مجتمع

“اتفاق 14 يناير” يدفع أطر الإدارة التربوية للاحتجاج وبرلمانية تسائل بنموسى عن “الثغرات”

أظهر اتفاق وزارة التربية الوطنية مع النقابات التعليمية الأكثر تمثيلية فئات جديدة تقول إن مضمون الاتفاق لم ينصفها خاصة بعد فتح خارج السلم لمجموعة من الفئات التي كانت تناضل من أجله لسنوات.

ومن ضمن هذه الفئات المتضررة، أطر الإدارة التربوية التي ولجت المركز بشروط وصفتها بالاسثنائية منها 15 سنة أقدمية عامة، وشهادة الإجازة، والدرجة الأولى التي فوجئت بهذا الاتفاق “الذي استثنى فوج 2022/2023 من الترقي إلى خارج السلم بل وستتم قرصنة سنوات أقدميتهم في السلم في إطارهم الأصلي، وستصبح وضعيتهم كخرجين، إطار متصرف تربوي بنفس الدرجة ( السلم 11) بسنتين اعتباريتين، دون مفعول مادي في الإطار الجديد”.

وبناء على ما اعتبروه ظلما في حقهم، أعلن المعنيون تأسيس تنسيقية وطنية للدفاع عن حقهم في التخرج بالدرجة الممتازة، مع الاحتفاظ بالأقدمية في الدرجة لمن ولج السلك بهذه الصفة، وإقرار التعويض عن التكوين.

وأشارت التنسيقية في بيان لها إلى أن هذا “الحيف والإقصاء”، دفع الأطر الإدارية المتدربة، والذي يتوفر أغلبهم على أقدمية مهمة في الدرجة الأولى. وفي أول أيام الأسبوع الذي تلى التوقيع على اتفاق 14 يناير 2023، إلى مقاطعة التكوينات بأشكال مختلفة داخل أغلب مراكز التكوين بطريقة عفوية ودون تنسيق مسبق، وذلك في أول أيام الأسبوع الذي تلى التوقيع على اتفاق 14 يناير 2023.

وتطالب التنسيقية أيضا بالإعلان عن جميع المناصب الشاغرة، والحركية بين الأسلاك‎، وفتح الحركة الانتقالية بعد سنة واحدة من التعيين أسوة بباقي موظفي وزارة التربية الوطنية، وإعادة النظر في نظام التقويم ‎ ‎‫والامتحانات مع إلغاء استيفاء المجزوءات، وضرورة توفير طاقم إداري مساعد، وإلغاء الإقرار في المنصب، وإقرار التعويض عن الإطار.

ودعت التنسيقية عبر بيانها إلى معادلة دبلوم متصرف تربوي بشهادة الماستر‎، وتدقيق مهام المتصرف التربوي، واقرار تعيين إقليمي، وتوفير سكن لائق لجميع المتصرفين التربويين أو إقرار تعويض مناسب عن السكن.‬

وختمت التنسيقية بيانها بالإعلان عن البرنامج النضالي سيبدأ، اليوم الخميس، بعقد لقاءات تواصلية مع النقابات و الأحزاب لتقديم الملف المطلبي، مع تنظيم أشكال احتجاجية بالمراكز طيلة أيام مقاطعة التصديق على المجزوءات، فضلا عن تنظيم أشكال أخرى أمام الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.

وفي هذا السياق، دعت البرلمانية عن حزب الاستقلال وزير التربية الوطنية إلى الكشف عن الإجراءات التي ستتخذها وزارته لتدارك ثغرات هذا الإتفاق الذي يعتبر اللبنة الأساسية للنظام الأساسي والحفاظ على حقوق الأطر الإدارية لتفادي خوضها لنضالات قد تتسبب في الرجوع إلى الأقسام وإرباك المرفق التعليمي.

وقالت البرلمانية ذاتها في سؤال كتابي وجهته للوزير بنموسى إنها تثمن ما جاء في اتفاق 14 يناير 2023 بين الحكومة والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، وخصوصا فتح الدرجة الممتازة لجميع الأطر التربوية المقصية، واستدركت قائلة: “لكن هناك فئة عبرت عن استيانها العميق من الضرر الذي لحقها، ويتعلق الأمر بفئة الأطر الإدارية المتدربة بالمراكز الجهوية للتربية والتكوين، نظرا لكونها ولجت المراكز هذه السنة اعتمادا على الشروط الموضوعة لولوج هذه المراكز، قضت أكثر من 15 سنة في التدريس وشرط التوفر على الدرجة الأولى”.

وكان رئيس الحكومة، عزيز أخنوش قد أشرف السبت 14 يناير بمقر رئاسة الحكومة بالرباط، على مراسيم توقيع اتفاق بين وزارة التربية الوطنية والنقابات التعليمية الأكثر تمثيلية، بخصوص مبادئ النظام الأساسي المرتقب.

وقد وقع على الاتفاق كل من الجامعة الوطنية للتعليم UMT، والنقابة الوطنية للتعليم CDT، والجامعة الحرة للتعليم UGTM، والنقابة الوطنية للتعليم FDT، فيما غابت الجامعة الوطنية للتعليم FNE عن مراسيم التوقيع.

وعن سبب الغياب قال نائب الكاتب العام الوطني للجامعة،عبدالرزاق الإدريسي، إن المكتب الوطني للنقابة ليست له صلاحية اتخاذ قرار التوقيع من عدمه وأن الامر يجب أن يتخذه المجلس الوطني وهو أعلى هيئة بعد المؤتمر.

وقال الإدريسي في تصريح سابق لجريدة “العمق” إن استدعاء النقابات للقاء قبيل ساعات من توقيع الاتفاق هو تعامل غير جدي، خصوصا أن آخر لقاء جمع النقابات مع الوزارة يعود إلى أكثر من شهر، وبالتالي فإن المنطق يقول بضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار مع الوزارة قبل اتخاذ أي قرار.

وأوضح أن ما تضمنه الاتفاق غير كاف، وهو ما دفع نقابته للدعوة إلى عقد مجلس وطني  مساء اليوم السبت للنظر في الاتفاق، معبرا عن أسفه لإصرار الجانب الحكومي على توقيع الاتفاق صباح اليوم السبت بالرغم من مطالبة نقابته بإعطاء مهلة للنقابات قبل التوقيع.

وقال إن الجامعة متشبثة بإيجاد حلول حقيقية لرجال ونساء التعليم وليس الهرولة للتوقيع على اتفاق لم تتوصل النقابات ببنوده إلا في وقت متاخر من الليلة الماضية، وهو ما يؤكد على أنه لم يتم أخذ النقابات بعين الاعتبار، وفق تعبيره.

وقال إن بنود الاتفاق يجب أن تتم مناقشتها مع الوزارة مباشرة وليس بين النقابات، مضيفا أن “أقل ما يمكن ان يقال حول ما يحدث أنه غير جدي وغير جاد وبالتالي لن يكون مجديا”، على حد ما أورده الإدريسي.

وكانت الجامعة الوطنية للتعليم قد أصدرت بيانا قبل ساعات من توقيع الاتفاق، أكدت فيه على أن أي اتفاق لا بد أن يستحضر تصفية الأجواء فيما يخص حماية الحريات العامة واحترام الحريات النقابية وإلغاء كل المتابعات والمحاكمات الكيدية ضد نساء ورجال التعليم ووقف المتابعات وسحب كل القرارات الإدارية التعسفية والانتقامية ضد المسؤولين النقابيين.

وشدد البيان على ضرورة الكف عن الاقتطاع التعسفي من أجور المضربين وإرجاع المبالغ المقتطعة، والزيادة العامة في الأجور والتعويضات للشغيلة التعليمية بكل فئاتها وتحسين أوضاعها المادية والمعنوية بما ينمي فعلا جاذبية المهنة وبما يتلاءم مع غلاء المعيشة وضمان العيش الكريم.

وطالبت النقابة بضرورة التجاوب الفعلي والواضح مع مطالب التنسيق النقابي الخماسي الوارد في البلاغات المشتركة منذ ‎28 شتنبر 2022 ومنها ضرورة الإقرار صراحة بإدماج الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد وأطر الدعم المفروض عليهم التعاقد في النظام العام للوظيفة العمومية.

وقالت إن تسوية المستحقات المتأخرة، رغم أهميتها وملحاحيتها، لا تدخل ضمن العرض الحكومي الذي يفترض أن يحمل مستجدات ومكاسب جديدة للشغيلة التعليمية، داعية إلى التسريع بأجرأة ما تبقى من الاتفاق المرحلي 18 يناير 2022 الموقع بين الوزارة والنقابات التعليمية والذي يخص ما يزيد عن 36 ألف موظف هو فقط وفاء بالتزام الوزارة باتفاق 18 يناير 2022 والذي من شأنه تعزيز مصداقية الحوار القطاعي.

وطالب رفاق غميمط بعدم ربط الملفات العالقة أو المطالب المشروعة للشغيلة التعليمية بالحوار المركزي، لكونها متعلقة بالسيرورة المهنية المحفزة التي تم توقيع الاتفاق المرحلي على أساسها، وخصت بالذكر المقصيين من خارج السلم والدرجة الجديدة تنفيذا لاتفاق 26 أبريل 2011 والأساتذة المبرزين وفق اتفاق 19 أبريل 2011، ومعالجة ملف الزنزانة 10 بإعمال مقتضيات المادة 112 المطبقة حاليا لفائدة بعض الفئات بالنظام الاساسي الحالي.

وفي السياق ذاته، أفاد بلاغ لرئاسة الحكومة، توصلت “العمق” بنسخة منه، بأن توقيع محضر اتفاق يشكل “وفاءً من الحكومة بأحد أهم التزاماتها، والتي تعتبر تحفيز مكونات الأسرة التعليمية مدخلا أساسيا لإصلاح المدرسة العمومية، خدمة للتلميذ والأسر المغربية”.

ويتضمّن محضر الاتفاق جزئين أساسيين، الأول يتعلق بالملفات والقضايا المتوافق بشأنها، والثاني يخص التزامات الأطراف، وتستهدف الملفات المتوافق بشأنها.

ويتعلق الأمر، وفق البلاغ ذاته، بـ”الحفاظ على المكتسبات، بما في ذلك الحفاظ على الأطر الحالية، مع العمل على خلق وإحداث أطر جديدة، وتوحيد السيرورة المهنية لكل الأطر، وخلق المنافذ والجسور بين مختلف هذه الأطر والهيئات”.

وينص الاتفاق على “إرساء هندسة تربوية جديدة تحقق التكامل والانسجام بين مختلف الهيئات، وتضمن الاستحقاق وتكافؤ الفرص بين الموظفين، والارتقاء بالوضعية المهنية والاجتماعية والمعنوية لجميع الموظفين”.

كما ينص على “تقييم الأداء المهني بناء على معايير موضوعية وقابلة للقياس، وتخليق الممارسة المهنية داخل المنظُومة التربوية، وتأمين الزمن المدرسي وزمن التعلمات”.

ووفق المصدر ذاته، فإن الاتفاق يشمل “إقرار نظام جديد لحفز الفريق التربوي والإداري بمؤسسات التربية والتعليم العمومي ذات التميز، وإدراج مهام الإدارة التربوية والإدارة المدرسية ضمن مقتضيات النظام الأساسي الجديد”.

ومن بين أهم المستجدات التي سيحملها النظام الأساسي الجديد، علاوة على إخضاع جميع الموظفين لأحكامه ومقتضياته، وتخويلهم نفس الحقوق والواجبات طيلة مسارهم المهني من التوظيف إلى التقاعد، وإلغاء الأنظمة الأساسية (12 نظاما) الخاصة بأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، التأسيس لأول مرة لأهداف تحسين وتجويد أداء هيئة التدريس وفتح آفاق الارتقاء المهني.

وأوضح البلاغ أن هذا الاتفاق “يشكل ثمرة سنة من التشاور البنّاء والحوار القطاعي الذي تطبعه الثقة والمسؤولية بين الحكومة وشركائها الاجتماعيين، كما يفتح الباب أمام تفعيل خارطة طريق إصلاح المدرسة العمومية المغربية، على أرض الواقع، تماشيا مع رغبة الملك محمد السادس، وطموح كل أسرة مغربية”.

وأضاف المصدر ذاته أنه “ورغم صعوبة الظرفية، قامت الحكومة بتسوية ملفات مطلبية ظلت عالقة لسنوات، كما خصصت نهاية سنة 2022، حوالي 2 مليار درهم لتسوية مستحقات الترقية لفائدة 85 ألف موظف بقطاع التعليم”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *