سياسة

ميارة يدعو لعدم اختزال الجالية المغربية في ثنائية العطلة الصيفية والتحويلات المالية

دعا رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، اليوم الأربعاء بالرباط، إلى تجاوز الصور النمطية المرتبطة بالجالية المغربية، التي تختزلهم في ثنائية قضاء العطلة الصيفية والتحويلات المالية،

وقال ميارة: “إننا كفاعلين يجب أن نعي جيدا دور الجالية داخل المغرب وخارجه، ونتكلم عن الجيل الثالث الذي أصبح بحكم الواقع يحمل جنسيتين بمشارب ثقافية ودينية مختلفة”.

جاء ذلك في كلمته خلال ندوة نظمتها لجنة الخارجية والدفاع الوطني والمغاربة المقيمين بمجلس المستشارين، بشراكة مع المركز الدولي لحل النزاعات، حول موضوع “مساهمة مغاربة العالم في التنمية الاقتصادية والابتكار”.

واعتبر ميارة أن الانفتاح على القضايا التي تهم مغاربة العالم يثير اهتمام النخب والمواطنين ومغاربة العالم أنفسهم، لفتح النقاش حول حقوق الجالية المغربية ودورها تجاه وطنها.

ونبه رئيس مجلس المستشارين إلى ضرورة تجاوز الجانب السياسي والمصلحي الضيق المتعلق بدور مغاربة العالم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتفكير فيهم كمغاربة قبل أن يكونوا “موردا اقتصاديا”.

وتساءل ميارة بالقول: “كيف يمكن لنا كمغاربة أن نعبئ هذه الطاقات ونحرص على تنمية ارتباطها بأرض الوطن والتزامها كذلك؟”، مشددا على أهمية هذا النقاش الذي يفتح لمجلس المستشارين أفقا لمهامه من أجل الاقتراب من قضايا مغاربة العالم ونقلها إلى المؤسسات السياسية والتفاعل بشأنها، وبشأن التحديات المطروحة مثل الإدماج والأمن.

وبخصوص مساهمة مغاربة العالم في الاستثمار، أوضح المتحدث أن %2.9 من الجالية المغربية تستثمر في المغرب لا سيما في مجال العقار، بالرغم من المشاكل التي يعرفها.

وأضاف أن هذا الأمر “يدفعنا لنجعلهم جزءا من صنع القرار السياسي والاقتصادي في إطار هذه الدينامية التي يعرفها المغرب، لاسيما القانون الإطار المتعلق بالاستثمار”، منوّها بالدور الذي تضطلع به الجالية المغربية في الخارج لتقديم صورة عن مغرب التسامح والقبول بالآخر.

من جهتها، قالت رئيسة لجنة الخارجية والدفاع الوطني والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس المستشارين، نائلة مية التازي، إن مجلس المستشارين يطرح هذا النقاش من أجل تسليط الضوء على آليات تعزيز وتسهيل وتسريع مساهمة مغاربة العالم في التنمية لا سيما في مجال الاستثمار.

واعتبرت أن الفاعلين في المجالين السياسي والإعلامي يولون أهمية للتحويلات المالية التي تقدمها الجالية المغربية، “ولكن من المهم تقدير الإسهام اللامادي لمغاربة العالم من خلال كفاءاتهم البارزة في مختلف المجالات ومناصب المسؤولية المهمة التي يشغلونها في القطاعات المقاولاتية والسياسية والعلمية والفكرية كذلك”.

وأشارت رئيسة لجنة الخارجية إلى أن الجالية المغربية “قوة ناعمة، لا تقدر بثمن، وضرورية لتعزيز الدبلوماسية المغربية وتحقيق التنمية الاقتصادية للمغرب”، داعية إلى ابتكار وتطوير آليات تشريعية وآليات أخرى جديدة مثل الوساطة والتحكيم لتعزيز جاذبية المغرب أمام مغاربة العالم.

بدوره، شدد رئيس مجلس الجالية، إدريس اليزمي، على ضرورة تجاوز الصورة النمطية حول مغاربة العالم وتقوية النقاش العمومي بشأنهم، في أفق تفعيل توجيهات الملك محمد السادس من طرف مختلف الفاعلين، لاسيما مجلس الجالية.

واعتبر أنه لابد من الأخذ بعين الاعتبار التحولات المطروحة، وأبرزها ظاهرة الهجرة بين الحاضر والمستقبل، وظاهرة عولمة الهجرة التي تخلق تحديات على مستوى التعبئة، بالإضافة إلى تواجد المغاربة في عدة قارات، وهو الأمر الذي يطرح تحدي لغة التواصل ولغة الثقافات إلى جانب تحدي قبول الانتماء المزدوج، وتأنيث الهجرة والنمو الثقافي للجالية.

وتابع قوله: “إننا أمام تحول استراتيجي يفرض علينا كذلك عدم نسيان الفئات المهمشة والضعيفة من الأشخاص في وضعية غير قانونية والأطفال غير المرافقين وجيل المتعاقدين”، داعيا إلى تقييم رصيد وحصيلة السياسات العمومية المنجزة بهدف تعبئة الجالية المغربية.

ونبّه رئيس مجلس الجالية إلى ما أسماها “المعركة الدولية” لجلب الكفاءات، موضحا أن الدول تستقطب الكفاءات في مجال الطب والمعلوميات إلى جانب الطلبة، وهو ما “يدعونا كذلك إلى الاستثمار في سياسة استقبال الطلبة الأجانب ليصبحوا كفاءات”.

وشدد اليزمي على مراعاة واستحضار البعد المجالي لتعبئة كفاءات مغاربة العالم، مؤكدا على أن معركة العُشريات المقبلة ترتكز أساسا حول الميدان البشري، بمساهمة الجالية المغربية في تقوية الجانب العلمي للجامعات، مع استحضار التحدي المطروح حول عودة كفاءات مغاربة العالم.

من جانبه، قال رئيس مجلس إدارة المركز الدولي لحل النزاعات، شمس الدين عبداتي، إن هذه الندوة تأتي في إطار دعوة الملك لإعطاء عناية خاصة لاستثمارات ومبادرات أبناء الجالية المغربية، بجانب تقوية جاذبية المغرب الاستثمارية وتعزيز قواعد المنافسة وتفعيل آليات التحكيم والوساطة لحل النزاعات في هذا المجال.

وأشار عبداتي إلى التحولات القانونية والتجارية والاقتصادية الجارية في العالم وفي المغرب على وجه الخصوص للمساهمة في مسلسل تعبئة مغاربة العالم على مختلف المؤسسات، وابتكار حلول لمختلف التحديات المطروحة.

وشدد على أن المطلوب من المؤسسات العمومية هو أن نكون “قوة اقتراحية”، من خلال الانفتاح على مواكبة الجالية على مستوى الاستثمار، وتقديم الحلول وكسب الرهان بخصوص قضايا مغاربة العالم وإشراكهم في التنمية الاقتصادية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *