سابقا.

السؤال هو: هذه الكلمة التي ألقاها بنكيران يوم 5 نونبر، لكنها لم تنشر إعلاميا إلا يوم 14 نونبر ما دلالة هذا التأخير؟
يدرك قادة البجيدي أن 5 نونبر بعده 6 نونبر خطاب المسيرة الخضراء، وحتما سيتحدث الملك عن “المشاورات الحكومية”، ولذلك أجلوا نشر هذه الكلمة.

لكن ما قاله الملك محمد السادس في خطاب المسيرة يتناقض جذريا مع ما جاء في كلمة بنكيران معللا تعثر “المشاورات الحكومية”، جاء في خطاب المسيرة:”إن المغرب يحتاج لحكومة جادة ومسؤولة. غير أن الحكومة المقبلة، لا ينبغي أن تكون مسألة حسابية، تتعلق بإرضاء رغبات أحزاب سياسية، وتكوين أغلبية عددية، وكأن الأمر يتعلق بتقسيم غنيمة انتخابية.

بل الحكومة هي برنامج واضح، وأولويات محددة، للقضايا الداخلية والخارجية، وعلى رأسها إفريقيا. حكومة قادرة على تجاوز الصعوبات، التي خلفتها السنوات الماضية، في ما يخص الوفاء بالتزامات المغرب مع شركائه.

الحكومة هي هيكلة فعالة ومنسجمة، تتلاءم مع البرنامج والأسبقيات. وهي كفاءات مؤهلة، باختصاصات قطاعية مضبوطة.
وسأحرص على أن يتم تشكيل الحكومة المقبلة، طبقا لهذه المعايير، ووفق منهجية صارمة. ولن أتسامح مع أي محاولة للخروج عنها.
فالمغاربة ينتظرون من الحكومة المقبلة أن تكون في مستوى هذه المرحلة الحاسمة”.

الملك يتحدث وكأن الأحزاب شكلت الأغلبية والخلاف بينهما في المرحلة الثانية والثالثة من المشاورات حول الهيكلة والاستوزار، لكن بنكيران يوضح أن سبب التأخر في تشكيل الحكومة، أن البام والأحرار رفضا نتائج الانتخابات عمليا، العماري يريد تنصيب شخص ما على رأس البرلمان، وأخنوش يتصرف كأنه رئيس حكومة، وهذه “أزمة سياسية” وليست خلافا “تقنيا وعدديا” كما يذهب إلى الملك.

ولذلك، إن نشر كلمة بنكيران، يعني ضمنيا أن الحزب متشبث بقراءته السياسية للمشاورات، وتأتي هذه الكلمة بعد الخرجة النارية لحميد شباط يوم 13 نوبنر، ليؤكد ايضا، أن المشكلة هي “أزمة سياسية” وليست صراعا حول حول “الغنيمة” أي تصور الهيكلة والاستوزار.