مجتمع

دراسة رسمية: تزويج القاصرات تحول من استثناء لقاعدة وحل “مزعوم” للفقر

خلصت دراسة حديثة أنجزها المجلس الوطني لحقوق الإنسان مع صندوق الأمم المتحدثة للسكان بالمغرب، إلى أن تزويـج الطفـلات تحـول مـن اسـتثناء إلى قاعـدة بسـبب ارتفـاع نسب الاسـتجابة إلى الطلبـات المقدمـة إلى المحاكـم.

الدراسة المتعلقة بالاعتبارات القضائية المعتمدة لتزويج الطفلات، والتي تم الكشف عنها اليوم الاثنين، سجلت أن المبـررات التـي تعتمـد عليهـا المحاكـم تركـز بشـكل كبيـر علـى الظـروف الاجتماعيـة والاقتصاديـة بحيـث يبـدو وكأن الهـدف مـن تزويـج الطفلـة هـو إيجـاد حـل آنـي لمشـاكل الفقـر والهشاشـة والتسـرب المدرسـي.

في السياق ذاته، كشفت الدراسة التي تتوفر “العمق” على نسخة منها، أن مدونة الأسرة لم تحط تزويج الأطفال أو القاصرين بضمانات قوية، وهو ما يبدو في ثغرات عدم التنصيص على سن أدنى للزواج، وعدم التنصيص على الزامية الجمع بين البحت الاجتماعي والخبرة الطبية.

وسجلت الدراسة، إغفال مدونة الأسرة للطرف الراشد الراغب في الارتباط بطفلة قاصر حيث يبدو أجنبيا على مسطرة الاذن بزواج قاصر، إضافة إلى عدم التنصيص على الاستماع للطفل (ة)، وعدم تحديد مفهوم المصلحة.

وخلصت هذه الدراسة كذلك إلى عـدم الزاميـة احتـرام مقتضيـات المـواد 20 و21 مـن مدونـة الأسـرة، بإمكانيـة الالتفـاف عليهـا مـن خـلال مسـطرة ثبـوت الزوجيـة (المـادة 16) والتـي تـم تمديـد نطاقهـا رغـم انتهـاء الأجـل القانونـي مـن خـلال قـرار محكمـة النقـض اعتمـادا علـى الفقـه المالكـي.

وبحسب المصدر ذاته، فأمـام قصـور النـص القانونـي طـورت أقسـام قضـاء الأسـرة ممارسـات فضلى فـي تطبيـق مقتضيات المـواد 20 ومـا يليهـا مـن مدونة الأسـرة مـن قبيل: الاستماع إلى الطفلة على انفراد للتأكد من عدم تعرضها لأي إكراه أو ضغط، وعـدم الإشـارة فـي حالـة وجـود إكراه فـي مقـرر رفـض الإذن إلى هـذه العلـة، لتجنيـب الطفلـة أي ضغـوط مـن طـرف أسـرتها، والاكتفـاء بتعليـل رفـض الطلـب لكـون مصلحـة الطفلـة لا تكمـن فـي تزويجهـا فـي سـن مبكـر.

ومن هذه الممارسات كذلك، أشارت الدراسة إلى استدعاء الخطيب للاستماع اليه لتكوين قناعة المحكمة في منح الاذن أو رفضه، وتكليف الخطيب بالإدلاء بوثائق إضافية من قبيل السجل العدلي أو وثيقة تثبت دخله، علاوة على التأكد من تقارب السن بين الطرفين.

كما يتم وفقا للدراسة ذاتها، إصـدار مقـررات اسـمية تتضمـن اسـم الخطيـب الـذي اسـتمعت اليـه المحكمـة لتفـادي أي تحايـل علـى الإجـراءات، والجمع بين البحت الاجتماعي والخبرة الطبية، إضافة إلى تقديم المشورة بشكل مسبق لتقادي تسجيل طلبات يكون مآلها الرفض.

وأبرز المصدر ذاته، أنه كلمـا تشـددت المحاكـم فـي الاسـتجابة إلى طلبـات تزويـج الأطفـال بإضافة شـروط جديـدة أو في تدقيـق الإجـراءات للتأكـد مـن جديـة الطلبـات المقدمـة إليها، إلا وانعكـس ذلـك سـلبا علـى وضعيـة الطفـلات.

حيـث يلجـأ عدد مـن أولياء الأمور إلى الإحجام عن تتبع المسـطرة القضائية، والاكتفاء بإبـرام زواج الفاتحة، وهـو زواج لا يمنعـه القانـون، بـل يلاحـظ وجود اتجاه للتسـاهل معـه حماية لمصلحـة الفتيات بعـد الإنجاب.

وفـي هـذا الصـدد سجلت الدراسة، أن محكمـة النقـض أقـرت عـدة اجتهـادات لحمايـة الزيجـات غيـر الموثقـة والتـي يكـون أحـد طرفهـا قاصـر، مـن قبيـل اعتبـار المادة 16 مـن مدونة الأسـرة مسـتقلة تماما عـن المـواد 20 وما يليهـا مـن المدونـة، واعتبـار الإذن القضائـي المتعلـق بتزويـج القاصـر متجـاوزا فـي حالـة إبرام زواج الفاتحـة وإنجاب الأطفـال، ثم السماح بإمكانية إثبات زواج الفاتحـة رغم انتهاء الأجـل القانوني المحـدد في المادة 16 اعتمـادا علـى أحـكام الفقـه المالكـي طبقـا لمقتضيـات المـادة 400 مـن مدونـة الأسـرة.

وبحسب هذه الدراسة، فإن كان الهـدف مـن هـذه الاجتهـادات هـو توفيـر اعتـراف قانوني وقضائـي لاحـق بالطفـلات اللواتي تـم تزويجهن بشـكل غير قانونـي، بمـا يكفـل حمايـة حـق الأطفـال الناتجين عـن هذه العلاقـة في النسـب وما يترتـب عنه من آثـار، فإن ذلـك أدى إلى تشـجيع التحايل علـى القانون، بحيث أصبحت مسـطرة ثبوت الزوجية مسـطرة لشـرعنة تزويج الطفـلات وزواج التعـدد.

وأكدت الوثيقة ذاتها، أن العديد مـن المقررات القضائية تعتمد على الأعراف المحلية لتبرير الأذون المتعلقة بتزويج الطفلات، وهـو مـا يفرض ضرورة استحضار العوامل القانونية والعوامل السوسـيوثقافية فـي مواجهة هذه الظاهـرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *