نقابة تدعو لتفعيل المقتضيات الدستورية والإصلاحات الملكية المتعلقة بمغاربة العالم

دعت المنظمة الديمقراطية للشغل إلى الإسراع بتفعيل التوجيهات الملكية ذات الصلة بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، وتنزيل بنود الدستور المتعلقة بحقوقهم ومكانتهم، بما يعزز مشاركتهم السياسية والاقتصادية والثقافية في تنمية الوطن، ويضمن كرامتهم وحماية مصالحهم في بلدان الإقامة.
وأكدت المنظمة، في بلاغ توصلت جريدة العمق المغربي بنسخة منه، بمناسبة اليوم الوطني للمهاجر (10 غشت)، أن الوقت قد حان لترجمة الإرادة السياسية الواضحة لجلالة الملك محمد السادس إلى إجراءات ملموسة، عبر إشراك الجالية في صياغة المشاريع القانونية المرتبطة بالمؤسسات الدستورية والحكامة، وتسريع وتيرة الإصلاحات لضمان تمثيلهم الديمقراطي وتفعيل حقهم في التصويت والترشح.
كما دعت إلى تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية والتقنية من خلال إحداث شباك وحيد ورفع مستوى الرقمنة، إلى جانب مكافحة الفساد والريع الذي يعرقل ولوج الجالية إلى خدمات الإدارة ويزيد من معاناتهم، خاصة في ظل استمرار الحاجة إلى الحضور الشخصي بالمغرب لإتمام العديد من المعاملات.
وشددت المنظمة على ضرورة تحفيز الاستثمار في صفوف مغاربة العالم، عبر توفير الحوافز الضريبية، وتكييف القوانين، وإحداث آليات تمويل مرنة، من شأنها رفع نسبة الاستثمارات المنتجة التي لا تتجاوز حاليًا 10% من التحويلات، مقابل 60% للاستهلاك الأسري و25% للادخار.
كما طالبت بالاهتمام بأوضاع العمال المغاربة العائدين بشكل نهائي، عبر وضع خطط لإعادة إدماجهم وأسرهم في ظروف مناسبة، وضمان استفادتهم من التغطية الاجتماعية والتأمين الصحي، وتفعيل الاتفاقيات الثنائية في مجالي الضمان الاجتماعي والقضاء.
ودعت المنظمة إلى حماية العمال والعاملات المهاجرين من الاعتداءات العنصرية وانتهاك الحقوق الاجتماعية والإنسانية، من خلال إعادة هيكلة القنصليات والسفارات المغربية، والرفع من أجور موظفيها، وتعزيز التواصل الفعال مع الجالية المغربية في مختلف دول العالم.
وفي هذا الإطار، طالبت المنظمة وزير الداخلية بعقد اجتماع فوري مع ممثلي الجالية المغربية بالخارج، من أجل إشراكهم في مراجعة المنظومة العامة للانتخابات التشريعية، بما يتماشى مع التوجيهات الملكية، وتنزيل الفصول الدستورية ذات الصلة، وعلى رأسها الفصول 16 و17 و18 و163 من دستور 2011.
واعتبرت المنظمة الديمقراطية للشغل أن تفعيل هذه المطالب يشكل حجر الزاوية لبناء علاقة شراكة حقيقية ومثمرة بين المغرب وأبنائه في الخارج، وتعزيز مساهمتهم في التنمية الشاملة والمستدامة التي تنشدها المملكة، خاصة وأن تحويلاتهم تجاوزت 100 مليار درهم خلال السنوات الخمس الماضية، وتُشكل أكثر من 7% من الناتج الداخلي الخام، بالإضافة إلى مساهمتهم بما يفوق 50% من عائدات السياحة الوطنية.
ووفق ما جاء في بلاغ المنظمة الديمقراطية للشغل، فإن اليوم الوطني للمهاجر الذي يصادف 10 غشت من كل سنة، يشكل محطة رمزية مهمة، أقرها جلالة الملك محمد السادس سنة 2003، تكريمًا للجالية المغربية المقيمة بالخارج، وتثمينًا لمساهماتها القيمة في إنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق التنمية المستدامة، وخلق فرص الشغل، ومحاربة الفقر والهشاشة.
واعتبرت المنظمة أن هذه المناسبة تشكل فرصة حقيقية للوقوف على الأوضاع التي تعيشها الجالية المغربية في الخارج، واستحضار التحديات التي تواجهها، سواء على مستوى ضمان حقوقها الإنسانية في بلدان المهجر، أو من خلال تعزيز حضورها في السياسات العمومية بالمغرب، والإنصات لمطالبها وتطلعاتها المشروعة.
وأشار البلاغ إلى أن دستور المملكة لسنة 2011 منح مكانة متميزة للجالية المغربية بالخارج، من خلال الفصول 16 و17 و18 و163، التي تنص على حماية الحقوق والمصالح، وضمان المواطنة الكاملة، بما يشمل التصويت والترشح، إضافة إلى المشاركة في المؤسسات الاستشارية، وتكريس مجلس الجالية كمؤسسة دستورية استشارية تقدم الرأي بشأن السياسات العمومية ذات الصلة.
وسجلت المنظمة، في السياق ذاته، أن جلالة الملك قد أطلق، في خطابه بمناسبة الذكرى 49 للمسيرة الخضراء (6 نونبر 2024)، رؤية استراتيجية لإعادة هيكلة المنظومة المؤسسية المكلفة بشؤون الجالية، تقوم على مرتكزين: أولهما، تحويل مجلس الجالية إلى مؤسسة دستورية مستقلة وفاعلة، وثانيهما، تأسيس “المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج” كآلية تنفيذية موحدة لتبسيط الإجراءات، وتحفيز الاستثمار، وتعبئة الكفاءات المغربية في الخارج.
غير أن المنظمة الديمقراطية للشغل سجلت، بأسف، التباطؤ الحاصل في تفعيل هذه الرؤية، مشيرة إلى أن اللجنة الوزارية العليا المكلفة بتسريع تنفيذها لم تحقق أي تقدم ملموس إلى حدود غشت 2025، كما لم يتم إصدار القوانين الخاصة بالمؤسسة المحمدية، ولا تنصيب مجلس الجالية الجديد، مما يعكس فجوة بين الإرادة السياسية المعلنة وواقع التنفيذ.
وأكدت المنظمة أن الجالية المغربية بالخارج تُعد شريكًا استراتيجيًا في تنمية المغرب، حيث تُساهم تحويلاتها بأكثر من 100 مليار درهم خلال خمس سنوات، أي ما يفوق 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وتشكّل أكثر من 50% من عائدات السياحة.
ومع ذلك، تضيف المنظمة، فإن نسبة ضئيلة فقط من هذه التحويلات توجّه نحو الاستثمار (10%)، في حين يُستحوذ على النسبة الأكبر من قبل الاستهلاك الأسري (60%) والادخار (25%)، وهو ما يعكس، حسب البلاغ، وجود معوّقات بنيوية، من بينها غياب بيئة استثمارية محفزة، وضعف آليات التمويل، وغياب بنوك خاصة بمشاريع مغاربة العالم، فضلاً عن نقص في الحوافز الضريبية والآليات القانونية.
كما شدّدت المنظمة على الصعوبات الإدارية التي تواجه الجالية، من بينها تعقيد المساطر، وغياب الرقمنة، وتردي الخدمات القنصلية، إضافة إلى تعرض عدد من أفرادها للرشوة واستغلال النفوذ والبيروقراطية، مما يضطرهم إلى التنقل المتكرر إلى المغرب، وهو ما يثقل كاهلهم ويمس بكرامتهم.
وفي السياق ذاته، نبهت المنظمة إلى الصعوبات التي تواجه المغاربة العائدين لقضاء عطلتهم الصيفية في بلدهم، خاصة ارتفاع أسعار تذاكر السفر، وضعف العرض البحري بأسعار مناسبة، مما يحرم العديد منهم من زيارة الوطن ولقاء الأهل.
اترك تعليقاً