سياسة

نشطاء البيجيدي يرفعون شعار “الحرية” في وجه قادة الحزب

أثارت المذكرة التي أصدرها حزب العدالة والتنمية لتضييق الخناق على أعضائه الناشطين في “فيسبوك”، تحت طائلة المتابعات الانضباطية طبقا للمساطر الداخلية للحزب، (أثارت) انتقادات واسعة من طرف نشطاء الحزب، حيث هاجموا المذكرة الجديدة معتبرين إياها “مسا بحرية التعبير والرأي التي يتميز بها حزب المصباح”.

المذكرة التي صادقت عليها الأمانة العامة للحزب في اجتماعها أول أمس الثلاثاء، حصلت جريدة “العمق” على نسخة منها، تتكون من توجيهات عامة وتذكير بالمقتضيات القانونية الداخلية للحزب، والمتعلقة أساسا بحرية التعبير والانضباط لمقررات الحزب، بالإضافة إلى خمس نقاط كبرى تحدد كيفية استعمال أعضاء الحزب لوسائل التواصل الاجتماعي.

لا أفكار بدون حرية

الناشط الفيسبوكي حسن حمورو، اعتبر في تدوينة له أن الأحزاب السياسية هي فضاءات للنقاش الحر ولتبادل الآراء وإنتاج الأفكار، مشيرا إلى أنه “لا نقاش ولا آراء ولا أفكار بدون حرية، والحرية كل لا يتجزأ، ما يضمن ممارستها دون أضرار مُصاحبة هو المسؤولية، والمسوؤلية يبنيها الوعي وليس القرارات والمذكرات!”، مضيفا بالقول: “يوم تمس الحرية داخل حزب العدالة والتنمية سينتهي”.

تدوينة حمورو استفزت القيادي في حزب المصباح، البرلماني محمد يتيم، ليعلق عليه بالقول: “المذكرة تتكلم عن الحديث في صفحات باسم الحزب وفي مجموعات حول قضايا موضوعها هو المؤسسات الحزبية وتربط الحرية بالمسؤولية، ولم تحجر التعبير عن الاّراء في الصفحات الشخصية”.

الناشط الحسين المسحات تفاعل مع يتيم بالقول: “استسمح أستاذي الفاضل يتيم هناك عمومية ومصطلحات فضفاضة قابلة للتأويل والتحوير بأفق التضييق على الحرية في التعبير، وهذا شبيه بقانون كل ما من شأنه”، قبل أن يرد عليه يتيم قائلا: “كل شيء قابل للتأويل”.

وفي نفس التدوينة، تساءل معاذ فارح مع يتيم بالقول: “شنو هي هاد الضوابط التنظيمية، أصلا سي يتيم أنت تخالف هذه الضوابط بنقاشك أمور داخلية بالفايسبوك”، فيما كتب مهدي بريمة: “أستاذ يتيم واش ماتايبانش لك أن هادشي ديال الويب هو فقط نتيجة غياب فضاءات النقاش الداخلية للحزب وغياب إن لم نقل انعدام برامج تكوينية داخل الكتابات الإقليمية، حتى عندما سألت أحد القيادات المجالية شنو هي أنشطتكم التكوينية جاوبني درنا عرض ديال إنجازات الحكومة”.

سوط لقهر المخالف

الناشط محمد فرنان اعتبر أن المذكرة ستكون سوطا لاستعماله لقهر المخالف، والتنظيم الذي عان من قمع صوته في الإعلام وندد مرات متعددة بذلك، يمارس نفس السلوك، إضافة أن رمز الحزب للمغاربة وليس لحزب، وليس لشخص يحق استخدامه، والناس يعرفون أن المتحدث الرسمي هو الأمين العام، ويمكن القول إنه وجه من أوجه التحكم”.

يتيم عاد مرة أخرى ليعقب على الناشط فرنان بالقول: “كذلك حين تنتهك الضوابط التنظيمية والأخلاقية وقواعد العمل الجماعية باسم حرية التعبير، ينتهي الحزب”، فيما اعتبر هشام أعناجي في تعليق له على يتيم، أن “الحزب سينتهي، هذا قانون التاريخ، قرب نهاية الأديولوجية التي بنا عليها دليل على ذلك، وبمثل هذه الإجراءات تضيقون فرص استمراره”.

القيادي في حزب المصباح بمدينة الحاجب، الحسين المسحات، أوضح أن “القاعدة الذهبية التي تصدرت أوراقنا التنظيمية هي أن الرأي حر والقرار ملزم، أحاطت هذا الأمر وطوت المسافات بين الحرية والمسؤولية”، متسائلا بالقول: “فما الداعي لتخصيص مذكرة وارد أن توظف بدعوى عدم مراعاة الضوابط التنظيمية للجم الشباب عن التعبير عن آرائهم الشخصية التي تلزمهم في صفحاتهم الشخصية”.

الناشط عبد الصمد بنعباد، علق في تدوينة على المذكرة بالقول: “الأحبة الذين يقولون إن هدف المذكرة هو معالجة مشكل منتحلي صفة الحزب ورمزه، الحل بسيط جدا، يمكن أن تراسلو إدارة فيسبوك، وتخبروها بالحسابات التي تستغل اسم الحزب ورموزه، وهي تتحمل مسؤولية إغلاق تلك الحسابات”.

وأضاف: “لا تغضبوا عندما يقول لكم الشباب: “للأسف أنتم بعيدون عن فهم التحولات المجتمعية السيارة، وبالتبع عاجزون عن فهم النفس الذي تشتغل به وسائط التواصل الاجتماعي”، مستشهدا بعبارة المفكر البوسني علي عزت بيغوفيتش: “أكبر أعداء الحرية إلى جانب الطغاة والبيروقراطيين هم الأسرى السعداء”.

الرأي حر والتدوين ممنوع

هشام الحرش، كتب في تدوينة له: “القاعدة الجديدة في حزب العدالة والتنمية: الرأي حر والتدوين ممنوع”، متسائلا بالقول: “دابا المذكرة واش غادي طبق بأثر رجعي ولى شنو”، وأضاف مستهزءا: “درتو المذكرة كملوا خيركوم أو ديروا من شروط العضوية في حزب العدالة والتنمية عدم التوفر على حساب فيسبوكي”.

واعتبر أن الغرض من المذكرة المذكورة هو “ضبط ومعاقبة نشطاء الحزب في العالم الافتراضي”، مشيرا إلى أن “هذا الأمر يذكرنا بظهير كل ما من شأنه السيء السمعة”، بينما كتب عضو الحزب حمزة الوهابي: “أي تنظيم يضيق على حريتي في التعبير لا أستطيع الاستمرار فيه”.

في نفس السياق، اعتبر الناشط إدريس التزرني أن حزب المصباح يسير في “طريق النهاية كما انتهت جل التنظيمات وكما فسرها وتربوري ورواد الظاهرة الانقسامية”، مضيفا في تدوينة له: “غريب أمر هذه المساطر يوم كان يستغل بنكيران المنصة لجلد المخالفين له رغم أن المنصة تخصص لغاية كان بنكيران يهدمها لتناسب خطابه، كما فعل مرات عدة في جلد المخالفين له تنظيميا، لم نر ولا مسطرة، واليوم دخلنا عهد المساطر، أكبر تحكم هو مصادرة حرية التعبير”.

الناشط أمين الدهاوي اعتبر أن من بين ما ميز حزب العدالة والتنمية عن باقي الأحزاب وجعله يخترق طبقات مختلفة من المجتمع المغربي، هو كون الحزب أصبح منفتحا على المغاربة بشكل كبير ونجح في نقل مستجداته ونقاشاته ومعاركه بمختلق أنواعها للعموم، وجعل من الفعل السياسي أمرا مفتوحا للعموم ما جعله يصل لما وصل إليه اليوم، وكل عملية تراجع عن هذا النفس ما هي إلا بداية تراجع مكانة الحزب في صفوف الشعب، وفق تعبيره.

تأييد للمذكرة

بالمقابل، أيد نشطاء آخرون المذكرة التي أصدرها حزب العدالة والتنمية، معتبرين أنه من حق مؤسسات الحزب حماية نفسها من الاستعمالات المغرضة لاسم ورمز الحزب، وأن لكل مرحلة أشكالها في النضال الذي ينبغي أن تكون عليها.

وفي هذا السياق، كتب سعيد بوريجة: “السماء ﻻ تمطر وعيا، وإنما تنميها القرارات والمذكرات بالتذكير ثم التأديب إن اقتضى الحال، والمسؤولية ﻻ يبنيها التسيب باسم الحرية”، فيما كتب مصطفى خثيري: “لا يجب المبالغة في قراءة المذكرة، كل ما في الأمر أن القيادة تطالب بالتريث وعدم الإحراج أثناء تشكيل الحكومة فقط”.

محمد الراجي اعتبر أنه من حق المؤسسة أن تحمي نفسها من اﻻستعماﻻت المغرضة باستعمال اسمها ورموزها، مشيرا إلى أن ما فهمه من المذكرة أنها تمنع فتح صفحات باسمها.

وكتب الناشط سعيد بوقنطار: “لكل مرحلة أشكالها في النضال الذي ينبغي أن تكون عليه، أشكال تصب في المصالح الوطنية أولا وفي قضايا الحزب والشأن العام”، معتبرا أن عدم الخوض في مسائل ذات أهمية بمكان كاللحظة الحالية التي يشرف عليها الحزب من طرف الأمانة العامة في مفاوضات قصد تشكيل حكومة، يعد شكلا من النضال المسئول، مضيفا أن تفهم هذا المنهج لا يعني منعا لحرية التعبير وإنما سلوك سياسي مسؤول، وفق تعبيره.

تفاصيل المذكرة

وكانت مذكرة الحزب قد شددت في بندها الأول على أن “المكان الطبيعي للتداول في الشؤون الحزبية هو مؤسسات الحزب وهيئاته المسؤولة وذلك وفق الاختصاصات المخولة لكل هيئة من هيئاته المركزية أو المجالية أو الموازية”، مضيفة أن الهيئات المذكورة من خلال رؤسائها أو من تنتدبهم هي من لها حق تأسيس وإدارة صفحات أو مجموعات تواصلية على وسائط التواصل الاجتماعي باسم الهيئة وفق ضوابط المذكرة التوجيهية.

أما البند الثاني من المذكرة فيضيّق مجال استعمال الفيسبوك على أعضاء الحزب، حيث حصر استعمال الصفحات التي لها علاقة بالحزب في الإخبار فقط، مع إمكانية استثناء أن تشكل تلك الصفحات مجالا للاستشارة من طرف مسؤول الهيئة المعنية قبل اتخاذ القرار في الاستعجال وتعذر انعقاد الهيئات، فيما ينص البند الثالث على أنه لا يحق لأي عضو في الحزب أن يقوم بمبادرة منه أو باتفاق مع مجموعة من مناضلي الحزب أو غيرهم من خارج الهيئات المسؤولة أن يؤسسوا فضاء تواصليا موسوما بعلامة الحزب “PJD” أو رمز “المصباح”.

وشدد البند الرابع من المذكرة على أن ضم أعضاء الحزب وإشراكهم في الصفحات والمجموعات التواصلية بناء على رغبتهم وطلبهم أو باقتراح من مدير المجموعة أو الصفحة وقبول المعني، ولا يحق إدراج أسماء الأعضاء دون رغبتهم، وذلك على الخصوص بالنسبة للمجموعات المستعملة لتطبيق “واتس آب” (WhatsApp)، فيما شدد البند الخامس والأخير على أن أعضاء الحزب لهم أن يعبروا عن آرائهم الحرة ضمن حساباتهم الإلكترونية الخاصة، وذلك في إطار مبادئ الحزب وثوابته وفي احترامٍ للضوابط الأخلاقية وآداب الحوار والنقاش مع مراعاة الضوابط التنظيمية.

وحذرت المذكرة من أن أي إخلال بالضوابط المنصوص عليها في أنظمة الحزب وقراراته التنظيمية يفتح المجال للمتابعات الانضباطية طبقا للمساطر الحزبية الجاري العمل بها، مؤكدة على أنه إذا كان النظام الأساسي “يضمن حرية التعبير في الحزب والالتزام فيه واجب وفق قاعدة الرأي حر والقرار ملزم”، فإن ذلك يجب أن يتم في “إطار احترام مشروعية المؤسسات والمسؤولين والاحتكام للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل والالتزام بقرارات الهيئات الحزبية”.