حوارات، سياسة

أغماني: تمويل الحماية الاجتماعية ممكن بـ”تعبئات الهاتف” والإصلاح بالمغرب مهمة صعبة (حوار)

قال وزير الشغل الأسبق والمستشار لدى منظمة العمل الدولية، جمال أغماني إن “على المغرب اللجوء إلى وسائل مبتكرة من أجل تعميم ورش الحماية الاجتماعية، لأنه من الصعب جدا توفير مبلغ 25 مليار درهم سنويا لتمويله، في ظل ما تعانيه أنظمة الحماية الاجتماعية من عجز”.

وأضاف أغماني في حوار مع جريدة “العمق”، أن بعض الدولة الإفريقية التي اشتغلت معها منظمة العمل الدولية، موّلت التغطية الصحية بفرض ضريبة صغيرة على “تعبئات الهاتف” لا تتجاوز 10 سنتيمات، مشيرا إلى أنه في ظل ارتفاع حجم استهلاك الهاتف النقال بشكل كبير يمكن للمغرب أن يفكر في مثل هذه الحلول.

وعلق وزير الشغل الأسبق ضمن هذا الحوار، كذلك على تأخر إخراج مدونة التعاضد التي ظلت حبيسة رفوف مجلس المستشارين منذ 2016، والتأخر الحاصل أيضا في الإفراج عن قانوني النقابات والإضراب، وكذا رفع سن التقاعد إلى 65 سنة من أجل مواجهة إفلاس أنظمة التقاعد، معتبرا أن عملية الإصلاح بالمغرب “صعبة”.

وفي ما يلي نص الحوار كاملا مع وزير التشغيل والتكوين المهني الأسبق جمال أغماني، المستشار حاليا لدى منظمة العمل الدولية:

بصفتكم وزيرا أسبقا ومستشارا لدى منظمة العمل الدولية، ما رأيكم في ورش الحماية الاجتماعية الذي شرع المغرب في تنزيله؟

المغرب كان سباقا لفتح مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، وعشنا أزمة “كوفيد-19″، والتي أظهرت ليس في المغرب فقط، بل في كل دول العالم، خصوصا في دول الجنوب والوطن العربي، أثر هذه الآفة الاجتماعية والصحية على المواطنين، فنحن في العالم العربي لا يتجاوز عدد الذين يتمتعون بالضمان الاجتماعي حوالي 33 بالمائة من الساكنة، وهناك من يقول أن المواطن العربي إذا تغذى لا يمكنه توفير واجبات الصحة وإذا ذهب للطبيب لن يستطيع توفير وجبة الغذاء.

بطبيعة الحال ورش الحماية الاجتماعية بالمغرب، على الأقل التغطية الصحية، بدأ مع سن مدونة التغطية الصحية الأساسية في عهد حكومة عبد الرحمان اليوسفي رحمه الله؛ لقد كان ورشا مهما، لكنه ظل حكرا على القطاع الخاص المنظم وعلى موظفي القطاع العمومي، أما قضايا الحماية الاجتماعية ككل لم نلمسها حتى جاءت أزمة “كوفيد” التي بينت أن العجز الذي نعاني منه في المغرب، يتعلق بالتغطية الصحية وبالجانب الاجتماعي.

ولقد جدنا فئات اجتماعية في 24 ساعة لم يعد لديها أي دخل، في الأول بادرت الدولة عبر صندوق الضمان الاجتماعي إلى منح تعويض مالي للعمال الذي فقدوا الشغل والمصرح بهم في الضمان الاجتماعي، ثم ظهرت فئة أخرى هم المواطنون الحاصلون على “راميد”، والذين منحتهم الدولة أيضا تعويضا ماديا، ثم ظهرت من جديد فئة أخرى ليس لديها لا “راميد” ولا “ضمان اجتماعي”، وتم تسجيلهم بالبطاقة الوطنية.

وضمن هذه الفئات، هناك فئات أخرى كان مفروض أن يكون مُصرح بها في الضمان الاجتماعي ولكن لا يتم التصريح بها، وهنا أؤكد على نقطة، أعتقد أن المشغل في المغرب هم الشركات، وذوي المهن الحرة من أرباب الصحف ومهندسين ومحامين وأطباء وصيادلة، ومن أصحاب السكن الذين يشغلون بوابا أو حارسا في العمارة كلهم مُشغلين ويُلزمهم القانون بالتصريح بالعمال، وهم مئات الآلاف من المواطنين.

بعد ذلك جاء الخطاب الملكي الذي أعتبره تحولا جذريا في السياسة الاجتماعية بالمغرب ويمكن أن أقول اليوم يصفتي استشاريا لدى منظمة العمل الدولية أن الخطاب الملكي كان أول مبادرة في دول الجنوب التي اعتبرتها منظمة العمل الدولية أو على الأقل خبراؤها أول استجابة لما كانت تنادي إليه المنظمة للاستثمار  في جانب الحماية الاجتماعية.

اليوم بدأنا هذا الورش الملكي المهم والذي يضم التغطية الصحية الإجبارية على المرض والتعويضات العائلية والتعويض عن فقدان عن الشغل والتقاعد، وهذا ورش كبير ولابد أن يواجه المغرب عدة صعوبات وعدة تعقيدات في تنزيله وعدة صعوبات متعلقة بتمويله.

ما هي هذه الصعوبات والتعقيدات وكيف يمكن تجاوزها؟ خاصة قضية التمويل؟

الحماية الاجتماعية عبارة عن صناديق تتطلب التمويل، والتمويل عادة يكون إما من طرف المشغل والأجير، أو الأجير نفسه إذا كان في مهنة حرة، ثم الدولة، هذه الأخيرة في المغرب لم يسبق لها أن استثمرت في الحماية الاجتماعية، يعني أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لم يتلق قط أي معونة من الدولة، وقد تكون المعونة الوحيدة التي تلقاها هي 300 مليون درهم وتسمى fonde d’amorçage لوضع قانون فقدان الشغل الذي اتفقنا عليه في الحوار الاجتماعي لسنة 2011.

اليوم يظهر لي أن المبلغ الكبير الذي على الدولة أن تستثمره لتعميم الحماية الاجتماعية هو 25 مليارا في السنة، وهو رقم كبير، وهنا أتساءل هل ستتمكن الدولة من أن توفر هذا المبلغ سنويا؟ هناك إرادة لكنها لا تكفي بغض النظر عن الأزمة، يجب التفكير في وسائل تمويل مبتكرة وحديثة، وهناك إمكانيات للتمويل المبتكر في المجال.

بعض الدول الإفريقية كنا اشتغلنا معها في بعض البرامج قامت بهذا الأمر، حيث موّلت التغطية الصحية بفرض ضريبة صغيرة على “تعبئات الهاتف” لا تتجاوز 10 سنتيمات، ولا أحد شعر بها، ونعرف أن حجم استهلاك الهاتف النقال كبير، إذن يجب أن يفكر المغرب أيضا في حلول مبتكرة، ويظهر لي أن الدولة من الصعب عليها توفير 25 مليارا سنويا خصوصا أن “كنوبس” التي تؤمن موظفي الإدارة العمومية تعاني اليوم من شبح العجز لأن المبالغ التي تقتطع “كنوبس” ظلت محددة بين 70 إلى 400 درهم، وبالتالي بدأت تظهر في السنوات الأخيرة عدم إمكانية مسايرة الملفات التي تعرض لها، خصوصا مع تضاعف عدد المتقاعدين والمصابين بأمراض مزمنة، كما دخلنا في عهد الشيخوخة، و8 بالمائة من الساكنة يتجاوز عمرها 65 سنة.

“كنوبس” مثلا إذا أرادت أن تعوضك على ملفات المرض يجب تخفيض أثمنة الأدوية، ما يعني أنه لا يمكن وضع تعريفة مرجعية جديدة لأنها مُكلّفة ماديا، ومن جانب آخر يجب مراجعة قيمة الاشتراكات، وهذا مأزق حقيقي، لأن مراجعة قيمة الاشتراكات يعني أن 50 بالمائة التي تدفعها الدولة و50 بالمائة التي يدفعها الموظف يجب أن ترتفع لضمان التوازنات إضافة إلى أن التوظيف في القطاع العمومي انخفض.

هذا من النقاشات التي يجب فتحها بالأكيد، وفي الأفق نتوقع أن يكون لدينا في المغرب مستقبلا قطبان: قطب خاص وعام يضمان التغطية الصحية والتقاعد، ولكن للوصول إليهما يجب تأهيل كل ما نتوفر عليه اليوم، وهو ما سيطرح تحدي مكانة ودور المنظومة التعاضدية في كل هذا.

 هل منظومة التعاضد بالمغرب كفيلة بتقديم حلول ناجعة لإنجاح ورش الحماية الاجتماعية؟

أنا أعتقد أن المنظومة التعاضدية مازالت تلعب دورا ولكن يجب أن تفكر وتبدع في اكتشاف مجالات عمل جديدة لحد الآن لا تشتغل عليها اليوم، مثلا في مجال الإعاقة والاهتمام بكبار السن والمتقاعدين، أنا كمنخرط في التعاضدية اليوم علاقتي بها هي تعوضني فقط على ملفات الأمراض، أكيد أنني أصبحت أيضا مستهلكا للأدوية لأن لدي أمراض مزمنة ولكن قبل سنوات لم أكن أدفع أي ملف.

عندما أتقاعد تمنحني التعاضدية 6500 درهم ولا أعرف لما يصلح هذا المبلغ، وبعد الوفاة تمنحني الكفن ومصاريف العزاء و2000 درهم لعائلتي، لكن أنا كمنخرط أريد اليوم وأنا متقاعد أن تمنحني خدمات أخرى، فإذا كنت مازلت مستقلا بذاتي قد يكون لدي في الغد مرض معين يصعب على أولادي معه أن يتحملوني.

هذه المشاكل بدأت تظهر في المجتمع المغربي، خصوصا في ظل تفكك مفهوم العائلة والأسرة، ولم تعد تلك “الدار الكبيرة”، وكل واحد لديه استقلاليته، وله منزل من 3 غرف ومطبخ وحمام ولم تعد هناك مساحة لـ”الدار الكبيرة” التي تضم الجد والجدة، لذلك يجب التفكير في دور الراحة.

ما دامت منظومة التعاضد بهذا القدر من الأهمية، لماذا بقيت المدونة الخاصة بها حبيسة رفوف البرلمان منذ سنوات طويلة؟

أولا سأتحدث عن أسباب النزول، بعد 10 أيام من تحملي المسؤولية في وزارة الشغل في أكتوبر 2007، كان أول ملف صعب اشتغلت عليه هو ملف التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، والتي عرفت العديد من الخروقات التي أثبتتها تقارير المفتشية العامة للمالية وتقارير وزارة الشغل.

القانون الذي يؤطر التعاضد يعود إلى 1963 يعني مر عليه 60 عاما، وكان يحضر الجمع العام الذي تعقده التعاضدية في الرباط 50 أو 60 شخصا، لأن عدد الموظفين آنذاك كان قليلا، وعندما بدأت أطلع على مشاكل قطاع التعاضد وما هي الأسباب التي أدت إلى كل هذه الانحرافات، وجدت أن الإطار القانوني غير مُحين، فأخذت خلاصات وتوصيات المفتشية العامة للمالية التي كانت تقدم للتعاضديات، وجاءتني الفكرة أن أعد قانونا شاملا لإصلاح نظام التعاضد واعتمدت على الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش سنة 2001 والذي دعا فيه الملك بالحرف إلى تطهير صندوق الضمان الاجتماعي وقطاع التعاضد.

آنذاك بدأنا نعد نظاما جديدا، وتساءلنا عن أسباب كل ما سُجل من اختلالات وسوء تدبير، حيث وجدنا بأن الإدارة تكون تحت مسؤولية المكتب المسير للتعاضدية أي أن المنتخبين هم الذين يتحكمون في الإدارة، وقلنا إن هذا الأمر لا يجب أن يستمر، يجب فصل مهام التسيير على مهام المنتخب، المنتخب يأخذ قراره في الجمع العام ويرفعه إلى الإدارة في استقلالية.

كما اكتشفت تقارير المفتشية العامة للمالية أن من يراقب مالية التعاضدية في الجموع العامة، هم 3 أشخاص يتم انتخابهم في الجمع العام، ويجتمعون ليقولوا بأن مالية التعاضدية سليمة، بدون أي خبير، فاقترحت في مدونة التعاضد ضرورة القيام بافتحاص خارجي، وقد أعجبني الجمع العام الأخير للتعاضدية العامة بعدما تم استدعاء خبير خارجي لافتحاص الميزانية، رغم أن القانون 6.63 لا ينص على ذلك، إذن هذا هو التركيب الأساسي لهذه المدونة.

هناك مشكل آخر ليس في مدونة التعاضد، وإنما جاء من الفصل 44 من نظام التغطية الصحية الإجبارية على المرض الذي ينص على الفصل بين التدبير للتغطية الصحية الأساسية للمرض وتقديم العلاجات، لأنه لا يمكن أن تكون مقدما للعلاجات وفي نفس الوقت تدبر العلاجات وهو ما طرح مشكلا، لأن التعاضديات كانت تملك مراكز للنظر وطب الأسنان تشتغل بهم وتعتبر جزءا من رصيد المكتب لدى التعاضدية، هذا في مدونة التغطية الصحية الإجبارية وليس في المدونة.

أعددنا مع وزارة المالية مدونة التعاضد – كان علي استشارة التعاضديات والنقابات- وقمنا بتمريرها في مجلس التعاضد، بإجماع التعاضديات والنقابات ورفعت للمجلس الحكومي وصادق عليها المجلس الوزاري في 2011 آنذاك أحيلت على البرلمان وقمت بتقديمها في الغرفة الثانية وبعد ذلك جاءت حكومة جديدة.

بعد ذلك ماذا سيقع؟ الرئيس السابق للتعاضدية بمعية حزب سياسي معين شكلوا لوبيا في مجلس المستشارين لمعارضة كل الإصلاحات الضرورية التي كانت ستدخل على المدونة، منها فصل السلط وكذلك الافتحاص الخارجي، بذريعة أن الوزراء ستسحب منهم المراكز الصحية، وبعدها صادق مجلس المستشارين على تلك التعديلات وأحيلت على مجلس النواب، وهذا الأخير أعاد قراءتها من جديد وأحالها لقراءة ثانية وظلت في مجلس المستشارين منذ 2016 إلى اليوم.

عرقلة مدونة التعاضد داخل المجلس المستشارين لازلت مستمرة، وكان يمكن للحكومات السابقة أن تضغط على البرلمان وتقدم تعديلات، لكن في بعض الأحيان مهمة الإصلاح في المغرب صعبة جدا.

المبدأ الذي يقوم عليه نظام التعاضد بالمغرب منذ 1963 هو المجانية، أي أن كل مهام المنتدبين والمجلس الإداري كلها مجانية، ولا يتقاضون أي تعويض، وأي تعويض فهو مخالف للقانون، وفي مدونة التعاضد التي أعددتها أدرجت فيها أن يتلق رئيس المجلس الإداري وأعضاء المكتب المسير تعويضات.

بما تفسرون أيضا تأخر إخراج قانوني النقابات والإضراب؟

هذا من الإشكالات الكبيرة بطبيعة الحال المشاريع التي أعددتها وقعت عليها تعديلات كثيرة وتغيرت، وسأفشي لك سرا: المشاريع التي أعددتها سابقا، يقول لي الأصدقاء النقابيون اليوم لو جاءتنا تلك المشاريع التي رفضناها في السابق، سنصادق عليها اليوم بأعيننا مغمضة.

قانون النقابات يلزمه نقاش حقيقي وصريح، وأنا شخصيا أتشبث في هذا القانون بفكرة أن المتقاعدين ليس من حقهم أن ينتخبوا كُتابا عامين أو مسؤولين في النقابات، وأقولها بقناعة ومازلت أدافع عليها إلى اليوم.

وفي مرحلتي، جل النقابيين إما ناضلت معهم أو كانوا أساتذتي في العمل النقابي وبعد ذلك أصبحت وزيرا وأتفاوض معهم، إما أتفاوض مع أساتذتي أو مع الزملاء الذي كانوا معي في النقابات، وأنا اليوم تم إحالتي على المعاش وجاء بعدي وزراء مازالوا نفس الأشخاص يتحاورون معهم، وخلال هذه المدة كل رؤساء الاتحاد العام لمقاولات المغرب تغيروا ومازال نفس الأشخاص على رأس النقابات.

كما أن متوسط سن العمال في المغرب وفق الضمان الاجتماعي بين 30 و35 سنة وهذه الفئة العمرية يجب أن تنعكس داخل الجسم النقابي اليوم أصدقاء وزملاء، أقولها لهم بصريح العبارة، يعارضون تمديد سن التقاعد لكن بأي شريعة تقول أنا ضد التمديد وفي نفس الوقت مددت لنفسك في النقابة.

هناك خلل، قد أفهم هذا عندما كان المغرب يعيش سنوات الجمر الرصاص، وكان القمع والتضييق على الحريات، لكن اليوم نسبيا الحريات العامة في المغرب محترمة، إذن فلا يمكن لهذه الإشكالات أن تستمر ويجب مناقشتها بصراحة، نفس الشيء أيضا بالنسبة لقانون الإضراب.

وفي اعتقادي أن قانوني الإضراب والنقابات أنه يجب أن يتماشيا مع بعضهما البعض، لأنه مثلا عندما نقول من له الحق في الدعوة للإضراب نقول النقابة الأكثر التمثيلية، ومن يحدد هذه النقابة الأكثر تمثيلية هو قانون النقابات إذ فلا يمكن أن تقدم البرمجة الحكومية قانون الإضراب، وتؤخر قانون النقابات لعام آخر.

تدرس الحكومة الحالية رفع سن التقاعد إلى 65 سنة لمواجهة إفلاس صناديق التقاعد، هل تعتقدون أن هذا الإجراء كفيل بتحقيق نتائج إيجابية وتجاوز الأزمة؟

هذا نقاش يهم العالم كله، فرنسا تعيشه الآن والعديد من الصناديق في الوطن العربي، في المغرب مرر رئيس الحكومة السابق عبد الإله ابن كيران إصلاحا أوليا مقياسيا في 2016 ولكن فقط أجلنا به عجز الصناديق؛ سابقا كان الناس يتوفون مبكرا، والتقاعد كان محدودا في 60 عاما، ولكن اليوم أمد الحياة يزداد ويتحسن، وهذا معطى أساسي؛ كذلك لم نستطع تطوير التقاعد التكميلي، ولو كانت لدينا هذه الأنظمة التكميلية سيتقاعد المواطن بوضعية جيدة.

السن سيفرض نفسه ومراجعة قيمة الاشتراكات أيضا، ولكن كل هذا يجب أن يتم في إطار الحوار الاجتماعي، والسؤال الذي يطرح نفسه هو من يعارض هذا هل يقدم اقتراحا؟ ثانيا أطرح سؤالا ما مدى مساهمة الدولة كدولة في تمويل كل منظومة الحماية الاجتماعية في إطار منظور التضامن، نحن لحد اليوم لسنا النظام الأمريكي أو الانجليزي.

هذا الموضوع فيه أمور مستعجلة يجب أن تناقش بصراحة وجرأة من طرف الجميع من طرف الدولة والنقابات في إطار الحور الاجتماعي، وتكرار تأجيل هذه الملفات سيزيد من تعميق العجز.

قمنا بالإصلاح الأول مع ابن كيران في 2016، وأخرنا به العجز لثلاث سنوات، واليوم لم يعد هذا التوجه يكفي، ويجب الذهاب للأقطاب، واليوم لدينا 4 أنظمة للتقاعد، كما أن الوظيفة العمومية لم تعد توظف بالشكل السابق، حيث كانت توظف 100 ألف في السنة واليوم 22 ألف، في حين أن عدد المحالين على المعاش 60 ألف في السنة.

في اعتقادي ليس هناك وصفة قارة لإصلاح أنظمة التقاعد، فقد أنجزت دراسات إكتوارية ساهمت فيها كل الأطراف بما فيهم النقابات وساهم فيها معهم مكتب العمل الدولي، وقرروا ضرورة الإصلاح من أجل الوصول إلى نظامين من التقاعد مع الأنظمة التكميلية في آخر المطاف سيكون لدينا قاعدة فيها جميع المغاربة.

الفئة الكبيرة اليوم في المغرب التي تؤدي الضرائب هم الموظفون والأجراء وتؤدي ثقلا ضريبيا كبيرا يجب مراجعت لتحقيق العدالة الضريبية والتي لا يمكنها إلا أن ترفع من دخل الأجراء والموظفين، وقد عشنا احتجاجات المحامين والأطباء، عندما طُلب منهم دفع الضرائب، ولا أحد يريد دفعها، مع العلم أن الطبيب في القطاع العام يدفع 3 أضعاف ما يدفع الطبيب في القطاع الخاص الذي يربح أكثر منه.

الإصلاح الضريبي والوصول إلى عدالة ضريبية سيساعد ويشجع للدخول في هذه الإصلاحات الجوهرية لنظام التقاعد وهذا فقط جانب، ولا يجب أن ننتظر الإصلاح الضريبي للقيام بإصلاح أنظمة التقاعد، بل يمكن الانطلاق منه.

في هذه السنة قامت الدولة بتعديل ضريبي بسيط جدا ولكنه رمزي وجيد، ولكن لا يقارن بالخطوة التي قمنا بها في 2008 حيث خفضنا بنقطتين، وكان له أثر كبير على دخل المأجورين في المغرب، لكن عموما فيما يخص إحقاق العدالة الضريبية تأخرنا فيه كثيرا لأن الحكومة كسولة، وغير مهتمة بهذا الموضوع، لأنها كانت تتخوف من رد الفعل، وهو ما وقع مع المحامين، وتركنا القطاع الليبرالي ينشأ وشجعناه، ولكن حان الوقت أن يساهم في مجهود الدولة، وحرام أن فئات تعتبر من النخبة في البلاد لم تصرح بالعمال في الضمان الاجتماعي ولا تدفع الضرائب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *