مجتمع

بعد 7 أعوام من انهيار “عمارة سباتة” بالبيضاء.. المتهمون غادروا السجن والمتضررون بدون تعويض

بالرغم من مرور 7 سنوات على فاجعة انهيار عمارة سكنية بمقاطعة سباتة بالدار البيضاء، والتي خلفت قتلى وجرحى، إلا أن الضحايا والمتضررين لم يتوصلوا بعد بأي تعويضات، في ظل مراوحة الملف لمكانه في ردهات المحاكم بين الاستئناف والنقض.

ففي مساء الخامس من غشت 2016، انهارت عمارة مكونة من 4 طوابق، تضم شقق سكنية ومكاتب ويقع أسفلها مقهى، ما أدى إلى سقوط 4 قتلى و24 مُصابا، وهي بناية كانت تتكون من طابق واحد، قبل أن يُرخَّص لصاحبها ببناء 3 طوابق أخرى قبل 6 أشهر من الحادثة.

وبعد نصف عام من الفاجعة، أدانت المحكمة الابتدائية عين السبع، 8 متهمين بالسجن النافذ ما بين 10 أشهر و5 سنوات، وهم صاحب العمارة المنهارة و3 مهندسين وتقني و3 موظفين بالجماعة، وهي أحكام أيدتها محكمة الاستئناف مع رفع عقوبة الموظفين، قبل أن يصل الملف لمحكمة النقض، ثم عاد للاستئناف مجددا.

وفي الوقت التي غادر فيه كل المتهمون أسوار السجن عقب انتهاء مدة محكوميتهم، فإن الأسر المتضررة من تلك المأساة، لا زالت تتجرع مراراة المعاناة والتشرد، منهم من فقد قريبه، ومن أصيب بعاهة مستديمة، وآخرون فقدوا شققهم وممتلكاتهم.

ومن بين هؤلاء، أسرة يوسف شقور، الذي تضرر منزله الملاصق للعمارة المنهارة، ما دفع المجلس الجماعي إلى هدم المبنى المكون من 3 طوابق حفاظا على سلامة سكانه، إلا أن أسرة شقور ظلت بدون مسكن منذ ذاك الحين، متنقلة بين دور الكراء في انتظار حكم قضائي نهائي.

مرارة التشرد 

يقول يوسف إن أسرته تتجرع مرارة التشرد والتفكك منذ سنوات، مضيفا: “منذ وقوع الفاجعة ونحن في الشارع، طرقنا مجموعة من الأبواب لإيجاد حل لمعضلتنا لكن بدون جدوى، عرضنا مشكلتنا على عامل بنمسيك وعدد من المنتخبين والمسؤولين المحليين بحي سباتة، إلا أن التجاهل كان هو سيد الموقف”.

وكانت محكمة الاستئناف قد أيدت الحكم الابتدائي بأداء تعويضات بملايين السنتيمات للمتضررين، بشكل تضامني بين المتهمين، إلا أنهم غادروا أسوار السجن بعد انتهاء مدة محكوميتهم، دون أن يتوصل المتضررون بأي تعويض، بعد إعادة محكمة النقض للملف إلى الاستئناف من جديد.

وفي هذا الصدد، يرى يوسف أن لجوء المتهمين، وعلى رأسهم المقاول صاحب المنزل، إلى محكمة النقض، “هدفه الاستفادة من طول المدة الزمنية التي تستغرقها المساطر والإجراءات القضائية في هذا الصدد”، ملتمسا من الرئيس الأول لمحكمة النقض، التدخل لمعرفة أسباب التأخير الذي عرفه الملف.

منزل شقور قبل هدمه من طرف السلطات

وشدد المتحدث في اتصال لجريدة “العمق”، على أن أسرته المكونة من 5 أفراد، لا تطالب بأي شيء سوى بالتعويضات التي أقرتها المحكمة، من أجل إعادة تشييد منزل جديد، مشيرا إلى أن السلطات هي من هدمت منزله دون أن توفر لهم سكنا أو بديلا أو مساعدة منذ 7 سنوات.

وتابع قوله بأن “هناك أزيد من 34 متضررا ما بين من فقدوا أرواحهم ومن أصيبوا، ومن فقدوا منازلهم وسيارتهم ومكاتبهم، والآن عاد الملف إلى نقطة الصفر بعدما أحالت محكمة النقض الملف إلى الاستئناف مجددا”.

وأشار شقور إلى أن أسرته اضطرت إلى أخذ قرض لإعادة بناء منزلها، غير أن مبلغ القرض لم يكن كافيا لإكمال أشغال البناء، مضيفا: “حاليا نحن نعيش تحت وطأة القرض ومصاريف الكراء، ولولا مساعدة عائلاتنا لكان وضعنا أسوء بكثير”، وفق تعبيره.

وكشف شقور أنه راسل وزير العدل السابق والحالي، والرئيس الأول لمحكمة النقض، والرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ورئيس مقاطعة سباتة، وبعض الهيئات الحقوقية، لكن من دون أي جدوى.

منزل شقور بعد هدمه من طرف السلطات

وأضاف: “لقد سئمنا الإنتظار وضقنا ذرعا بهذا التماطل، فنحن أكبر المتضررين في هذه القضية نظرا لأننا مشردين منذ 7 سنوات وبعيدين عن مقر سكننا. ما الذنب الذي اقترفناه وما الجرم الذي ارتكبناه حتى نعاقب بهذا الشكل ويحكم علينا بالتشرد والضياع طيلة 7 سنوات؟”.

وناشد المتحدث الملك محمد السادس، التدخل من أجل إنصاف المتضررين، مشيرا إلى أنه “فقد الثقة في كل الفاعلين السياسيين الذين صموا آذانهم ولم يتفاعلوا مع تظلماتنا”، مردفا: “نحن الآن في مأزق حقيقي حيث صرنا مهددين بالتشرد أكثر من أي وقت مضى”.

هذا وحاولت جريدة “العمق” التواصل مع رئيس مقاطعة سباتة بالدار البيضاء، من أجل معرفة وجهة نظره في الملف، إلا أنه لم يتفاعل مع اتصال ورسالة الجريدة.

تفاصيل الأحكام

وكانت المحكمة الابتدائية عين السبع بالدار البيضاء، قد أصدرت يوم 8 مارس 2017، أحكاما تراوحت بين 10 أشهر و5 سنوات سجنا نافذا في حق ثمانية متهمين توبعوا في ملف انهيار عمارة باسباتة بالدار البيضاء.

وقضت المحكمة بخمس سنوات سجنا نافذا على المتهم الرئيسي، المقاول صاحب العمارة المنهارة (ح.خ)، وبغرامة مالية تبلغ 10 آلاف درهم، وعلى أحد التقنيين (ص.م) بثلاث سنوات حبسا نافذا وبثمانية آلاف درهم كغرامة مالية.

كما حكمت على المهندسين (م.م) و(ب.م) بسنتين حبسا نافذا وغرامة مالية تصل ألف درهم، وعلى المهندس المعماري (ح.م) بسنة ونصف حبسا نافذا وغرامة مالية بقيمة ألف درهم.

لحظات بعد انهيار عمارة سباتة

وقضت بسنة حبسا نافذا وغرامة مالية ألف درهم على مراقب تقني (ع.م)، وكذا على مراقبين من موظفي بالجماعة (ج.م) و(ب.ع) بعشرة أشهر سجنا نافذا وغرامة مالية تبلغ ألف درهم على كل واحد منهما.

وأيدت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، يوم 7 يونيو 2017، الحكم الابتدائي الصادر في حق المتهمين، مع رفع العقوبة الصادرة في حق مراقبين بالجماعة إلى 18 شهرا لكل واحد منهما.

وتوبع المتهمون الثمانية بالارتشاء وتسليم ترخيص بدون حق، والمشاركة في صنع شهادة تتضمن وقائع غير صحيحة، والتسبب في القتل غير العمد نتيجة عدم مراعاة النظم والقوانين، كل حسب ما نسب إليه.

غير أن المتهمين، وعلى رأسهم المقاول صاحب العمارة، طعن في الحكم لدى محكمة النقض، هذه الأخيرة وبعد شهور من النظر في الملف، قضت بإرجاع القضية إلى الاستئناف مجددا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *