أما بعد

أما بعد.. متى يطلق “سراح” نفق تيشكا ويرفع “الحيف” عن الجنوب الشرقي؟

مرتفعات الأطلس الكبير

“من نهار عقلت على راسي وأنا أسمع بنفق تيشكا”، هكذا علق وزير أسبق سنة 2017 على موضوع متعلق بواحد من المشاكل العديدة التي يعانيها الجنوب الشرقي، وهي العبارة التهكمية التي باتت صالحة للاستعمال في كل ما يخص هذه المنطقة “شبه المنسية” من “المغرب غير النافع”، والتي لم يقدر لها بعد أن تحظى حتى بطريق سلس يربطها بباقي ربوع المغرب خصوصا في اتجاه مراكش الذي يعتبر الاتجاه الرسمي لغالبية مدن ومداشر جهة درعة تافيلالت نحو مركز البلاد.

وبعد أن كان النقاش فيما مضى ينصب حول نجاعة الفكرة وأهميتها، أو كما وصفها وزير التجهيز والنقل الأسبق عزيز الرباح في جلسة برلمانية “تكلفة عالية وربحية غير مضمونة”، لم يعد يختلف اثنان اليوم في عائد النفق على جهة درعة تافيلالت والمناطق المحيطة بها، أو في عائده الاقتصادي والاجتماعي (وكذلك السياسي حيث أصبح الموضوع يحظى باهتمام البرامج والحملات الانتخابية بالمنطقة)، وهذا الإجماع، أو شبه الإجماع إن صح التعبير، وهو ما أكدته النتائج الأولية للدراسات التي أطلقت بهذا الشأن ولم تنته به، وهي الدراسات التي سبق لوزير التجهيز السابق عبد القادر اعمارة أن وعد بانتهائها سنة 2021، وكنا ننتظر أن تكون أشغال شق النفق قد انطلقت فعليا اليوم.

ولكن للأسف، مازال الجواب الوزاري عن الملف محصورا في ترديد المعطيات الخاصة بتقدير النفقات والمسافة للخيارين المطروحين حول مسار النفق، (المسار عبر جماعة أوريكا على طول 10 كيلومترات سيكلف غلافا ماليا مقدرا بحوالي 10 ملايير درهم، وسيؤدي إلى اختصار 80 دقيقة من زمن الرحلة من مراكش إلى ورزازات، ثم المسار عبر تيشكا على 5,5 كيلومترات والذي سيكلف غلافا مقدرا بحوالي 7 ملايير درهما لكنه سيختصر على مستعملي الطريق مدة 20 دقيقة فقط)؛ وهي المعطيات التي مازلت تتكرر على المسامع لما يزيد عن 3 سنين دون أي تحول ملحوظ لا في ما يقال أو فيما ينجز لتسريع المساطر والقرارات فما بالك بالحديث عن تنزيل المشروع على أرض الواقع.

إن الحاجة اليوم ماسة إلى تسريع وتيرة أي مشروع يربط جهة درعة تافيلالت بالجهات المجاورة لها، خاصة جهة مراكش آسفي، نظرا للترابطات الجغرافية ولاعتماد كليهما على العائد السياحي، وللحركة السياحية المكثفة بين مطار المنارة الدولي وزوار الجهة المفتقدة لمطار دولي بحجم تطلعاتها، وكذا لإقبال الوافدين الأجانب على سياحة الصحراء، ثم لارتباط مجموعة من المشاريع الاقتصادية والاجتماعية بانسيابية حركة المرور وقدرتها على الصمود دون انقطاع بسبب تقلبات الطقس، وكذلك نظرا لأهمية اختصار مدة التنقل وأثرها على مختلف مناحي الحياة،دون الحديث عن مرضى هذه المناطق المحرومة من الخدمات الصحية ذات الجودة، وحاجتهم لطريق توصلهم في أسرع وقت إلى المستشفيات الجامعية… إلخ، وهي العوامل التي يوفرها النفق أكثر من الطريق الحالية التي تعيش بدورها تذبذبا وركودا على مستوى أشغال الصيانة التي كان من المقرر أن تنتهي قبل عدة سنوات غير أنها اليوم تكاد تراوح النصف فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *