مجتمع

المهاجرون الأفارقة بالمغرب.. فراغ قانوني و”ظلم اجتماعي”

تعرف مواقع التواصل الاجتماعي، إطلاق حملات إلكترونية واسعة وُصفت بـ”العنصرية”، إحداها ترفض زواج المغربيات من أفارقة جنوب الصحراء، وأخرى وصلت إلى حد المطالبة بطرد الأفارقة.

وفي هذا الوضع، طفت على السطح نقاشات حول المعاناة التي تعتري المهاجرين في المغرب بشكل عام والأفارقة على وجه الخصوص، وعن إشكالاتها والأسباب الكامنة من وراءها.

فراغ قانوني

يرى الخبير في قضايا الهجرة خالد مونة، أن المغرب يعيش فراغا قانونيا في ملف الهجرة، إذ لا يتوفر على قانون ينظم وضعية اللجوء، مشيرا إلى أن القانون 02.03 الذي يؤطر قضايا المهاجرين في المغرب يظل ذا أبعاد أمنية أكثر، وتم إعداده بإملاءات من الاتحاد الأوروبي، وفق تعبيره.

يقول مونة إن أحد الإشكالات الرئيسية لمعاناة المهاجرين بالمغرب هي غياب التدبير التشاركي لملف الهجرة والمهاجرين الأفارقة، بين أجهزة مركزية تجعل منه سياسة استراتيجية تنفرد بنقاطها الكبرى، ومدبرين للشأن المحلي عاجزين على تسوية وضعية المهاجرين بالمدن التي يضطلعون بتدبير شأنها، ظنا منهم أن ذلك خارج عن المهام الخاصة بهم.

وأشار إلى أن التسوية التي تمت لصالح عدد من المهاجرين في المغرب سنتي 2014 و2015 تمت بشكل استثنائي، وذلك عملا بتقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي سلط الضوء على الوضعية الحقوقية المزرية التي يعيشها المهاجرون الأفارقة بالمغرب.

وأضاف أن هذا الفراغ القانوني، جعل الوضعية القانونية للمهاجرين وضعية هشة، وأكثر هشاشة عندما يتعلق الأمر بالمهاجرين الذين لم تتم تسوية وضعيتهم أو الذين دخلوا المغرب في السنوات الأخيرة.

من جانبه، قال الحقوقي عادل تشيكيطو، إن “الممارسات الخطير الأخيرة التي وصلت إلى حد الدعوة إلى عدم الزواج من المهاجرين الأفارقة، وصيانة العرق المغربي، ترقى إلى مستوى العنصرية”.

ودعا الناشط ذاته إلى دق ناقوس الخطر وتحرك الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والمؤسسات المعنية لإصلاح الأمر، وتجاوز مرحلة الصمت التي قد تؤدي لعواقب وخيمة.

تجمعات المهاجرين

في هذا السياق، يرى مونة أن التجمعات الخاصة بالمهاجرين الأفارقة بعد من المدن تعد أحد أشكال التضامن لمواجهة الفقر والهشاشة التي يعانون منها لعدم قدرتهم على مواجهتها أفرادا.

وميَّز في ذلك بين التجمعات بمدن الالتقاء، والتجمعات بمدن الاستقرار ذات البينية الاقتصادية (الدار البيضاء وطنجة)، والتجمعات بمدن الانطلاقة والعبور.

وأضاف أن هاته التجمعات هي أحد الأسباب الرئيسية لما يعانيه المهاجرون الأفارقة بالمغرب، كونها تجعلهم في وضعية مكشوفة أكثر من اللزوم.

وأوضح في الوقت ذاته أن عددهم أقل من المتصور وضئيل جدا مقارنة بعدد السكان المغاربة، حيث لا يتجاوزون 70 ألف مهاجر مقيم وغير مقيم.

أسباب اجتماعية

يذهب مونة إلى القول إن الحملة ضد المهاجرين لا تتوجه إليهم بسبب لونهم بل بسبب الوضعية الاجتماعية التي يعيشونها، مضيفا أن النظرة التي يوليها المغاربة لهم مرتبطة أساسا بالتجمعات وما ينتج عنها من جرائم وإشكالات، وهي ضئيلة على حد قول المتحدث.

من جانبه، يرى تشيكيطو أن الحملة التي يتعرض لها المهاجرون الأفارقة نشأت عن عدد من التحولات التي وقعت على مستوى بنية المجتمع المدني ككل، وعلى رأسها الارتفاع الكبير في نسبة العطالة لدى المغاربة، والتي تجعلهم يرفضون السياسات الحكومية، بما فيه ذلك السياسات التي تهتم بتدبير أمور اللاجئين.

وأضاف أن أحد العوامل التي ساهمت فيما يتعرض له الأفارقة هو بعض السلوكات التي تأتي من التجمعات الخاصة بهم، والتي تكون أحيانا عنيفة وجانحة بشكل فردي أو جماعي، والتي قد تصل إلى حد اقتحام المنازل والإقامة بها، إلى جانب سلوكات أخرى تتنافى مع التقاليد والأعراف المغربية.

وقال تشيكيطو إن هذه الظاهرة نمت بشكل سريع جدا، مضيفا أنه من المعهود أن تحدث مثل هاته التحولات السوسيولوجيا بشكل تدريجي غير أنها تقع اليوم في المغرب بشكل سريع وفي غفلة من الجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *